جون بولتن يتهم دونالد ترمب بطلب المساعدة من الصين من أجل الفوز بدورة انتخابية ثانية  (AP)
تابعنا

في تصوير محرج لكواليس البيت الأبيض، نشرت وسائل إعلام أمريكية مقتطفات من كتاب مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، المثير للجدل داخل الأوساط السياسية، والذي التجأ ترمب بسببه إلى القضاء لمنع نشره.

الكتاب الذي يحكي مرحلة تاريخية مهمة للإدارة الأكثر جدلاً في تاريخ الولايات المتحدة، أظهرت مقتطفاته المنشورة تناقضاً كبيراً في إدارة ترمب، وصورته رجلاً غير مطلع على العالم، وأخرجته في صورة الرجل الذي يسعى فقط للفوز بدورة انتخابية أخرى.

رئيس "غريب الأطوار"

تقول صحيفة واشنطن بوست إنها حصلت على كتاب جون بولتون قبل نشره، مشيرة إلى أن "الكتاب يصور ترمب كقائد عام "غريب الأطوار" و"غير مطلع بشكل مذهل""، ويستعرض سلسلة طويلة من المواجهات المزعجة والمقلقة بين الرئيس وكبار مستشاريه والقادة الأجانب.

وبحسب الصحيفة، يصف بولتون مستشاري الرئيس بأنهم يشعرون بالذهول في كثير من الأحيان بسبب ترمب، ويقول إن مجموعة من المسؤولين، بمن في ذلك كبير موظفي البيت الابيض جون كيلي ووزير الخارجية مايك بومبيو وبولتون نفسه، درسوا تقديم الاستقالة بسبب الاشمئزاز أو الإحباط.

وتنقل الصحيفة عن بولتن قوله: إن "بومبيو تكلم كثيراً على ترمب في غيابه، وفي إحدى المرات بعد مشاركته في اتصال هاتفي خرج وقال إنه كان على وشك الإصابة بنوبة قلبية".

وتشير واشنطن بوست إلى التصرفات المريبة للرئيس الأمريكي، إذ قالت: إنه "كان مهتماًً لأشهر بتقديم هدية اقترحها عبر بومبيو للرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ اون، وهي عبارة عن أسطوانة غناء لمغنٍ أمريكي، بعد أن كان قد وصف الزعيم الكوري الشمالي برجل الصواريخ. وكان يسأل دائماً هل سُلمت أم لا؟".

وأضافت الصحيفة أن ترمب لم يكن يعلم أن "بريطانيا دولة نووية، وكان يعتقد أن فنلندا جزء من روسيا"، بحسب ما نقلته عن كتاب جون بولتون.

وفي علاقته الغريبة بالصحافة، نسب كتاب بولتون إلى الرئيس الأمريكي تصريحات له خلال اجتماع انعقد في نيوجيرزي في صيف 2019، إذ قال ترمب بحسب رواية بولتون إن الصحفيين يجب إيداعهم السجون حتى يكشفوا عن مصادرهم: "هؤلاء يجب إعدامهم. إنهم حثالة".

من أجل عيون إيفانكا

واشنطن بوست، وفي معرض نقلها عن كتاب بولتن، قالت إن الغرض الرئيسي من بيان ترمب بشأن موقف واشنطن من محمد بن سلمان بعد مقتل خاشقجي كان إبعاد الانتباه عن استخدام ايفانكا ترمب لبريدها الإلكتروني الشخصي للمراسلات الرسمية.

وأضافت مقتطفات الكتاب أن ترمب قابل ردود الفعل النارية تجاه موقفه في الدفاع عن محمد بن سلمان في قضية مقتل خاشقجي بالقول إن هذه القضية "ستشتت الانتباه عن إيفانكا" التي استخدمت بريدها الإلكتروني الشخصي لمراسلات رسمية.

قمع الأويغور مقابل الدعم الانتخابي

اتهم مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون الرئيس ترمب بارتكاب أخطاء فادحة، منها أنه طلب صراحة من الرئيس الصيني شي جين بينغ المساعدة في انتخابه لفترة ثانية.

وقال بولتون أيضاً إن الرئيس الأمريكي عبّر عن استعداده لوقف تحقيقات جنائية وإسداء "معروف شخصي لطغاة يحبهم"، وذلك وفقاً لما ورد في مقتطف نشرته صحيفة نيويورك تايمز من كتابه.

وذكر بولتون في كتابه أن ترمب خلال قمة مع الرئيس الصيني في يونيو/حزيران من العام الماضي، "حوّل المحادثة بشكل مفاجئ إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ملمحاً إلى قدرات الصين الاقتصادية للتأثير في الحملات الجارية، ملتمساً من شي أن يضمن أنه سيفوز".

وفي المقتطفات التي نشرتها صحف الواشنطن بوست ونيويورك تايمز ووول ستريت جورنال كتب بولتون أن ترمب شدد على أهمية المزارعين الأمريكيين، وأن "زيادة الصين مشترياتها من فول الصويا والقمح" يمكن أن تؤثر في النتيجة الانتخابية في الولايات المتحدة.

وزعم بولتن أن ترمب عبر لنظيره الصيني عن تأييده له "في بناء معسكرات اعتقال لإيواء مئات الآلاف من الأقلية العرقية الأويغور".

وفي قمة باليابان عام 2019، وفي ظل وجود مترجمين فقط، شرح الرئيس الصيني لترمب وضع "المعسكرات الصينية الخاصة بالأويغور، المتميزين عرقياً وثقافياً عن الغالبية العظمى من سكان البلاد من عرقية الهان، والذين يشتبه في أن لديهم ميولاً انفصالية"

وقال الكتاب: "وفقاً لمترجمنا، قال ترمب إن شي جين بينغ يجب أن يمضي قدماً في بناء المعسكرات، وهو ما أعتقد أنه الشيء الصحيح الذي يجب فعله."

واعتبر بولتن أن هذا سيكون تصريحاً صادماً صادراً عن رئيس الولايات المتحدة، حيث يحمي التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة الحق في المعتقدات والممارسات الدينية، ويمنع الحكومة من خلق أو تفضيل عقيدة على أخرى.

صدام داخلي

كتاب بولتون قدم ذريعة جديدة لمنتقدي ترمب قبل انتخابات الرئاسة المقررة في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، بما في ذلك حواراته مع الرئيس الصيني التي تطرقت في إحدى المرات إلى موضوع الانتخابات الأمريكية.

وفي حديثه عن الوضع داخلياً، قال بولتون في مقتطفات من الكتاب نشرتها وول ستريت جورنال: "لو لم ينشغل الديمقراطيون المؤيدون للمساءلة بقضية أوكرانيا في 2019، ولو أنهم استغلوا الوقت في التقصي بأسلوب أكثر منهجية في مسار ترمب في مجمل سياساته الخارجية، لربما جاءت نتيجة المساءلة مختلفة تماماً".

وبرأ مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون ساحة ترمب في أوائل فبراير/شباط الماضي، حيث واجه اتهامات بتعليق مساعدات عسكرية لأوكرانيا العام الماضي للضغط على رئيسها فولوديمير زيلينسكي كي يكشف عن معلومات تضر بمنافسه الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن.

وقال ترمب لقناة فوكس نيوز في مقابلة منفصلة إن بولتون خرق القانون بإدراجه معلومات في غاية السرية في الكتاب.

ويشير منتقدو بولتون إلى أنه أحجم عن الشهادة في استجواب بمجلس النواب في وقت ربما كان حديثه فيه في غاية الأهمية.

وشن النائب الديمقراطي آدم شيف، الذي قاد فريق الادعاء في قضية مساءلة الرئيس الجمهوري ترمب، هجوماً على بولتون الذي هدده بأنه " سيقيم دعوى قضائية إذا استدعي للمثول أمام لجنة التحقيق".

وقال شيف في حسابه على تويتر: "لقد فضل الاحتفاظ بالمعلومات من أجل كتاب... بولتون ربما كان مؤلفاً، لكنه يفتقر للحس الوطني".

ورفعت الحكومة الأمريكية دعوى لمنع بولتون من نشر الكتاب، مشيرة إلى مخاطر تمس الأمن القومي، وهي تسعى إلى انعقاد جلسة بالمحكمة يوم الجمعة.

ورفضت دار النشر "سايمون اند شوستر" الاتهامات، وقالت إنها وزعت بالفعل "مئات الآلاف من النسخ".

TRT عربي
الأكثر تداولاً