المدن اللبنانية تشهد موجة جديدة من الاحتجاجات المنددة بسوء الأوضاع الاقتصادية وتراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار (AA)
تابعنا

في وقت تزداد فيه الأوضاع الاقتصادية سوءاً في لبنان، اندلعت مجدداً موجة من الاحتجاجات الشعبية المنددة بالتراجع غير المسبوق للعملة المحلية (الليرة) أمام الدولار، على نحو جعل الناس يخرجون إلى الشوارع على الرغم من انتشار وباء كورونا.

احتجاجات واسعة

على مدار اليومين الأخيرين، عمَّت الاحتجاجات مدناً لبنانية عدة، مدفوعة بوصول سعر الدولار في السوق السوداء إلى نحو 6 آلاف ليرة صعوداً من 4500 ليرة، بينما يُقدَّر سعر صرفه الرسمي بـ1507 ليرات.

ففي العاصمة بيروت، تجمَّع محتجون مساء الخميس، بعدد من الأماكن منها ساحة رياض الصلح وجسر الرينغ ومنطقة جل الديب، كما حطم محتجون واجهة أحد المصارف في منطقة الحمرا.

ونشبت مواجهات بين الجيش اللبناني والمحتجين في ساحة رياض الصلح، رمى خلالها عدد من المحتجين الحجارة والمفرقعات الناريّة باتجاه الجيش اللبناني الذي أطلق قنابل مسيّلة للدموع.

وفي هذه الأثناء، تتقدم قوات مكافحة الشغب لإنهاء الاحتجاجات وتستخدم الغاز المسيل للدموع. وشبّ حريق في إحدى الخيام الموجودة هناك، وعمل رجال الإطفاء على إخمادها.

على صعيدٍ آخر، أعلن جهاز الطوارئ والإغاثة اللبناني الجمعة، إصابة أكثر من 36 شخصاً خلال مواجهات بين الجيش ومتظاهرين في مدينة طرابلس شمالي البلاد.

وذكر بيان للجهاز تلقت الأناضول نسخة منه، أن مواجهات وقعت بين الجيش اللبناني ومتظاهرين في محيط ساحتَي النور والتل ومصرف لبنان في طرابلس. وأوضح البيان أن "من بين المصابين عسكريين اثنين، وعُولِجت غالبيتهم ميدانياً، فيما نُقل 9 إلى المستشفى".

وقال محتجون لوسائل إعلام محلية الجمعة، إنهم "باقون في الطرقات ولا تراجع هذه المرة حتى إحداث تغيير في السلطة الحاكمة التي تعمل على إفقار الشعب".

كانت متوقعة، وستزداد وتيرتها بسبب عدم عمل الحكومة على إنجاز خطة إنقاذية وإصلاحية حقيقية.

منير الربيع - كاتب ومحلل سياسي

خفض سعر صرف الدولار

ردّاً على الاحتجاجات، أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الجمعة، اتفاق الرئاسات الثلاث في لبنان، الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، على خفض سعر صرف الدولار الأمريكي ليصبح 3200 ليرة اعتباراً من الأحد.

وقال بري عقب لقاء جمعه بالرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء حسان دياب في القصر الجمهوري بعبدا، إنه "جرى الاتفاق على تخفيض قيمة الدولار مقابل الليرة ابتداءً من اليوم إلى ما تحت الـ4000 ليرة وصولاً إلى 3200، لكن ذلك لن يتبين فعلياً قبل الاثنين المقبل".

وأوضح بري للصحفيين، أن "هذا الأمر (خفض الدولار) اتُّفِق عليه وسوف يحصل.. كما اتفقنا على مخاطبة صندوق النقد الدولي بلغة واحدة". ونفى بري وجود أية نوايا لإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي تحمِّله أطراف لبنانية ومحتجون جانباً كبيراً من المسؤولية عن الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.

وقال بري ردّاً على سؤال بهذا الخصوص: "نحن بحاجة اليوم إلى كل الناس وليس الاستغناء عن أحد".

يُذكر أنه في 13 مايو/أيار، بدأ لبنان مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات لتنفيذ خطة أقرتها الحكومة في 29 أبريل/نيسان، بهدف إنقاذ الاقتصاد من أزمة حادة أفضت إلى توقف لبنان عن تسديد ديون خارجية.

من جهته قال عون فى تصريحات إعلامية بمستهل جلسة للحكومة، إن الخسائر الضخمة في النظام المالى والانهيار الذي حدث لسعر الليرة أمام الدولار الخميس، يجب أن تتحمله الحكومة والبنك المركزى والبنوك التجارية لا المودعين.

وأشار إلى أن "ما حدث بالأمس نتيجة ارتفاع سعر الدولار من دون أي مبرر، يجعلنا نتساءل عمّا إذا كان الرقم الذي أُعطي لسعر الدولار هو شائعة جرى تعميمها لينزل الناس إلى الشوارع وتقع المواجهات؟ وهل هي لعبة سياسية أو مصرفية أو شيء آخر؟".

في سياق متصل، كلَّف مجلس الوزراء اللبناني الجمعة، وزيرة العدل ماري كلود نجم، التحقيق في الهبوط الكبير وغير المبرر لليرة أمام الدولار، "تمهيداً لإحالة ما ينتج عن التحقيقات إلى القضاء المختص".

اللعب على شفير الهاوية

في حين أكّد بري عدم وجود أية نوايا لرحيل رياض سلامة حاكم المصرف المركزي، رأى المحلل السياسي منير الربيع أنه "يوجد من يحب الانتحار.. اللعب على شفير الهاوية.. إما الدولار وإما الإقالة.. وبينهما جائع جمح لا يرى غير السيطرة على كل شيء وخصوصاً القطاع المالي".

وبخصوص عودة الاحتجاجات، قال الربيع إنها "كانت متوقعة، وستزداد وتيرتها بسبب عدم عمل الحكومة على إنجاز خطة إنقاذية وإصلاحية حقيقية"، معتبراً أن "الخطة المقدمة من حكومة دياب، توصّف المشكلات والأزمات في البلاد وتدل على نية العمل، ولكن السؤال هو: كيف ستبدأ؟".

وأضاف الربيع في تصريحات لوكالة الأناضول، أن "اللبناني غير قادر على الانتظار أكثر في ظل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وتحليق سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وكل الأزمات التي تخيم على البلاد".

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي غسان حجار إن "الواقع الجغرافي للتحركات يدل على أن الاحتجاجات ستتمدد وتتوسع.. طالما بقي الوضع المالي على حاله"، مؤكداً نفي صحة ما يتردد عن وجود أيادٍ خفية وراء خروج المحتجين إلى الشارع لإسقاط الحكومة.

وحول إذا كانت الاحتجاجات ستأخذ منحى عنيفاً، قال حجار إن ذلك "طبيعي فالثورة لا تحدث في الصالونات والجائع لا يستطيع التحمُّل والمودع الذي حُجزت ودائعه (بالبنك) كيف يمكن ضبط غضبه؟".

ولفت إلى أنه "فور وضع حلول جدية سيعود الناس من الشارع تلقائياً، لكن عندما يتمدد الجوع سنشهد خروج الآلاف إلى الشارع، فالفقر لا طائفة ولا هوية له".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً