ترمب أرسل برسالة تهديد إلى ولي العهد قبل الإعلان عن تخفيضات إنتاج النفط بعشرة أيام (Getty Images)
تابعنا

"الولايات المتحدة ستنخرط في نزاع النفط الدولي في الوقت المناسب، وإن هذه الحرب ستكون مدمرة لروسيا وسيئة للسعودية".

هكذا صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للصحفيين خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض بتاريخ 19 مارس/آذار الماضي.

وكشفت وكالة رويترز، الخميس، عن ضغط مارسه ترمب على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإنهاء حرب أسعار النفط مع روسيا، وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قدم إنذاراً للسعوديين بسحب الدعم العسكري إذا لم يفعل.

القصة استمرت باتصال هاتفي في الثاني من أبريل /نيسان الجاري، قال خلاله الرئيس الأمريكي لولي العهد محمد بن سلمان إنه إذا لم تبدأ دول منظمة أوبك+ في تخفيض إنتاج النفط، فسيكون عاجزاً عن منع مُشرعي القوانين الأمريكيين من إصدار قانون بسحب القوات الأمريكية من المملكة، حسب ما أخبرت أربعة مصادر مطلعة وكالة رويترز.

لأول مرة.. تحالف في مهب الريح

ومثّل هذا التهديد بإنهاء تحالف استراتيجي دام 75 عاماً، في سابقة هي الأولى من نوعها، أمراً محورياً في حملة الضغط الأمريكية التي أدت إلى صفقة عالمية بارزة لخفض إمدادات النفط، بالتزامن مع انهيار الطلب عليه في ظل وباء فيروس كورونا، كما سجّل انتصاراً دبلوماسياً للبيت الابيض.

وأرسل ترمب الرسالة إلى ولي العهد قبل الإعلان عن تخفيضات الإنتاج بعشرة أيام، وفوجئ حاكم المملكة الفعلي بالتهديد لدرجة أنه أمر مساعديه بالخروج من الغرفة حتى يتمكن من مواصلة المناقشة على انفراد، وفقاً لمصدر أمريكي أطلعه مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية على المناقشة.

وأشار هذا التهديد من جانب ترمب إلى رغبته القوية في حماية صناعة النفط الأمريكية من انهيار الأسعار التاريخي، في وقت أغلقت فيه حكومات العالم اقتصاداتها لمكافحة فيروس كورونا.

كما عكس الأمر بشكل واضح انتقاد ترمب منذ فترة طويلة لمنظمة أوبك+، التي لطالما انتقدها لرفعها تكاليف الطاقة على الأمريكيين من خلال تخفيضات الإمداد التي تؤدي بالعادة إلى ارتفاع أسعار البنزين، أما الآن فهو يطلب من أوبك خفض الإنتاج.

وقال مسؤول أمريكي رفيع لرويترز إن الإدارة أبلغت القادة السعوديين بأنه "بدون تخفيضات الإنتاج، لن تكون هناك طريقة لمنع الكونغرس الأمريكي من فرض قيود ربما تؤدي إلى انسحاب القوات الأمريكية"، ولخص المسؤول الحجة التي أوصلها الأمريكيون عبر قنوات دبلوماسية مختلفة، حيث قيل للقادة السعوديين "نحن ندافع عن صناعتكم بينما تدمرون صناعتنا".

وسألت وكالة رويترز ترمب عن المحادثات في مقابلة مساء الأربعاء في البيت الأبيض، حيث تناول الرئيس جملة من الموضوعات المتعلقة بوباء كورونا. ورداً على سؤال عما إذا كان قد أخبر ولي العهد أن الولايات المتحدة ربما تسحب قواتها من المملكة العربية السعودية ، قال ترمب "لم يكن علي أن أخبره".

وأضاف "اعتقدت أنه (ولي العهد السعودي) والرئيس بوتين، (فلاديمير بوتين)، عاقلان للغاية". "لقد علما أن لديهما مشكلة، ثم حدث هذا".

وبسؤال ترمب عما قاله لولي العهد محمد بن سلمان، قال ترمب "كانا (هو وبوتين) يجدان صعوبة في إبرام صفقة، ثم حادثته هاتفياً، وتمكنّا من التوصل إلى اتفاق (لخفض الإنتاج)".

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، قد أعلن في تغريدة له على تويتر، أنه تحدث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الخميس، وسط حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا.

وقال ترمب في تغريدته "تحدثت للتو إلى صديقي MBS (ولي العهد السعودي)، الذي تحدث مع الرئيس الروسي بوتين، وأتوقع وآمل أن يخفضوا إنتاج ما يقرب من 10 ملايين برميل، وربما أكثر من ذلك بكثير، إذا حدث ذلك، سوف يكون ذلك عظيماً لصناعة النفط والغاز٫ قد يصل إلى 15 مليون برميل. أخبار سارة (عظيمة) للجميع!"، على حد وصف ترمب.

دفع ثمن الحرب

وقال الكاتب سايمون واتكينز في تقرير له بموقع "أويل برايس" الأمريكي، إن الرئيس دونالد ترمب يفكر في كل الخيارات المتاحة كي يجبر السعوديين على دفع ثمن حرب النفط، وتحمل تبعاتها الخطيرة.

فبعد أن شهد الشهر الماضي هبوطاً مدوياً لمؤشر النفط الأمريكي الرئيسي، غرب تكساس الوسيط، وسقوطه إلى منطقة تسعير سلبية، يدرس ترمب جميع الخيارات المتاحة لجعل السعوديين يدفعون ثمن حرب أسعار النفط التي بدأوها، وفقاً لأشخاص رفيعة المستوى مقربة من الإدارة الأمريكية. 

والأمر لا يقتصر على مجرد احتمال تكرار ما حدث لحركة السعر لكل عقد مستقبلي لخام غرب تكساس الوسيط قبل انتهاء صلاحيته مباشرة، قبل أن تأتي تخفيضات إنتاج النفط الجديدة والكبيرة من أوبك +، ولا على الضرر الاقتصادي الذي يحدث لقطاع النفط الصخري، ولكن أيضاً بسبب أن السعودية ينظر إليها على نطاق واسع في واشنطن الآن على أنها خانت العلاقة طويلة الأمد بين البلدين.

وفي الوقت الحالي، يريد العديد من كبار الأعضاء في أقرب دائرة استشارية لترمب أن يدفع السعوديون مقابل أفعالهم بكل طريقة ممكنة، حسب رويترز.

وتواجه السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، تحدياً غير مسبوق هذا العام مع تسجيل أسعار النفط مستويات منخفضة تاريخية، فيما من المرجح أن تكبح تدابير لاحتواء انتشار فيروس كورونا وتيرة وحجم الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي أطلقها ولي العهد.

والاقتصاد الروسي أكثر تنوعاً من نظيره السعودي وأقل اعتماداً على النفط. وتضر أسعار النفط المنخفضة بمنتجي الخام الأمريكيين الذين يتحملون تكاليف أكبر من نظرائهم في السعودية وروسيا، ومن المرجح أن يشرعوا في عمليات اندماج.

وأوردت "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مصادر لم تسمها في وقت أزمة النفط أن إدارة ترمب درست ممارسة ضغوط دبلوماسية لحمل السعودية على خفض الإنتاج والتلويح بفرض عقوبات على روسيا لإجبارها على تقليص إمداداتها أيضاً.

ويرى مشرعون أمريكيون أن روسيا والسعودية تتعمدان استهداف صناعة النفط الصخري الأمريكية بعد أن شرع ترمب في سياسة "هيمنة على قطاع الطاقة" بتصدير النفط والغاز إلى أوروبا وآسيا.

وبفضل طفرة النفط الصخري، أصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، متخطية السعودية وروسيا.

ويقول نيكولاي كوزانوف، الباحث في معهد "شاتام هاوس" إن وفرة الإمدادات العالمية التي تفاقمت بسبب الانخفاض غير المسبوق في استهلاك النفط بسبب الوباء، حولت حرب أسعار النفط الحالية إلى معركة وحشية، حيث إن سوق النفط لا يعاني من زيادة العرض فحسب بل يتقلص أيضاً.

ويضيف: يجب على السعوديين أن يقاتلوا للاحتفاظ بحصة السوق الحالية، وليس لتلبية الطلب الجديد، كما فعلوا سابقاً (على سبيل المثال، خلال 2016-2019، عندما تنافست الرياض مع موسكو على فائض الطلب في الصين).

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً