دراسة تقول إن التغييرات المناخية الصغيرة تؤدي إلى تأثيرات كبيرة (David Gray/Reuters)
تابعنا

أظهرت دراسة حديثة أن الاضطرابات المفاجئة في مناخ الأرض قبل آلاف السنين والتي تسببت في ارتفاع شديد في مستوى سطح البحر وذوبان كثيف للجليد، قد تشكل إنذاراً لما قد تشهده مناطق تعاني وضعاً مناخياً حرجاً في عالمنا اليوم.

وهذه النقاط المناخية الحاسمة التي من المستحيل العودة إلى الوضع الذي كان يسبقها على مرّ القرون أو أكثر هي بمثابة نقاط تحول فاصلة قد تطرأ إثرها تغيرات سريعة وكبيرة على الطبيعة.

وهي تشمل كوارث تلوح في الأفق، مثل ذوبان الصفائح الجليدية في غرينلاند وفي غرب أنتاركتيكا الذي قد يؤدي بدوره إلى رفع مستوى البحر بأكثر من 10 أمتار.

لكن من المعلوم أنه من الصعب جدّاً استباق اضطرابات كهذه، نظراً إلى التغيرات البسيطة نسبياً أو التراكمية في بعض العوامل التي قد تثيرها مثل تركُّز الكربون في الغلاف الجوي.

وقد ركّز فريق دولي من العلماء على اختلالين أساسيين في الطبيعة ناجمين عن تغيرات في الطوف الجليدي والمحيطات والمتساقطات، من خلال استعراض أحداث مناخية سابقة. وقد نشرت خلاصاتهم في مجلة "نيتشر جيوساينس".

ودرسوا الظروف المسببة لموجة الاحترار المعروفة ببولينغ-أليرود قبل نحو 15 ألف سنة التي أدت إلى ارتفاع حرارة الهواء على سطح الأرض إلى 14 درجة مئوية في غرينلاند.

وركّز الفريق أيضاً على ما يُعرف بالفترة الإفريقية الرطبة قبل نحو 5-6 آلاف سنة التي أدت إلى تغيرات إقليمية في النظم البيئية وفي مجتمعات ما قبل التاريخ.

وخلصوا إلى أن نظماً مناخية سابقة متعددة، مثل ديناميات المحيط وأنماط التساقطات، كانت تتباطأ مع اقترابها من نقطة تحول تخفق بعدها في التعافي من تداعيات الاضطرابات.

وقال تيم لنتون المشارك في الدراسة مدير معهد النظم العالمية في جامعة إكستر، إن "الماضي القريب للأرض يظهر لنا كيف سببت تغييرات مباغتة في نظامنا تداعيات متعاقبة على النظم البيئية والتجمعات البشرية، في جهودها للصمود".

وأكد: "نحن أمام خطر مواجهة نقاط تحول متعاقبة مجدداً، لكنه هذه المرة من صنع يدنا، وستكون التداعيات عالمية"، مشيراً إلى أهمية أنظمة الإنذار المبكرة في هذا الصدد.

انقسام علمي

وقد نجد قبل 800 ألف سنة أقل مستويات مشابهة لثاني أكسيد الكربون في الجوّ عند حدود 412 جزءاً بالمليون، لكن معدل تركز ثاني أكسيد الكربون لا سابق له.

وينقسم العلماء حول تاريخ أو إمكان تحريك التبدلات عند نقاط التحول، لكنّ كثيرين يعتقدون أن تأثيرات مثل ذوبان الصفيحة الجليدية باتت ثابتة بسبب تلوث الكربون.

وقال مؤلفو الدراسة التي نُشرت على الإنترنت أخيراً إنها تحوي أدلة على أن تأثيرات التغييرات المفاجئة في الماضي في نظام الأرض تضافرت لتسبب اضطرابات على مستوى الكوكب برمته.

وعلى سبيل المثال، تسببت التغييرات في مستويات الجليد والتيارات المحيطية في بداية فترة احترار بولينغ-أليرود في أواخر العصر الجليدي الأخير، في تأثيرات متتالية، مثل انخفاض مستويات الأكسيجين في المحيطات وتعديلات في الغطاء النباتي ومستويات ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي.

وقال المؤلف الرئيسي فيكتور بروفكين من معهد ماكس بلانك للأرصاد الجوية: "قد يبدو الأمر غير منطقي، لكن التنبؤ بالمستقبل قد يتطلب النظر إلى الماضي".

وأضاف: "فرصة اكتشاف التغيرات المفاجئة ونقاط التحول، حيث تؤدي التغييرات الصغيرة إلى تأثيرات كبيرة، تزداد مع طول مدة عمليات الرصد".

وأردف: "لهذا يكتسب تحليل التغييرات المفاجئة وتسلسلها المسجل في المحفوظات الجيولوجية أهمية كبيرة".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً