لا يزال التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ومنظمة الصحة العالمية، في تصاعد. فعلى الرغم مما أعلنته المنظمة من استعدادها لإجراء تحقيق مستقل في الاستجابة مع جائحة كورونا، لم يكتفِ ترمب باتهام المنظمة الدولية بسوء التعامل، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، مهدداً بوقف تمويل بلاده إياها تماماً.
"تجميد دائم"
هدد ترمب بتجميد دائم للدعم المالي الذي تقدّمه الولايات المتحدة لمنظمة الصحة العالمية، "ما لم تجرِ الأخيرة تحسينات جذرية في غضون 30 يوماً".
ونشر ترمب الثلاثاء على تويتر، نص الرسالة التي أرسلها إلى مدير عام المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، معلِّقاً بأن الرسالة "تشرح نفسها".
وقال ترمب في رسالته، إنه "ما لم تلتزم منظمة الصحة العالمية إجراء تحسينات جذرية في غضون الـ30 يوماً المقبلة، سأحوّل تجميد الولايات المتحدة تمويل المنظمة من مؤقت إلى دائم، وسأعيد النظر في عضويتنا بها".
وأشار الرئيس الأمريكي إلى أنهم أجروا تدقيقاً في أداء المنظمة حيال مواجهة وباء كورونا، وعلاقتها بالصين، وتوصلوا إلى نتائج حول ذلك. كما اتهم المنظمة بـ"عدم التدقيق الكافي في الأوضاع الصحية في مدينة ووهان الصينية" التي ظهر فيها الفيروس للمرة الأولى، في ديسمبر/كانون الأول 2019، و"تجاهل الأخبار المتعلقة بالأمر".
ولفت إلى أن المسؤولين في تايوان، أخبروا المنظمة في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن الفيروس ينتقل بين البشر، مضيفاً أن "المنظمة اختارت عدم مشاركة هذه المعلومة الخطيرة، مع بقية دو ل العالم.. ربما لأسباب سياسية".
وقال: "عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 مارس/آذار، أن كورونا جائحة عالمية، كان الأمر متأخراً، بعد أن انتشر الفيروس في 114 دولة، ومات بسببه أكثر من 4 آلاف، وأصيب أكثر من 100 ألف".
انتقادات أوروبية وصينية
من جهته اتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً معارضاً لخطوة الرئيس الأمريكي، إذ انتقدت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية فيرجيني باتو في مؤتمر صحفي عقدته الثلاثاء، تهديدات ترمب. وشددت على أن الوقت الراهن هو "وقت إظهار التضامن، وليس توجيه أصابع الاتهام أو تقويض التعاون متعدد الأطراف".
في السياق نفسه طالبت الصين الولايات المتحدة بـ"التخلي عن اتهام الآخرين والتهرب من المسؤولية" خلال أزمة كورونا.
واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جاو ليجين في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء، تصريحات ترمب المهاجمة لمنظمة الصحة العالمية، بمثابة "توجيه خاطئ للرأي العام"، مضيفاً أن الرئيس الأمريكي يحاول صرف النظر عن "عدم كفاءة" إدارته في التعامل مع الأزمة. ودعا المسؤول الصيني واشنطن إلى تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي، في مواجهة الأزمة.
في المقابل لم يتوقف ترمب عن تصعيده الكلامي ضد بكين، زاعماً أنها "تسعى لإلقاء اللوم على الجميع فيما عداها". وأضاف في تغريدة نشرها الأربعاء، أن "عدم كفاءة الصين، لا شيئاً آخر، هي السبب في القتل الجماعي الذي يعيشه العالم".
توافق على تقييم مستقل
تهديدات ترمب جاءت على الرغم من إعلان الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية الثلاثاء، موافقتها على إجراء تقييم لمدى استجابة المنظمة لتفشي فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
وتبنّت الدول الأعضاء بالإجماع قراراً كان الاتحاد الأوروبي اقترحه، بإجراء "تقييم محايد ومستقل وشامل" للاستجابة الدولية للوباء الذي أصاب أكثر من 5 ملايين شخص حول العالم وأودى بحياة أكثر من 326 ألفاً.
ونص القرار على وجوب التحقيق في الخطوات التي قامت بها المنظمة و"إطاراتها الزمنية في ما يتعلّق بوباء كورونا".
وعلى الرغم من تصعيد ترمب، لم تنأَ الولايات المتحدة بنفسها عن الإجماع كما كان يخشى البعض، إلا أنها أبدت أسفها لبند في القرار يدعو إلى "الإسراع في إزالة عقبات غير مبررة لتوزيع سريع وعادل في العالم" للعلاجات واللقاحات.
فشل منظمة الصحة العالمية في تزويد المجتمع الدولي بالمعلومات الحيوية لمواجهة فيروس كورونا تسبب بخسارة عدد كبير من الأرواح.
وفي 30 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت المنظمة حالة الطوارئ الصحية العامة، لافتة إلى أن "الصين لم ترتكب أي خطأ" في التعامل مع الفيروس الذي ظهر على أراضيها للمرة الأولى.
والاثنين، قال غيبريسوس في كلمة ألقاها خلال الدورة الـ73 من أعمال الجمعية السنوية للمنظمة عبر تقنية فيديو كونفرانس، إنه سيبذل جهوداً من أجل "إجراء تقييم مستقل في أقرب وقت مناسب لمراجعة الخبرة التي اكتُسِبت والدروس التي استُخلِصت، وإصدار توصيات لتحسين الجاهزية والاستجابة على المستويين الوطني والعالمي".
ولفت إلى أن "الطريق لا يزال طويلاً للقضاء على الجائحة"، مشدداً على أن المنظمة "حريصة على الشفافية والخضوع للمساءلة وتطوير نفسها باستمرار".
في السياق نفسه، قال وزير الصحة الأمريكي أليكس أزار أمام الجمعية، إن "فشل منظمة الصحة العالمية في تزويد المجتمع الدولي بالمعلومات الحيوية لمواجهة فيروس كورونا تسبب في خسارة عدد كبير من الأرواح".
