(Others)
تابعنا

يٌعد الخطأ جزءاً أصيلاً من سلوك البشر، فما من فردٍ إلا ويرتكبه، بينما تتفاوت الأخطاء في مقدارها وتأثيرها، فبعضها أخطاء صغيرة لا يتعدى أثرها الشخص ذاته، وبعضها أخطاء كبيرة يتجاوز أثرها صاحبها إلى من حوله، وفي كلتا الحالتين يتساءل علماء النفس: لماذا يمتنع بعض الأفراد عن الاعتراف بخطئهم؟ ولماذا تبدو كلمة الاعتذار "أنا آسف" ثقيلة على البعض؟ ولماذا يحدث هذا بشكل متكرر؟

يقول الطبيب النفسي غي ونش في مقالة نشرت على صفحات الموقع العلمي سيكولوجي توداي "إن البعض يعترف بخطئه ويعتذر عنه، في حين يشير البعض الآخر إلى خطئه بشكل غير صريح، والبعض يرفض مطلقاً الاعتراف بخطئه رغم وجود أدلة دامغة".

ويضيف أن الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه بشكل صريح أو غير صريح هو استجابات نموذجية عند ارتكاب الخطأ، ولا تنفي الوقائع الفعلية، بعكس من ينكر وقوعها ويتعنت في رأيه. ويضرب مثلاً على ذلك بشخص اتهم شخصاً بالسرقة رغم أن الأدلة أظهرت براءته فيما بعد وثبت الاعتراف من شخص آخر، وما يزال هو مصراً على أن معرفته الخاطئة للسارق كانت صحيحة.

يتعلق سلوك عدم الاعتراف بالخطأ "بالشعور الذاتي للشخص"، كما يفسر الدكتور ونش بقوله: "بعض الناس لديهم ما يُدعى بـ "الأنا الهشة"، ويعتقدون أن استيعاب الحقيقة سيكون محطماً نفسياً بالنسبة إليهم، لذا فآليات دفاعهم تفعل شيئاً يجنبهم الشعور بذلك".

إن الناس الذين يصرون على عدم الاعتراف بالخطأ يشوّهون إدراكهم للواقع كي يجعلوه أقل تهديداً لذاتهم

الدكتور غي ونش

ويفصّل الطبيب النفسي سلوك "الأنا الهشة" لدى الأفراد الذين لا يعترفون بالخطأ بقوله: "إنهم يشوّهون إدراكهم للواقع كي يجعلوه أقل تهديداً لذاتهم. آليات دفاعهم تحمي أنانيتهم ​​الهشة عن طريق تغيير الحقائق ذاتها في أذهانهم حتى لا يكونوا مخطئين أو مذنبين".

ولا تعد "الصلابة النفسية" التي يُظهرها هؤلاء الأفراد علامة على القوة بحسب الدكتور ونش، بل هي مؤشر على الضعف، فهؤلاء الناس لا يختارون الوقوف على أرض الواقع من أجل حماية "أنفسهم الهشة".

ويعتبر الطبيب ونش أن الاعتراف بالخطأ أمر غير سار لأي مغرور، واصفاً إياه بالكدمات لنفسه الهشة.

ويتطلب الأمر بحسب الطبيب النفسي قدراً من القوة العاطفية والشجاعة للتعامل مع هذا الواقع والامتثال لأخطائنا.

ويرى ونش أن الرد على هذا الصنف من الناس متروك للخيار الشخصي للفرد. إلا أن الخطأ الوحيد الذي لا ينبغي أن يفعله الأفراد في التعامل مع غير المعترفين بالخطأ هو النظر إلى ثباتهم كدليل على قوتهم أو قناعتهم، ذلك أن سلوكهم ما هو إلا دليل على الضعف النفسي وهشاشة الذات.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً