القصة التي تعرف إعلامياً باسم "جريمة الفيرمونت" لم يتم الكشف عنها حتى عام 2020 (Reuters)
تابعنا

هزت قضية اغتصاب فتاة جماعياً في فندق شهير في القاهرة قبل ست سنوات، وتحديداً في عام 2014، الأوساط المصرية، حيث استدرج مجموعة من الشباب إحدى الفتيات، وخدّروها بمشروب، ثم فقدت وعيها، واقتادوها إلى إحدى غرف فندق فيرمونت نايل سيتي بالقاهرة، وتناوبوا على اغتصابها، وفيما بعد كتب الجناة أحرف أسمائهم الأولى على جسدها، وصوروها بشكل متتالٍ.

القصة التي تعرف إعلامياً باسم "جريمة الفيرمونت" لم يتم الكشف عنها حتى عام 2020، لتتحول إلى قضية رأي عام، تزعم الحكومة المصرية من خلال القضية "وجود أكبر شبكة لحفلات الجنس الجماعي" و"المثلية الجنسية في مصر".

وتدعي التحريات الحكومية وجود "شبكة من الشباب" بينهم أبناء رجال أعمال وسياسيين وفنانين وابن مرشح رئاسي سابق، لم تتضح هويته بعد.

نهاية يوليو/تموز.. بداية القصة

خرجت القصة إلى العلن في أواخر يوليو/تموز 2020، أي بعد ست سنوات من الجريمة، عندما قامت صفحة "شرطة الاعتداءات" Assault Police، التي سبق أن قادت المتهم بالاغتصاب أحمد بسام ذكي إلى السجن بتهم اغتصاب وتحرش بحق عشرات النساء، بطلب شهادات أخرى ومعلومات من الشهود عن "قضية الفيرمونت"، لكنها اضطرت إلى الغلق تماماً بعد تهديدات بالقتل تلقاها القائمون عليها.

بعد ذلك ظهرت صفحات أخرى داعمة للقضية تحاول نشر ما يُعرف من معلومات، مثل صفحة مغتصبون، وCat Calls of Cairo.

وبحسب الشهادة التي نشرتها صفحة Gang Rapists of Cairo، إحدى الصفحات الرئيسية التي تتبنى هذه الحملة، فقد قام ستة أشخاص، على الأقل، في 2014، بتخدير المجني عليها باستخدام مخدر GHB وخطفوها إلى غرفة بالفندق وتناوبوا على اغتصابها، وحفروا الحروف الأولى من أسمائهم على جسدها، ثم صوروا الواقعة، وتداولوها فيما بينهم وبين معارفهم كنوع من التباهي.

عقب ذلك تصدر هاشتاغ #جريمة_الفيرمونت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وطالب من خلاله آلاف النشطاء السلطات المصرية بضرورة التحقيق في الواقعة.

31 يوليو/تموز ..الفندق يعلن علمه بالجريمة

في31 يوليو/تموز 2020 أعلنت إدارة فندق "فيرمونت نايل سيتي" في القاهرة أنها على دراية وتتابع ما يتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن حادثة الاغتصاب الجماعي لفتاة، قد تكون وقعت بالفندق في أثناء حفل خاص بأحد منظمي المناسبات والحفلات عام 2014.

وأضاف الفندق في بيان نشره عبر حسابه على تويتر: أنه "تم التواصل على الفور بين فريق عمل الفندق والمجموعات المسؤولة عن تلك الأخبار لتقديم المساعدة والدعم".

5 أغسطس/آب..بداية التحقيقات

عقب الضجة التي أحدثها النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قدم المجلس القومي للمرأة خطاباً للنيابة مرفق به شكوى قدمتها الضحية، في 4 أغسطس/آب 2020.

ليقوم النائب العام في صباح اليوم التالي بفتح تحقيق في الواقعة ومراجعة الأوراق المقدمة بخصوصها.

"الحقيقة الضائعة"

في قضايا متشعبة ومتداخلة مثل تلك القضية، يحاول فيها أصحاب النفوذ ومقاليد الحكم حماية أبنائهم إذا هُيئت لهم الظروف المناسبة لتزوير الحقائق، فقد يبدو مستحيلاً أن يعرف أحد ما حدث بالضبط، خاصة مع تداول أسماء أبناء لرجال أعمال مشاهير في مصر متهمين في القضية.

بعد يوم من بداية التحقيقات زعمت المحامية نشوى صفاء الدين، عبر حسابها على موقع “فيسبوك”، أنها حصلت على قسيمة زواج نازلي مصطفى كريم، ابنة الممثلة نهى العمروسي، من شاب يدعى عمرو إبراهيم غريب فارس، لتكتشف بعد البحث أن الفتاة متورطة في اختلاق قصة "جريمة الفيرمونت"، وذلك بسبب خلافاتها مع زوجها المذكور، فقررت الانتقام منه بهذه الطريقة.

وتبنى عدد من وسائل الإعلام المصرية وجهة النظر تلك التي تنفي حدوث "جريمة اغتصاب" من الأساس، لتحاول إظهار أن الضحية كانت إحدى الفتيات المشاركات في حفلة الجنس الجماعي التي أقيمت في الفندق تلك الليلة.

وبحسب وسائل إعلام مصرية فإن التحريات الأولية خلصت إلى أن المعلومات المعروفة عن جريمة فيرمونت ليست صحيحة تماماً، وركزت بيانات جهات التحقيق المصرية على تفاصيل أخرى في القضية، تدعي أن هذه الجريمة تكشف "أكبر شبكة منحرفة بين الشباب من الجنسين".

جدير بالذكر أن التحريات في القانون المصري "لا تعدو أن تكون إلا مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب".

25 أغسطس/آب.. هروب المتهمين

أصدر النائب العام يوم 24 أغسطس/آب 2020 قراراً بضبط وإحضار تسعة متهمين في القضية، ووضعهم على قوائم الممنوعين من السفر. ليتم ضرب عرض الحائط بقرار النائب العام إذ لم تُبلغ به السلطات في مطار القاهرة الدولي أو أنها بُلغت ولم تنفذه، حتى انتهى الأمر بهروب سبعة متهمين خارج البلاد عبر مطار القاهرة في اليوم التالي لقرار النائب العام.

في حين تمكنت السلطات من إلقاء القبض على متهم واحد يدعى “أمير زايد" في مطار القاهرة في أثناء محاولته الهروب، في 26 أغسطس/آب 2020.

27 أغسطس/آب .. الإنتربول يلاحق المتهمين

قررت النيابة العامة المصرية حبس المتهم أمير زايد 4 أيام على ذمة التحقيق، كما اتخذت إجراءات ملاحقة المتهمين الهاربين عبر الإنتربول (جهاز الشرطة الدولية).

وقال بيان صادر عن النيابة نشرته على فيسبوك إن النيابة العامة تتخذ إجراءات الملاحقة القضائية الدولية للمتهمين الهاربين في واقعة التعدي على فتاة بفندق فيرمونت نَايل سيتي.

وأضاف البيان أنه ورد للنيابة العامة محضر من الشرطة ثبت فيه "مغادرة سبعة من المتهمين، الصادر أمر بضبطهم وإحضارهم على ذمة الواقعة، إلى خارج البلاد عبر ميناء القاهرة الجوي".

29 أغسطس/آب.. لبنان يلقي القبض على3من المتهمين في القضية

أوقفت قوى الأمن الداخلي في لبنان ثلاثة من المتهمين المصريين في القضية، وفقاً لما ذكره بيان لشعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني، مساء السبت 29 أغسطس/آب 2020.

وقال البيان: إنه "بتاريخ 27 أغسطس/آب الحالي، ورد إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي كتاب من مكتب الإنتربول في مصر، يتضمن أسماء سبعة أشخاص من الجنسية المصرية، موجودين في لبنان متهمين باغتصاب فتاة خلال عام 2014 في أحد فنادق القاهرة".

وتبين للقوى الأمنية، بحسب البيان، أن خمسة من أصل سبعة كانوا قد دخلوا لبنان بتواريخ سابقة، ثم غادر اثنان منهم، ليرسو العدد على ثلاثة مشتبه بهم، داخل الأراضي اللبنانية.

وتابع البيان: "تبين أن المذكورين قد غادروا الفنادق التي كانوا نزلاء فيها، تاركين حقائبهم داخل الغرف، وتمكنت القوى الأمنية من تحديد مكان وجودهم، في بلدة فتقا (في قضاء كسروان شمالي بيروت)، وقامت بمداهمة المكان، وتمكنت من توقيفهم بناء على إشارة النيابة العامة التمييزية".

الشهود تحت المقصلة

صباح الاثنين31 أغسطس/آب 2020 ألقت قوات الأمن القبض على ثلاث على الأقل من الشاهدات في القضية، بحسب مصدرين مقربين من الحملات المطالبة بالقبض على المتهمين، وفقاً لما أوده موقع مدى مصر.

ويأتي هذا بالتزامن مع نشر حسابات مجهولة على تويتر صوراً وفيديوهات شخصية تخص إحدى الشاهدات في القضية.

وتواجه الفتيات الشاهدات على واقعة اغتصاب الفتاة المذكورة، وفقاً لما تداولته صحف محلية، عدّة تهم منها: "تعاطي المخدرات، والتحريض على الفسق والفجور، والتحريض على المثلية الجنسية، وإقامة حفلات جنس جماعي، وإثارة مشكلات وهمية تخص قضية العنف ضد المرأة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي".

وقد أثار خبر القبض على الفتيات استياء النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ممّن فسّروا الأمر على أنه قد يكون محاولة من السلطات لحماية المتهمين أبناء أصحاب النفوذ القوي في البلاد.

قضية رأي عام

جريمة الفيرمونت وإن كانت أكثر بشاعة، وما خفي من تفاصيلها ولم يكشف عنه بعد أكثر ممَّا ظهر، فإنها تُذكّر بالمسلسل الدرامي المصري الذي أنتج عام2007 بعنوان "قضية رأي عام"، الذي تناول قضية اغتصاب جماعي لثلاث سيدات بينهم امرأة حامل على يد أبناء سياسيين ورجال أعمال وأصحاب نفوذ قوي، حاولوا الضغط على الضحايا وتهديدهن بشتى الطرق حتى يفلتوا من العقاب، لتتحول القضية إلى "قضية رأي عام" فيما بعد، وهو ما انتقل إلى أرض الواقع بواقعة "فيرمونت الأخيرة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً