قوات حكومة الوفاق ما زالت تسيطر على المشهد وتعزز صمود العاصمة في وجه هجمات حفتر (AA)
تابعنا

تتسارع الأحداث في ليبيا ميدانياً وإقليمياً، بخاصة بعد رفض قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليّاً، المهلة التي حدّدتها مليشيات حفتر لانسحاب قوات مصراتة من مدينتي طرابلس وسرت، وقرارها عدم الخضوع لمليشيات تتلقى دعماً من قوى خارجية تسعى لإبقائها مسيطرة على المشهد، في مسعى لتقويض الشرعية.

وتسعى مليشيات حفتر للسيطرة على المشهد وسط بثّ ادعاءات انتصارات كاذبة، إذ قال الناطق باسم مليشيات حفتر، أحمد المسماري، إن وفداً يمثل مدينة مصراتة دخل بمفاوضات معهم، ليكذّبه مصطفى المجعي، الناطق باسم المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق الليبية، حسب وكالة الأناضول.

تمديد قوات حفتر مهلة قوات مصراتة للانسحاب ما هو إلا مبرِّر لفشلها في ساعة الصفر لاقتحام طرابلس، التي أُعلِنَعنها سابقاً

الناطق باسم المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب - مصطفى المجعي

قوات الوفاق تسيطر على المشهد

وصرّح المسؤول الإعلامي للواء 610 التابع لحكومة الوفاق أحمد هدية لـTRT عربي، بوجود اشتباكات جنوب العاصمة طرابلس وطيران مكثف لمليشيات حفتر أكثر تركيزاً.

وتجدر الإشارة، حسب المسؤول الإعلامي، إلى أن قوات الوفاق فتحت محورين جديدين في مدينة ترهونة التي تمدّ مليشيات حفتر بالدعم اللوجستي، فيما تتحدث مليشيات حفتر عن انتقالها إلى مرحلة جديدة في القتال، إلا أن هدية يكذّب هذا الادعاء بقول: "يستخدم حفتر مصطلحات لا يفهمها المواطن العادي البسيط، وهو أمر بعيد جدّاً عن الواقع، فالطوق الدفاعي الذي كوَّنَته حكومة الوفاق أصبح هجوميّاً".

وقال مصدر عسكري ليبي لـTRT عربي، إن "قوات حكومة الوفاق تمنع تقدُّم مليشيات حفتر بمحور اليرموك باستخدام الصواريخ والمدفعية الثقيلة"، وأشار إلى أن عشرات من عناصر مليشيات حفتر سقطوا نتيجة الاشتباكات في محور اليرموك.

تركيا.. تعزيز البُعد العسكري

وجددت تركيا استعدادها للتعاون العسكري مع الحكومة الشرعية في ليبيا، إذ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد، إن بلاده مستعدة لتعزيز البُعد العسكري للمساعدات إلى ليبيا من البر والبحر والجو إذا تَطلَّب الأمر، مشيراً إلى أن تركيا لن تتراجع عن مذكرة التفاهم مع ليبيا.

ولفت أردوغان إلى أنه "ليس في مذكرة التفاهم التي أبرمناها مع ليبيا أي وجه يتعارض مع قوانيننا والقانون الدولي"، مشيراً إلى أنه ليس لدى بلاده أي نية لافتعال مشكلات مع أحد أو اغتصاب حقوق أيٍّ كان.

وأضاف: "سياسة بلادنا ليست التورط في مآزق عبر السعي للقيام بأمور لا تطيقها، أو التدخل في أماكن بغير وجه حقّ".

من جانبه قال وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليّاً فتحي علي باشاغا لـTRT عربي، إن "مليشيات حفتر تتلقَّى مساندة من دول إقليمية تمدها بالتعزيزات وتشارك في قصف قوات الوفاق والعاصمة طرابلس ومدينة مصراتة"، مشيراً إلى أن طائرات إماراتية تقوم بالقصف، مضيفاً: "وهذا يُعَدّ تَدخُّلاً مباشراً وغير مبرَّر".

وأضاف: "الحرب انتقلت من الليبيين إلى تدخُّل دول إقليمية، إذا استمر الوضع على هذا الحال فإن كل الخيارات مفتوحة أمام حكومة الوفاق في ما يتعلق بطلب الدعم التركي، من حقها أن تطلب حماية شعبها وعاصمتها وكل المناطق التي تتعرض لعدوان خارجي".

وقال إن "طلب الدعم العسكري من تركيا هو خيار مفتوح، وإذا تطورت الأحداث سيكون هذا خيارنا، وقد يشمل هذا الطلب الدعم في المجال الجوي والمساندة".

ويقول الباحث في الشأن التركي رسول طوسون لـTRT عربي، إن تصريحات أردوغان حول البعد العسكري "ليست التصريحات الأولى لتركيا التي تقف فيها إلى جوار الشرعية والإرادة الشعبية، وحسب الاتفاقيات المُبرَمة بين الطرفين فستبقى تركيا جاهزة للتعاون مع ليبيا بكل الأشكال، مما يعني أن أنقرة قريبة جدّاً من إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا إذا طلبت الحكومة الشرعية".

وعن تعامل أنقرة مع الردود والتعليقات من الخارج والمنزعجين من سياستها، يقول إن أنقرة لم تتعرض لهذه التصريحات للمرة الأولى، وتَعوَّدت وجود جهات لا تريد تركيا قوية آمنة، منوهاً بأنها "ليست ردوداً قانونية".

ويضيف: "تصرفات تركيا مراعية للقانون الدولي، أما دول أخرى مثل اليونان فهي منزعجة من المذكرة الموقعة بين ليبيا وتركيا أكثر من الجميع لأنها كانت قد استولت على جزء كبير من صلاحيات تركيا وليبيا ومصر".

اليونان تدعم "أمير الحرب"

لم تتأخر اليونان كثيراً في تأكيد مقولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أشار إلى أطراف تدعم "أمير الحرب" - في إشارة إلى خليفة حفتر- بدلاً من دعم الحكومة الشرعية المعترف بها دوليّاً، إذ زار وزير خارجيتها مدينة بنغازي التي يتخذها حفتر ومليشياته غير الشرعية عاصمة لهم، دون سابق إنذار.

ويبدو واضحاً انزعاج بعض الدول من الدعم التركي للشرعية في ليبيا، وإبداؤها الاستعداد لتقديم الدعم لها بما فيه العسكري للحكومة الشرعية إذا طُلب منها ذلك، ويأتي ذلك بإظهار الدعم المتزايد لمليشيات حفتر، من الإمارات ومصر وفرنسا، وكذلك اليونان التي تمثِّل دعمها السياسي لحفتر بزيارة وزير خارجيتها نيكوس دندياس لبنغازي، ولقائه مليشيات حفتر، وهو ما رفضته حكومة الوفاق الوطني، واعتبرته خرقاً واضحاً للقرارات الدولية.

عاجل وزير الخارجية بحكومة الوفاق الوطني : ما قام به وزير الخارجية اليوناني خرق واضح لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن...

Posted by ‎وزارة الخارجية الليبية‎ on Sunday, 22 December 2019

يقول محللون إن زيارة وزير خارجية اليونان بمذكرة التفاهم الموقَّعة بين طرابلس وأنقرة، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي ترفضها اليونان، إذ تحدِّد إحدى الاتفاقيات مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.

ونقلت المصادر عن الوزير اليوناني قوله خلال اللقاء، إن حكومة الوفاق "لا تملك حق إبرام مذكرة تفاهم مع تركيا"، وفق زعمه. وكان الرئيس التركي أكد أن إسرائيل واليونان ودولاً عدة تحاول تضييع حقوق تركيا في منطقة شرق المتوسط: "يكيدون لشعبنا ويسعون لمحو ذكرنا من التاريخ، ولكن هذا الاستهداف لا يفلح مع دولة مثل تركيا".

ويرى سمير صالحة أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية، في حديث لـTRT عربي، أن "حسابات اليونان وقبرص اليونانية في التعامل مع الملف الليبي نُسِفَها بعد الخطوات الاستراتيجية التي أقدمت عليها أنقرة بالتنسيق مع الحكومة الشرعية الليبية من خلال الاتفاقيات".

ويضيف: "اليونان غاضبة الآن، لكن لا أحد يعرف حجم التنسيق بينها وبين الدول الأوروبية، وهل العواصم الأوروبية موافقة على الحراك اليوناني أم لا".

ويقول إن "اشتعال الأمور أكثر في ليبيا والذهاب إلى صدام عسكري في حوض البحر المتوسط مرتبط بمشروع بعض العواصم التي تدعم مليشيات حفتر وما تعده لمسار الأزمة في ليبيا، لأنها إذا استمرت في لتصعيد والتحدي فسيكون عليها ردّ واضح".

وعن السياسية التركية تجاه الملف الليبي، ينوه صالحة بعدم وجود أي تغيُّر فيها، فحسب التطورات الميدانية والسياسية، ستطرح أنقرة خطتها واستراتيجيتها، وهي منفتحة على أكثر من احتمال ومستعدة لأكثر من سيناريو وبأكثر من اتجاه، "لكنها ما زالت متمسكة بالحوار الليبي-الليبي كصيغة للحلّ الأساسي في التعامل مع الملف الليبي".

وزير الداخلية في حكومة الوفاق يقول إن طلب الدعم من تركيا خيار مفتوح (AA)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً