وسائل إعلامي أمريكية زعمت أن فيروس كورنا نشأ في مختبر للفيروس في ووهان الصينية (AFP)
تابعنا

انتقلت المناكفات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين من مسألة التلميح الأمريكي بإخفاء الأخيرة للأرقام الحقيقية للإصابات بفيروس كورونا وعدم وضوحها في بداية انتشاره، إلى أصل الفيروس ومصدره.

ورغم أن مصدر الفيروس ما زال غامضاً، مع التوافق العلمي الواسع على أنه قد انتقل من الحيوانات، إلا أن محطة فوكس نيوز التلفزيونية ذكرت أن الفيروس نشأ في معمل في ووهان، ليس كسلاح بيولوجي وإنما كجزء من سعي الصين لإظهار أن جهودها لرصد ومكافحة الفيروسات تكافئ أو تفوق قدرات الولايات المتحدة، وفق المحطة.

وعادت المخابرات الأمريكية لتشير إلى أن الفيروس نشأ على الأرجح بشكل طبيعي ولم يتم تخليقه في معمل بالصين، لكن لا يوجد ما يؤكد أياً من الاحتمالين، فيما تشير المصادر إلى أن خريطة جينوم الفيروس تظهر أنه لم يتم تعديله وراثياً، وأن أول عملية انتقال له كانت سلالة طبيعية تتم دراستها في المعمل ثم انتقلت إلى سكان ووهان، الأمر الذي شكّل تضارباً في المعلومات.

ومنذ بضعة أشهر يثير وجود معهد علم الفيروسات على مسافة كيلومترات قليلة من السوق تكهنات حول تسرب الفيروس من هذه المنشأة الحساسة. ويحظى المختبر التابع للمعهد بحماية مشددة، وفيه سلالات أخطر الفيروسات المعروفة مثل إيبولا، وهو مختبر B-4 للسلامة البيولوجية من المستوى الرابع.

ورغم ترويج بكين السابق لنظرية المؤامرة حين تحدث مسؤول في الخارجية الصينية عن قيام ضباط أمريكيين بإدخال الفيروس إلى البلاد قبل أشهر، إلا أنها الآن تنفي النظرية الأمريكية، مدعمة رأيها بآراء العلماء والخبراء الطبيين.

ترمب يهدد والصين تنفي

وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قد قال في مقابلة مع فوكس نيوز "نعلم أن هذا الفيروس قد نشأ في ووهان بالصين ومعهد علم الفيروسات على بعد بضعة أميال من السوق".

وأوردت صحيفة "واشنطن بوست" أن سفارة الولايات المتحدة في بكين، وبعد عدة زيارات إلى المعهد، نبهت السلطات الأمريكية في 2018 إلى أن إجراءات السلامة غير كافية كما يبدو، في مختبر يجري دراسات على فيروسات كورونا الناجمة عن الخفافيش.

وأشارت تقارير أخرى إلى أن ضعف معايير السلامة في المعمل الذي تتم فيه التجارب المتعلقة بالفيروسات في ووهان تسبب في إصابة شخص ما بالعدوى وظهورها في سوق حيث بدأ الفيروس الانتشار.

ويجري الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تحقيقاً شاملاً بهذا الشأن، وهدد بمعاقبة الصين لو ثبت أنها تعمدت نشر الفيروس قائلاً "لو كان خطأ فالخطأ خطأ، ولكن إذا كانوا مسؤولين عن عمد فأعني هنا أنه لا بد أن تكون هناك عواقب".

وكان معهد ووهان لعلم الفيروسات المدعوم من الصين، قد نفى في فبراير/شباط شائعات بأن الفيروس ربما تم تخليقه في أحد معامله أو أنه تسرب من أحد المعامل، وعاد مؤخراً يوان زيمينغ مدير معهد علم الفيروسات في ووهان، بؤرة الوباء العالمي، ينفي مرة أخرى قائلاً إنه "من المستحيل أن يكون هذا الفيروس صادراً عنّا".

وأضاف أنه من حيث موقع المعهد في ووهان "لا يمكن للناس إلا أن يقيموا رابطاً"، منتقداً وسائل الإعلام التي "تحاول عمداً خداع الناس" بتوجيه اتهامات "مبنية على مجرد تكهنات" دون "أدلّة".

نعرف تماماً أي نوع من الأبحاث يجري في المعهد، وكيف يُتعامل مع الفيروسات والعينات

مدير معهد علم الفيروسات في ووهان - يوان زيمينغ

حماية ضعيفة

وتساءلت صحيفة الديلي ميل البريطانية في تقرير لها عما إذا كان الفيروس قد تسرب من مختبر أبحاث في ووهان٫ وسط مزاعم بأن الموظفين أصيبوا بعد أن جرى رشهم بالدم.

وقالت الصحيفة إن هناك تقارير محلية لم يجرِ التحقق منها تفيد بأن العاملين في المعهد أصيبوا بعد أن جرى رشهم بالدم، ثم نقلوا العدوى إلى السكان المحليين. ويعتقد أيضاً أن المعهد الثاني في المدينة، وهو مركز ووهان لمكافحة الأمراض، الذي يبعد ثلاثة أميال عن السوق، قد أجرى تجارب على الحيوانات مثل الخفافيش لفحص انتقال الفيروسات.

وأضافت "خلصت الأدلة إلى استبعاد أن فيروس كورونا هو نتيجة بناء مختبر، ولكن لا يوجد أساس لاستبعاد أنه نتج من حادث غير مقصود فيه".

وفي تقرير آخر للديلي ميل البريطانية، أظهرت صور نشرتها الصحيفة، من داخل معهد ووهان للفيروسات بالصين، باباً لإحدى الثلاجات بالمختبر والتي تُحفظ الفيروسات بداخلها، وتقول "ليس جيد الإحكام، وأن قفله شبه مكسور، مما قد يسمح بتسرب الفيروس".

وأكدت الصحيفة البريطانية أن هذه الصور التي تعود إلى عام 2018، تزيد الشكوك بشأن تسرب فيروس كورونا من مختبر ووهان.

وكانت تقارير صحفية قد أكدت في وقت سابق أن التسلسل الجيني لفيروس كورونا مشابه للتسلسل الجيني للفيروسات التي تنشأ في الخفافيش التي تعيش بمدينة ووهان الصينية، وأن مختبر ووهان أجرى بحوثاً في السنوات السابقة على هذه الأنواع من الخفافيش.

جدل بين العلماء

ولا يُجمع الوسط العلمي على فكرة أن الفيروس ظهر بتطور طبيعي، وبعد أن كانت نظرية الفعل المدبر مجرد نقاش على وسائل التواصل، أخذت زخماً جديداً بعد أن رجح العالم الفرنسي لوك مونتانييه أحد مكتشفي فيروس الإيدز والفائز بجائزة نوبل للطب، أن يكون الفيروس قد صنع تصنيعاً خلال أبحاث لإيجاد لقاح للإيدز، مستعيناً بتشابه في التركيبة الوراثية للفيروس مع فيروس الإيدز.

لكن عالم الأوبئة إتيان سيمون-لوريير من معهد باستور في باريس صرح لوكالة الصحافة الفرنسية قائلاً "هذا لا معنى له، إذ نجد هذه العناصر الصغيرة في فيروسات أخرى من العائلة نفسها، في فيروسات كورونا أخرى في الطبيعة".

وأضاف "إنها أجزاء من المجين تشبه في الواقع الكثير من السلاسل في الخصائص الجينية في بكتيريا وفيروسات ونبْتات".

من جانبها، قالت الباحثة في شؤون السلامة الإحيائية في كينغز كوليدج في لندن، فيليبا لينتزوس، لوكالة الصحافة الفرنسية إن "مصدر الوباء لا يزال سؤالاً عالقاً، ولا شيء يرجح فرضية تسرب الفيروس من مختبر، وليس هناك من دليل حقيقي على أن فيروس كورونا المستجد مصدره بالفعل سوق ووهان للحيوانات البرية".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً