أحد المتظاهرين يرتدي ملابس عليها صورة ريجيني في المظاهرات المستمرة منذ مقتله  (AFP)
تابعنا

تعود قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني إلى الواجهة مجدداً بعد مرور ما يقارب الثلاث سنوات، منذ العثور على جثته على الطريق الصحراوي شمال القاهرة في فبراير/شباط 2016، وما تبعه من تطورات تضاربت فيها الروايات الرسمية المصرية حول الحادث، وتوترت خلالها العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيطاليا.

وكانت وكالة الأنباء الإيطالية، أنسا، قد أعلنت الخميس، اعتزام المدعي العام الإيطالي سيرجيو كولايوكو فتح تحقيق رسمي، حول ضلوع 7 أشخاص من قوات الأمن الوطني والمخابرات المصرية في تعذيب ومقتل ريجيني، وهي المرة الأولى، منذ بدء التحقيقات، التي يوجّه فيها القضاء الإيطالي التهم لأشخاص بعينهم، بالإضافة إلى اعتزام البرلمان الإيطالي إيقاف علاقاته الدبلوماسية مع مصر لحين الاستجابة للتحقيقات والكشف عن حقيقة ما حدث.

وتتضمن لائحة المشتبه بهم العقيد شريف مجدي عبد العال، والضابط عثمان حلمي؛ للاشتباه في توجيههم الأوامر لنقيب الباعة الجائلين، محمد عبد الله، بالتجسس على ريجيني خلال قيامه بأبحاث تتعلق بحراك النقابات العمالية في مصر، وفقاً لصحيفة الجارديان البريطانية.

وجاء قرار المدعي العام الإيطالي بتوجيه لائحة اتهام رسمية دون الرجوع إلى الجانب المصري، بعد الاجتماع العاشر مع السلطات المصرية لاستعراض مسار التحقيقات، والذي أعلن عنه بيان نشرته النيابة العامة المصرية الأربعاء الماضي.

ولم يتضمن البيان تفاصيل عن الوفد الإيطالي ومدة الزيارة، لكنه تحدث عن اجتماع ثنائي بين البلدين استمراراً للتعاون في التحقيقات؛ حيث قام الوفد الإيطالي بعرض النتائج التي توصلت إليها التحقيقات الرسمية حول أبحاث الدكتوراه التي كان يُجريها ريجيني، كما عرض الجانب المصري نتائج الفحص الفني الدقيق لتسجيلات كاميرات محطات مترو الأنفاق المسترجعة، خاصة في الجزئية الملتقطة بالمنطقة المعتمة في تلك التسجيلات وفقاً للبيان المصري.

مقتل ريجيني

وصل ريجيني في سبتمبر/أيلول 2015، إلى مصر للقيام ببحثه الأكاديمي حول دور النقابات العمالية المستقلة بعد ثورة 25 يناير، واهتم خلال فترة إقامته القصيرة بإجراء مقابلات واسعة مع نشطاء ومعارضين ومسؤولين عن الحراك العمّالي، كما كان يكتب في صحيفة المانيفستو الإيطالية اليسارية باسم مستعار، منتقداً هيمنة النظام في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي والاعتداء على حرية الصحافة.

وكان نشاط ريجيني في مصر واطلاعه الواسع يعِد ببحث معمّق حول الحراك العمّالي في مصر، لكن البحث لم يكتمل؛ فقد اختفى ريجيني يوم 25يناير/كانون الثاني 2016، الذكرى الخامسة للثورة المصرية، بعد مغادرته منزله وتوجهه للقاء صديق له.

وتم العثور على جثة جوليو ريجيني ملقاة على طريق القاهرة/ الإسكندرية الصحراوي، وقد ظهر عليها آثار تعذيب وحروق بالغة، ليُقر الطب الشرعي حينها بمقتله جراء تعذيب شديد لعدة أيام، وهو ما أثار موجة من غضب الرأي العام العربي والعالمي.

ادعاءات السلطات المصرية

وضع مقتل ريجيني النظام المصري على المحك، فقد تسببت الأزمة في توتر العلاقات بين مصر وإيطاليا، حيث هددت السلطات الإيطالية باتخاذ إجراءات فورية وملائمة ضد مصر، في حال امتنعت عن التعاون الجدي والكشف عن حقيقة مقتله بشفافية كاملة.

كما قامت إيطاليا بسحب سفيرها من القاهرة عقب مقتل ريجيني بشهرين، ولم ترسل سفيراً جديداً إلا بعد مرور حوالي 17 شهراً. ووجهت وسائل إعلام إيطالية الاتهام حينها إلى أجهزة الأمن المصري بالضلوع في تعذيب وقتل ريجيني، في الوقت الذي أصرت فيه السلطات المصرية على النفي.

وتضاربت الروايات المصرية الرسمية حول الحادث، ما بين اتهام ريجيني بالجاسوسية أو إدمان المخدرات أو علاقته بعملية تهريب آثار، وهو ما نفاه تكشُّف الوقائع الواحدة تلو الأخرى.

وبلغت تلك الروايات الهزلية ذروتها في 24 مارس/آذار 2016، حين نشرت وزارة الداخلية المصرية بياناً حول تصفيتها لتشكيل عصابي مكون من 5 أفراد متخصص في خطف وسرقة الأجانب، وقامت قوات الأمن المصري بقتلهم داخل"ميكروباص" دون محاكمة أو تحقيق، ما يُعد انتهاكاً جديداً لحقوق الإنسان في محاولة لإنهاء القضية التي أثارت الرأي العام العالمي.

يأتي قرار إيطاليا باعتزامها استكمال التحقيقات وتوجيه الاتهامات لأشخاص محددين، بعد انتظار طويل ومماطلة من الجانب المصري، في محاولة لكشف تفاصيل الحادث الذي يُعتقد بتورط مسؤولين من أجهزة الأمن والمخابرات المصرية به، وهو ما سيتضح خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وفي وقت لاحق، استدعى وزير الخارجية الإيطالي السفير المصري، الجمعة، وطلب منه تطبيق العدالة لمعرفة مَن وراء مقتل ريجيني.

وتزامناً مع الاستدعاء، أعرب مجلس النواب المصري، الجمعة، عن أسفه لما اعتبره استباقاً للأحداث من قِبل نظيره الإيطالي، ومحاولة القفز على نتائج التحقيقات الخاصة بمقتل الباحث الإيطالي.

ويُعد هذا أول تعليق رسمي للقاهرة، عقب إعلان البرلمان الإيطالي تعليق علاقاته مع نظيره المصري، واعتزام السلطات القضائية الإيطالية إجراء تحقيقات مع 7 أمنيين مصريين في إيطاليا.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً