شرطي مصري عند إحدى بوابات سجن طرة  (AFP)
تابعنا

تتداخل معاناة المصريين بين انتشار وباء كورونا وإصابة العديد من المواطنين به، وواقع المعاناة الذي تفرضه السلطات المصرية عليهم في ظل استمرار الاعتقالات السياسية واكتظاظ السجون، الأمر الذي شكّل حالة هلع في أوساط المعتقلين وذويهم من احتمال تفشّي الوباء داخل السجون، ما ينذر بكارثة إنسانية محتملة في الأيام القريبة.

ومع إشاعة رصد إصابة أول حالة بفيروس كورونا الجديد داخل سجن وادي النطرون (لم تؤكد بعد)، ورفض الأجهزة الأمنية كشف اسم السجين أو هويته أو القضية المحبوس فيها، وسط تكتّم شديد خوفاً من الرأي العام، دشّن نشطاء وحقوقيون حملة باسم "خرّجوا المساجين" و"في وباء خرّجوا السجناء"، طالبوا فيها السلطات المصرية بالإفراج عن المعتقلين خوفاً من إصابتهم بفيروس كورونا وتفشّيه، وهو ما سيصيب الحراس أيضاً وليس السجناء فقط.

وأدى إلقاء قوات من الأمن القبض على 4 سيدات من بينهن 3 من أسرة المعتقل المصري علاء عبد الفتاح، لتنظيمهن وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الوزراء للمطالبة باتخاذ إجراءات لحماية المسجونين في ظل انتشار فيروس كورونا أو إطلاق سراحهم، إلى زيادة الغضب الشعبي.

لاحقاً، قررت نيابة قصر النيل إخلاء سبيل المعتقلات في الوقفة بكفالة 5 آلاف جنيه لكل منهن، حسب المحامي خالد علي، وذلك بعد التحقيق معهن في اتهامات بـ"التحريض على التظاهر، ونشر وإذاعة لأخبار كاذبة".

مطالب بالإفراج

وطالبت الحملة الإلكترونية بضرورة الإفراج عن المعتقلين، بخاصة كبار السن، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة مثل تطبيق قانون الحبس الاحتياطي مع التدابير الاحترازية، وإخلاء السبيل مع المنع من السفر.

واقترح مغردون أن يُفرَج عن السجناء احتياطياً ومَن أكملوا فترة الحبس الاحتياطي ومن قضوا نصف المدة، فضلاً عن المرضى وكبار السن.

كما طالبوا باتخاذ إجراءات أساسية عاجلة من فتح العنابر وإخراج المساجين للتريض وزيادة وقت تعرُّضهم للشمس، والسماح بدخول الأدوية من خارج السجن، وتخفيف التكدس داخل الزنازين، إضافة إلى زيادة الاهتمام الطبي بكبار السن والمرضى.

من جانبها، دعت رموز حقوقية وسياسية مصرية وعربية الأمم المتحدة للتدخل العاجل من أجل الإفراج مؤقتاً عن المعتقلين في السجون المصرية، لتجنب الانتشار السريع لفيروس كورونا داخل مراكز الاحتجاز المختلفة، مما قد يتسبب في مقتل عشرات الآلاف.

وأشارت الشخصيات المصرية والعربية في رسالتها إلى الوضع المأساوي للسجناء المحتجزين في مصر، وكشفوا عن رسالة تسربت من سجن العقرب المصري تكشف عن وجود حالات متزايدة للمصابين بأعراض فيروس كورونا، مؤكدين أن "السجناء لم يتلقوا أي مساعدة على الإطلاق حتى الآن".

نواجه الموت مُكبلي الأيدي بلا هواء، بلا شمس، بلا دواء، بلا طبيب، بلا أهل، بلا طعام، بلا رحمة، فمن حوالي أسبوع بدأت أعراض كورونا في الظهور على كثير منا ودبّت حالة من الفزع والرعب بين الجميع، واهتم الجميع بكتابة وصيته.

رسالة استغاثة لعدد من المعتقلين بسجن العقرب المصري

ظروف مأساوية في السجون

ولا يكتفي الأمن المصري باستمرار اعتقال المصريين على خلفية الرأي وحرية التعبير، بل يتعامل مع الوباء المنتشر بإهمال قد يؤدي إلى تفشّيه في السجون، إذ نقل مسؤول الملف المصري بهيومن رايتس ووتش عمرو مجدي في مقال نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني، عن السجناء، أن حراس السجن يعاقبونهم بمصادرة مواد النظافة الشخصية مثل الصابون وفرش الأسنان ومعجون الأسنان وورق الحمّام.

وأشار إلى أن السجناء أخبروه بمدى قذارة المراحيض وانعدام النظافة، إذ يضطر السجناء أحياناً إلى استخدام المياه في دلاء لعدم وجود مياه جارية، بالإضافة إلى عدم وجود التهوية وأشعة الشمس الكافية.

وتعتبر السجون في مصر معزولة تماماً عن العالم الخارجي، إذ تحرم السلطات السجناء بشكل روتيني من الزيارات العائلية لأشهر متتالية، ومن النادر بل المستحيل أن يُسمح للسجناء بكتابة الرسائل واستلامها أو إجراء مكالمات هاتفية.

ولا يستطيع السجناء العمل بالأساسيات التي تُجنبهم الإصابة بكورونا، مثل الابتعاد عن بعضهم طبق نصيحة منظمة الصحة العالمية، على أن لا يكون أقل من مترين بين كل شخصين، نظراً إلى عدم إمكانية فعل ذلك داخل السجون المكتظة، الأمر الذي يعرّض حراس السجون أيضاً وعائلاتهم للخطر.

منذ عام 2013، توفي أكثر من 600 شخص في السجون المصرية بسبب الظروف اللا إنسانية التي احتجزوا بها، وبسبب الإهمال الطبي الجسيم.

رسالة شخصيات ورموز عربية إلى الأمم المتحدة

ونوه مجدي بتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي قال إن مخافر الشرطة تزيد بما فيها على سعتها بنسبة 300% والسجون أيضاً بنسبة 160%، وأضاف بعد ذكره العديد من المآسي التي تحدث في السجون المصرية: "إذا كانت هذه هي الحياة اليومية للسجون المصرية فإن النظام بالتأكيد غير مستعد لمواجهة وباء مثل فيروس كورونا".

وانتقد تعامل الحكومة المصرية مع قضايا السجون بسرية تامة، إذ لم تنشر أبداً أي أرقام عن عدد نزلاء السجون أو قدرة السجون الاستيعابية، ناهيك بإحصاءات أكثر تفصيلاً من حيث العمر والجنس والتعليم وعدد الوفيات في السجن وأسبابها وما إلى ذلك.

وطالبت هيومن رايتس ووتش الرئيس المصري بالإفراج عن السجناء فوراً وإنهاء الاستخدام المفرط والمسيء للحبس الاحتياطي وإطلاق سراح المحتجزين من دون محاكمة لأشهر بل ولسنوات من دون مراجعة قضائية.

وأضافت: "على الحكومة المصرية تفعيل القوانين القائمة التي تسمح بالإفراج عن السجناء الذين قضوا معظم مدة عقوبتهم والقوانين التي تسمح بالإفراج الصحي الشرطي عن المساجين المصابين بأمراض خطيرة".

وأوصت المنظمة بأن فتح السجون للتفتيش من قبل منظمات محلية ودولية مستقلة بما في ذلك "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" بدلاً من الزيارات المسرحية المدبّرة، مثل الزيارات التي رتبتها الحكومة مؤخراً وظهر فيها السجناء وهم يستمتعون بالشواء.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً