الرئيس الأميركي دونالد ترمب بصحبة صهره جاريد كوشنر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان  (Reuters)
تابعنا

ما المهم:كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن طبيعة العلاقات التي تجمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومستشاره بالبيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط جاريد كوشنر، وقد ظهر تأثير ذلك في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكذلك في ملف حرب اليمن.

ولم يكن معروفاً بالتحديد كيف نمَت هذه العلاقة ووصلت إلى هذا الحد من المتانة، إلى أن نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، تقريراً، السبت 8 ديسمبر/كانون الأول كشفت فيه كيف بدأت العلاقة بين الشابين، ومراحل تطورها، حتى وصلت إلى المرحلة التي أصبح فيها كوشنر أهم المدافعين عن ابن سلمان في البيت الأبيض، خلال العاصفة الدولية الأخيرة ضده، جراء حادثة مقتل خاشقجي.

المشهد: رغم القيود التي تنص على أنَّ أعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي ينبغي عليهم المشاركة في كل الاتصالات الهاتفية مع القادة الأجانب، إلا أن كوشنر وابن سلمان ظلا على اتصال خاص بصورة حميمية وصلت إلى تحدثهما سوياً منادياً كلٌّ منهما الآخر باسمه الأول، بحسب ما كشفت نيويورك تايمز.

لم تنقطع الأحاديث بين الرجلين بعد حادثة مقتل خاشقجي، ومع استنتاج وكالة الاستخبارات الأميركية أن ابن سلمان متورط في الحادث، أصبح كوشنر أهم مدافع عن ولي العهد داخل البيت الأبيض، وفقاً لما قاله أشخاص مُطّلعون على المداولات الداخلية في البيت الأبيض.

ولعب كوشنر الدور الرئيس والأهم في تشكيل العلاقة بين إدارة ترمب والسعودية، حيث أقنع ترمب بجعل زيارته الخارجية الأولى كرئيسٍ إلى السعودية، على الرغم من اعتراض وزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون، الذي يمتلك خبرة طويلة في التفاوض مع السعوديين والدول العربية بفضل عمله مديراً تنفيذياً لشركة إكسون موبيل للبترول.

وحاول كوشنر صياغة مقترح حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني مستغلاً الروابط القوية لعائلته مع إسرائيل، ولأن سلطته، بوصفه من أعضاء أسرة ترمب، سوف تكون أمراً مفهوماً في العائلات المالكة العربية، مثل السعودية التي كان مقتنعاً بدورها في حله المقترح.

الخلفيات والدوافع: تثبت وثائق ورسائل بريد إلكتروني ورسائل نصية اطلعت عليها صحيفة نيويورك تايمز، أن العلاقات بين كوشنر والأمير ابن سلمان توطدت على مدار أكثر من عامين.

وبدأت هذه العلاقة بزيارة وفدٍ من المقربين لابن سلمان إلى الولايات المتحدة في وقتٍ مبكرٍ بعدما انتُخب ترمب رئيساً، وعاد الوفد بتقرير يُعرِّف كوشنر باعتباره نقطة حاسمة في التقرب من الإدارة الأميركية الجديدة، التي خلفت إدارة أوباما التي لم يكن السعوديون راضين عنها تماماً.

حاول السعوديون، بحسب الوثائق، استغلال منصب كوشنر كمستشار في البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، للاتفاق على أجندة موحدة مع إدارة ترمب يتولون تنفيذها سوياً، أبرزها القضية الفلسطينية، والشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة، ومحاربة ما أطلقوا عليه "التطرف الديني"، ومواجهة إيران. وتمثلت مخرجات هذه الأجندة في القمة الإسلامية الأميركية في الرياض.

بين السطور: في المقابل تولى كوشنر تسويق ابن سلمان في واشنطن، محاولاً التأثير في عملية توريث العرش الملكي السعودي، وقد كان للإمارات يد في الترويج للأمير عبر العلاقة التي جمعت بين سفيرها في واشنطن يوسف العتيبة وجاريد كوشنر.

وساعد كوشنر بعدها في إيصال الأمير محمد بن سلمان للوصول إلى مأدبة غداء رسمية مع ترمب في حجرة طعام داخل البيت الأبيض.

بعد فترة وجيزة من زيارة كوشنر للرياض مع الرئيس الأميركي في مايو/أيّار 2017، نسَّق الأمير محمد بن سلمان عملية الإطاحة بابن عمه الأكبر، الأمير محمد بن نايف، وإقصائه عن وزارة الداخلية السعودية ليحل محله كوليٍّ للعهد، كما أعلن حصاره الجارة الخليجية قطر.

وبعد أيام من إجراء كوشنر زيارة غير معلنة للرياض في خريف عام 2017، احتجز ولي العهد دون سابق إنذار نحو 200 ثري سعودي، ضمنهم عدد من أبناء عمومته من العائلة المالكة، فيما عُرف باعتقالات ريتز كارلتون بالرياض.

عقب ذلك، بدأ مسؤولون رفيعو المستوى في الخارجية الأميركية والبنتاغون يشعرون بالقلق حيال الاتصالات المباشرة بين الأمير محمد بن سلمان وكوشنر، ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤول سابق في البيت الأبيض قوله "كان هناك خطورة من أن السعوديين يتلاعبون به".

ما التالي:يرى الصحفي محمد مجدي المتخصص في الشأن الأميركي، أن كوشنر يلعب حالياً دور حلقة الوصل بين الحكومة الإسرائيلية ومحمد بن سلمان بحكم علاقته الجيدة بالطرفين، وفي المقابل، ابن سلمان مستعد للتنازل لأقصى درجة مقابل المرور إلى العرش.

ويضيف مجدي في تصريحاته لـTRT عربي، أن كوشنر ما زال يحاول حماية ابن سلمان من قضية خاشقجي رغم التكلفة السياسية العالية التي تتحملها إدارة ترمب، قائلاً "لولا كوشنر لعوقب ابن سلمان".

ويشير مجدي إلى وجود انزعاج حقيقي لدى المسؤولين الأميركيين تجاه الاتصالات غير الرسمية التي تتم بين كوشنر وابن سلمان، متوقعاً أن تتدخل المؤسسات الأميركية لوقف الأمر عند حده؛ لعدم الإضرار بالمصالح الأميركية في الشرق الأوسط.

TRT عربي
الأكثر تداولاً