القرار السعودي يشمل البضائع التي يدخل فيها مكون من إنتاج إسرائيل (Kamran Jebreili/AP)
تابعنا

أحدث قرار المملكة العربية السعودية وقف الامتيازات الجمركية التفضيلية لدول مجلس التعاون الخليجي شرخاً جديداً مع حليفتها الدائمة الإمارات.

والأسبوع الماضي، أعلنت السعودية تعديل قواعد الاستيراد من دول الخليج، في إجراء تعتبر الإمارات المتضرر الأكبر منه، فيما يتصاعد التوتر بين البلدين على خلفية عرقلة أبو ظبي اتفاقاً بشأن إنتاج النفط داخل تحالف "أوبك".

وبموجب القرار استبعدت المملكة السلع التي تنتجها شركات بعمالة تقلّ عن 25 بالمئة من العمالة المحلية من اتفاق الإعفاء الجمركي بين دول مجلس التعاون.

كما يستبعد القرار المنتجات الصناعية التي تقلّ نسبة المدخلات المحلية في تصنيعها (القيمة المضافة للسلعة) عن 40 بالمئة، ونصّ على أن "كل البضائع المنتجة في المناطق الحرة بالمنطقة لن تعتبر محلية الصنع".

ويشمل القرار أيضاً استبعاد "البضائع التي يدخل فيها مكون من إنتاج إسرائيل، أو صنعته شركات مملوكة بالكامل أو جزئياً لمستثمرين إسرائيليين، أو شركات مدرجة في اتفاق المقاطعة العربية لإسرائيل".

وتعتبر المناطق الحرة إحدى المكونات الرئيسية لاقتصاد الإمارات، كما أنها والبحرين العضوان الوحيدان في مجلس التعاون الخليجي اللذان يرتبطان باتفاقيات تطبيع وتعاقدات اقتصادية وتجارية مع إسرائيل.

القرار الجديد جاء بعد يوم من تصاعد التوتر بين السعودية والإمارات، بعدما عرقلت الأخيرة مقترحاً للرياض وموسكو بزيادة محدودة لإنتاج النفط لدول "أوبك"، مع تمديد باقي القيود على الإنتاج حتى نهاية 2022، بدلاً من نهاية أبريل/نيسان من نفس العام، الموعد الأصلي باتفاق التخفيضات.

كذلك قررت السعودية في فبراير/شباط الماضي، إيقاف التعاقدات الحكومية مع أي شركة أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة اعتباراً من مطلع 2024، في وقت تعتبر الإمارات عاصمة الشركات الأجنبية في المنطقة.

كارثة على الإمارات؟

قال مستشار لإحدى شركات تصنيع المواد الغذائية التي تعتمد على المملكة في 75 بالمئة من أعمالها: "هذه المسألة الجمركية كارثة"، مؤكداً أن القرار تسبب في "حالة من الذعر والفوضى"، وفق حديثه لصحيفة "فاينانشال تايمز".

جمركياً تسيطر الإمارات على نصيب الأسد من واردات المملكة من دول الخليج، حيث تبلغ حصتها 70 بالمئة، بل هي ثاني أكبر مورد للمملكة بعد الصين، وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية.

وبلغت واردات السعودية من دول الخليج العام الماضي 13.1 مليار دولار، نصيب الإمارات منها 9.1 مليارات دولار، والبحرين 1.9 مليار دولار بحصة 14 بالمئة.

كما بلغت واردات السعودية من عُمان 1.7 مليار تمثل 13 بالمئة من الواردات، ثم الكويت بحصة 3 بالمئة بواردات قيمتها 448 مليون دولار.

وتراجعت واردات المملكة من دول مجلس التعاون الخليجي العام الماضي بنسبة 11 بالمئة، حيث كانت 14.8 مليار دولار في 2019، وذلك نتيجة لفيروس كورونا، الذي أثر على حركة التجارة بين الدول.

وهبطت واردات السعودية من الإمارات والكويت العام الماضي بنسبة 14 بالمئة، ومن عُمان 13 بالمئة، إلا أنها ارتفعت من جارتها البحرين بنسبة 8 بالمئة.

ولا تدخل دولة قطر ضمن إجمالي واردات دول الخليج إلى المملكة العامين الماضيين، حيث كانت واردات السعودية منها صفراً بسبب الخلاف الذي تم حلّه مؤخراً.

ووفق بيانات رسمية، فإن جزءاً كبيراً من واردات السعودية من الإمارات، هي منتجات يتم إعادة تصديرها عبر المناطق الحرة في دبي.

هذا التنافس في مجالات استقطاب الشركات الأجنبية، وخلافات النفط، والتعديلات الجمركية، قد يتصاعد ويتبعه خلاف آخر مرتبط بعرقلة سعودية لمشروع إماراتي إسرائيلي لمد أنبوب من دول الخليج يصل حتى إسرائيل، مروراً بأراضي المملكة.

ويبدو أن السعودية انتبهت مؤخراً لسنوات من الجهود الإماراتية لتثبيت اقتصاد قوي في المنطقة، من خلال رزمة مشاريع وقوانين على حساب دول الجوار.

لذلك بدأت السعودية بتنفيذ ذات الخطوات التي اتبعتها الإمارات سابقاً في مجالات النفط والتجارة والشركات الأجنبية والاستثمار، لترسيخ قوتها الاقتصادية إقليمياً إلى جانب موقعها السياسي.

من جانبه، قال متحدث باسم وزارة المالية السعودية، إن نظام الرسوم الجمركية الجديد في المملكة، كان مجرد "تقنين للممارسات الحالية التي تهدف لتشجيع المزيد من الإنتاج المحلي"، وفق حديثه لـ"فاينانشال تايمز".

فيما قال محمد السويد، رئيس شركة استشارات استثمارية مقرها الرياض: "لا يمكن الآن لدولة الإمارات أن تستفيد من السوق وفق سياسة الربح على حساب الأعضاء الآخرين".

وإلى جانب النفط والتجارة والاستثمار، تواصل السعودية حث الخطى للتحول إلى قبلة عالمية للسياحة من خلال مشروع نيوم المنافس لدبي، وتنويع قوالب السياحة عبر ضخ أزيد من 100 مليار دولار لتطوير قطاعات سياحية إلى جانب السياحة الدينية.

إلا أن محللين يرون أن الخلافات الحالية، مؤقتة، وسرعان ما تعود عجلة العلاقات لطبيعتها، مع ارتباط البلدين بعشرات الاتفاقيات والتحالفات المشتركة تتجاوز العلاقات الاقتصادية.

ويؤكد خبراء اقتصاديون أن التعاون تحت رعاية دول مجلس التعاون الخليجي، بدلاً من المنافسة بين الأعضاء، سيكون طريقاً أفضل لاقتصادي إقليمي مزدهر ومتنوع.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً