العلاقات السعودية الأمريكية تشهد توتراً خلال الفترة الأخيرة (Getty Images)
تابعنا

كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي FBI "سهواً"، هوية مسؤول سابق بالسفارة السعودية في واشنطن، يشتبه عملاء المكتب في تقديمه دعماً قوياً لاثنين من المشاركين بهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 الإرهابية، وجاء ذلك وفق ما ذكره موقع "ياهو نيوز" الأمريكي، الأربعاء.

وثيقة سرية

جاءت تلك المعلومة في وثيقة جديدة قدمها مسؤول كبير في مكتب التحقيقات الفيدرالي لإحدى المحاكم الاتحادية، رداً على دعوى رفعتها عائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول، والتي تتهم الحكومة السعودية بالتواطؤ في الهجمات.

ورغم أن الوثيقة تحجب اسم المسؤول السعودي، فإن اسمه ورد بالخطأ في إحدى الفقرات، وفق الموقع الذي ذكر أن هذا يعتبر أحد أكثر أسرار الحكومة الأمريكية حساسية حول الهجمات.

ويتعلق الأمر باسم مساعد أحمد الجراح، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية السعودية تم تكليفه بالسفارة السعودية في واشنطن العاصمة بين عامي 1999 و2000.

فيما شملت واجبات أحمد الجراح الإشراف على أنشطة موظفي وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية بالمساجد والمراكز الإسلامية الممولة من طرف السعودية داخل الولايات المتحدة، حسب ما ذكره ياهو نيوز.

وكشفت الوثيقة التي كتبها مسؤول كبير بمكتب التحقيقات أن هناك شكوكاً واشتباهاً في قيام الجراح بتقديم المساعدات لاثنين من إرهابيي القاعدة، اللذين قاما بتنفيذ الهجوم الإرهابي الذي استهدف مركز التجارة العالمي. فيما لم تشر الوثيقة إلى مكان وجود الجراح حالياً.

مزيد من الدلائل على علاقة السعودية بالمنفذين؟

وحسب بريت إيغلسون، المتحدث باسم أسر ضحايا 11 سبتمبر/أيلول، فإن ذلك يمثل خرقاً كبيراً في القضية التي طال أمدها، إذ يقدم لأول مرة تأكيداً واضحاً على أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذين يحققون في الهجمات، يعتقدون أنهم اكتشفوا وجود صلة بين الخاطفين وبين السفارة السعودية في واشنطن.

إلا أنه من غير الواضح مدى قوة الأدلة ضد المسؤول السعودي السابق، لكن الكشف الذي أكد مسؤول حكومي أمريكي كبير أنه حدث بالخطأ، يرجح أن يعيد إحياء الأسئلة حول روابط محتملة بين موظفين رسميين سعوديين والهجمات، بحسب المصدر نفسه.

هل تسربت المعلومة بالخطأ؟

أوضح الموقع كذلك أن "الكشف المذكور سلط الضوء على الجهود الاستثنائية التي بذلها كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خلال الأشهر الأخيرة لمنع تسرب الوثائق الداخلية حول القضية وظهورها إلى العلن".

إيغلسون، الذي قُتل والده في الهجمات، قال إن "هذا يظهر أن هناك تستراً حكومياً كاملاً على تورط السعودية بالهجمات الإرهابية".  

وكان محامو وزارة العدل قد أبلغوا محامي أسر ضحايا 11 سبتمبر/أيلول بهوية المسؤول في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أنهم فعلوا ذلك بموجب أمر حماية يمنع أفراد الأسر من الكشف عن اسم المسؤول علانية.

وفي وقت لاحق، سحب مسؤولو وزارة العدل إعلان مكتب التحقيقات الذي يكشف اسم المسؤول السعودي.

موقع "ياهو نيوز" ذكر كذلك أن "مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل رفضوا التعليق على الكيفية التي جرى بها الكشف الخاطئ".

ورقة ضغط أمريكية جديدة؟

احتمالية أخرى يفرضها السياق الحالي تشير إلى أن هذا التسريب قد يكون ورقة ضغط أمريكية جديدة على المملكة العربية السعودية، بعد التصعيد الأخير الذي حدث على خلفية حرب النفط.

في الوقت الذي ضغطت فيه الولايات المتحدة على السعودية لإنهاء حرب أسعار النفط مع روسيا، أعطى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القادة السعوديين إنذاراً نهائياً بخصوص الأزمة في مكالمة هاتفية في 2 أبريل/نيسان، وفقاً لرويترز.

وفي مكالمة هاتفية، قال ترمب لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إنه ما لم تبدأ منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في خفض الإنتاج، فإنه سيكون عاجزاً عن منع المشرعين الأمريكيين من تمرير تشريع لسحب القوات الأمريكية من المملكة، وفقاً لأربعة مصادر مطلعة على الأمر لرويترز.

وعقب ذلك نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمريكيين لم تذكر أسماءهم، أن الولايات المتحدة ستسحب من السعودية 4 بطاريات "باتريوت"، بالإضافة إلى عشرات العسكريين الذين أرسِلوا إلى هناك عقب الهجمات الصاروخية على المنشآت النفطية في العام الماضي.

وأضاف المسؤولون أن الولايات المتحدة سحبت سربين من الطائرات المقاتلة، وستدرس أيضا تقليص وجود القوات البحرية الأمريكية في الخليج.

وجاءت تصريحات الرئيس الأمريكي في هذا السياق أيضاً ونقلتها صحيفة ''وول ستريت جورنال'' الخميس 7 مايو/أيار٫ والتي أكد فيها أنه على السعودية أن تدفع المال إن كانت تريد التنعم بحماية قوات المارينز والوقاية من أي أخطار قد تتهددها.

وأشار إلى أن "عهد الحماية المجانية انتهى وأن على الدول التي تحظى بهذه الخدمة أن تحترم بلاده على الأقل٫ لأن هنالك بعض البلدان استغلت بلاده دون مقابل وهذا ما لن يتكرر مستقبلاً".

كما أن ثمة مزاجاً عاماً ساخطاً على أداء السعودية عقب سلوكها في حرب أسعار النفط والتي أدت إلى تدمير عدة شركات أمريكية عاملة في مجال النفط الصخري، وفق الصحيفة الأمريكية.

ونشر موقع "ذي هيل" مقالاً للخبير بشؤون النفط والخليج بمعهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى، سايمون هندرسون، يتساءل فيه عما إذا كان قرار سحب قوات وقدرات عسكرية من السعودية محاولة من إدارة الرئيس ترمب لتذكر ولي العهد السعودي "بمن هو السيد في اللعبة".

ومن جانب آخر دعت الكاتبة الأمريكية أنيله شيلاين في مقال لها بموقع "ذي أمريكان كونسريفاتيف" الولايات المتحدة للتخلص من عبء المملكة العربية السعودية، معتبرة أن العلاقة بين الجانبين لم تعد مناسبة للقرن الحادي والعشرين، بعد استغناء واشنطن عن النفط السعودي.

وعليه يمكن قراءة التسريب الأخير لمكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه في إطار تذكير السعودية بقواعد اللعبة، خاصة وأن محاولة الربط بين الإدارة السعودية وأحداث11 سبتمبر/أيلول ليست وليدة اللحظة.

ومن المعلوم أن الكونغرس الأمريكي كان قد أقر قانون "جاستا"، الذي اعتبر أنه موجه ضد السعودية بالتحديد لابتزازها مالياً بمبالغ طائلة٫ تحت غطاء حق ذوي ضحايا أحداث سبتمبر/أيلول 2001 برفع قضايا للحصول على التعويضات ضد الذين خططوا ونفذوا لهذا العمل الإرهابي.

ولم يستطع الرئيس الأمريكي آنذاك أن يوقف هذا المشروع رغم أنه عرقله، ما جعل المئات من أهالي الضحايا يتوجهون إلى محكمة "منهاتن" في نيويورك لرفع دعاوى جماعية ضد السعودية بتهمة تمويل الإرهاب والمطالبة بالتعويضات، بالرغم من أن مدير المخابرات المركزية الأمريكية جون برينان، أكد في شهر يونيو/حزيران 2016، أنه يتوقع نشر 28 صفحة سرية من تقرير للكونغرس الأمريكي عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وأنه على الولايات المتحدة أن تبرئ السعودية من أي مسؤولية عن هذه الهجمات.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً