وصلت حصة روسيا من الغاز الطبيعي إلى نحو 41% من إجمالي استهلاك أوروبا للغاز سنويا في 2021 (AFP)
تابعنا

تعيش أسواق الطاقة العالمية إحدى أكبر أزمات شح الإمدادات منذ الثورة الإيرانية عام 1979، إذ بدأ الحديث عن دخول الاقتصاد العالمي في حرب طاقة ثالثة.

ففي الوقت الذي اتخذت فيه دول العالم خصوصاً الأوروبية، تحركات دولية للبحث عن إمدادات متنوعة للطاقة، بدأت مواجهة تحديات أخرى مثل حوادث تسرب الغاز في أنبوبَي غاز طبيعي يمتدان من روسيا إلى أوروبا.

من جهة أخرى بدأت دول الاتحاد الأوروبي البحث عن أساليب تقشف في استهلاك الطاقة خلال الشتاء المقبل، لدرجة أن الأمر وصل في ألمانيا إلى دعوات لعدم إضاءة شجرة الميلاد، فيما دعت النمسا إلى تقليص مدة الاستحمام.

ودارت حرب الطاقة الأولى عام 1973، خلال الصراع العربي الإسرائيلي، عندما استخدمت دول الخليج بقيادة السعودية النفط، سلاحاً في تلك الحقبة.

فيما دارت حرب الطاقة الثانية خلال الثورة الإيرانية، في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وتعرضت فيها أسواق الطاقة العالمية لشح إمدادات بسبب تراجع صادرات النفط الإيراني.

حرب الطاقة الثالثة

منذ أزيد من 4 عقود، عززت روسيا وبالتعاون مع دول أوروبا وبالتحديد ألمانيا، نفسها أكبر مزود للطاقة يخاصة الغاز الطبيعي اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية والتدفئة.

ووصلت حصة روسيا من الغاز الطبيعي إلى نحو 41% من إجمالي استهلاك أوروبا للغاز سنويا في 2021، بأكثر من 175 مليار متر مكعب سنوياً.

كذلك، كانت روسيا تمد أوروبا يومياً بمتوسط مليونَي برميل من النفط الخام، ونحو 1.8 مليون برميل يومياً من المشتقات، إذ تعد موسكو ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والسعودية بمتوسط يومي 11 مليون برميل.

أما في الوقت الحالي تراجعت إمدادات روسيا من الغاز الطبيعي بنسبة فاقت 70%، وربما ترتفع إلى 90% بعد إعلان تسرب للغاز في أهم أنبوبَين حالييَّن يزودان أوروبا.

كذلك ستطول حزمة عقوبات أوروبية ضد روسيا، تُطبََّق بحلول نهاية العام الجاري، صناعة النفط، عبر حجب واردات النفط البحرية والمشتقات كذلك.

وتدريجياً، تحولت إمدادات الطاقة الروسية (الغاز والنفط) شرقاً، نحو أسواق آسيا التي فتحت شهيتها للأسعار المخفضة التي قدمتها موسكو، على النفط الخام بالتحديد.

في الأثناء، بدأ قادة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يجوبون العالم شرقاً وغرباً بحثاً عن مصادر بديلة للطاقة، مع يقينهم أنهم لن ينجحوا في تعويض مصادر الطاقة الروسية بالكامل.

وقال المحلل في وكالة بلومبيرغ، ديفيد فيكلنغ، هذا الأسبوع حول ما يجري في سوق الطاقة العالمية خلال العقود الماضية، إن حرب الطاقة الأولى والثانية، انتهت دائماً بانتصار البترول ومنتجيه، "الدرس المستفاد هو أن العالم خرج من الحربين أكثر اعتماداً على النفط والغاز أكثر من أي وقت مضى".

لكن منذ حرب الطاقة الثانية، بدأت دول العالم المستهلكة للطاقة تبحث عن مصادر أخرى، مثل الغاز الطبيعي والطاقة النووية والفحم، والطاقة المتجددة.

في الولايات المتحدة، استغرق الأمر عقدَيْن لاستهلاك النفط الخام المسجل عند مستويات 18.5 مليون برميل يومياً والتي بلغها في عام 1978.

فيما لم تصل دول الاتحاد الأوروبي أبداً إلى مستويات طلبها اليومية البالغة 16.9 مليون برميل في 1979، على الرغم من الاقتصاد الذي يزيد حجمه على ضعف ما كان عليه في ذلك الوقت.

والسبب في ذلك، هو تراجع الطلب على النفط عما كان عليه سابقاً، مع ظهور مزيج آخر من مصادر الطاقة بدلاً من النفط ومشتقاته.

شكّل النفط عام 1973 نحو نصف استهلاك الطاقة الأولية في العالم، واليوم تبلغ الحصة 31%، حسب بيانات بلومبيرغ.

إلا أن الطلب العالمي على النفط الخام، صعد من متوسط 70 مليون برميل يومياً في ثمانينيات القرن الماضي، إلى نحو 101 مليون برميل يومياً في توقعات العام الجاري.

ولا يزال النفط يلقى طلباً في السوق العالمية، وهو ما يجعل حرب الطاقة الحالية في صالح روسيا، إلى حين انتشار مصادر الطاقة غير الأحفورية في غالبية اقتصادات العالم.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً