ناصر بوريطة: سنبسط سيادتنا الكاملة على المجال البحري، لنؤكّد بشكل واقعي أن قضية وحدتنا الترابية وسيادتنا على المجال البحري محسومة بالقانون (AFP)
تابعنا

في خطوة مفاجئة أعلن المغرب عزمه توسيع حدوده البحرية و"بسط سيادته" على المجال البحري الإقليمي المقابل لإقليم الصحراء المتنازَع عليه مع جبهة البوليساريو الانفصالية، بموجب مشروع قانونين رقم 37.17 و38.17.

وستمكّن هذه الخطوة المغرب من الاستفادة من مياه المنطقة الاقتصادية البحرية بعرض 200 ميل بحري، على امتداد 1000 كلم إضافي من مدينة طرفاية التي تقف عندها الحدود البحرية الآن، إلى مدينة لكويرة على الحدود الموريتانية.

ويطرح هذا القرار المغربي تساؤلات حول سياقه ودلالاته، وما يمكن أن يقدّمه فعلاً للمغرب في منطقة تصنَّف "متنازَعاً عليها" حسب الأمم المتحدة، كما أنها تتشابك مع المصالح الموريتانية جنوباً، والإسبانية غرباً عند حدود جزر الخالدات (الكناري) التي تبسط مدريد سيطرتها عليها.

تصويت بالإجماع

قدّم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مساء الاثنين، مشروعَي قانونين أمام أعضاء لجنة الخارجية والدفاع الوطني في مجلس النواب المغربي، تلاه تصويت بالإجماع للبرلمانيين على المشروعين.

وقال بوريطة إن "المشروعين يتعلقان بحدود المياه الإقليمية، وتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة على مسافة 200 ميل بحري، عرض الشواطئ المغربية، وهما مشروعان تاريخيان".

وأضاف بوريطة: "سنبسط سيادتنا الكاملة على المجال البحري، لنؤكّد بشكل واقعي، أن قضية وحدتنا الترابية وسيادتنا على المجال البحري محسومة بالقانون".

وأضاف: "كان من الضروري تحديد الإطار القانوني للحدود البحرية للمغرب، وسيادة البلد تمتدّ من طنجة (شمالاً) إلى مدينة لكويرة (أقصى جنوب البلاد). واليوم نعبر بشكل واضح، أن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه".

واعتبر بوريطة أن "إقرار التشريعين القانونيين الجديدين، عمل سيادي، لكنه لا يعني عدم انفتاح المغرب على النقاش مع إسبانيا وموريتانيا".

وبعد تصديق مجلس النواب على مشروعَي القانونين، سيُعرَضان على مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) للتصديق عليهما، وبعدها يُنشران في الجريدة الرسمية ليدخلا حيّز التنفيذ.

خلفية تاريخية

بدأ النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول إلى مواجهة مسلحة بين الجانبين، توقفت عام 1991 بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.

وتقترح الرباط حكماً ذاتيّاً موسَّعاً تحت سيادتها، فيما تدعو البوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تُؤوِي عشرات آلاف اللاجئين من الإقليم.

على الأرض يبسط المغرب سيطرته على نحو 80% من الصحراء البالغة مساحتها نحو 266 ألف كلم مربع، فيما تدير البوليساريو ما تَبقَّى.

بحريّاً، ظلّ المغرب يعمل بموجب الظهير الشريف (بمثابة قانون) رقم 1.73.211 الصادر عام 1973، الذي تَعيَّنَت بموجبه حدود المياه الإقليمية المغربية، من السعيدية أقصى الشرق إلى طنجة أقصى الشمال إلى مدينة طرفاية في الجنوب، على الرغم من أن المغرب يعتبر حدوده البرية تصل إلى لكويرة التي تقع على بعد 1000 كلم تقريباً جنوب طرفاية.

وظلّت المياه المقابلة لإقليم الصحراء غير محدَّدة المعالم منذ عام 1975، غير أن المغرب كان صدَّق على اتفاقية الأمم المتحدة "مونتيغو باي" لقانون البحار عام 2007، وكان أمامه مدة أقصاها عشر سنوات لتحديد جرفه القاري.

وفي عام 2017، أصدر المغرب مشروع قانون يدرج بموجبه المياه الواقعة بين إقليم الصحراء وجزر الخالدات (الكناري)، التي تقع تحت سلطة إسبانيا، ضمن المياه المغربية الإقليمية، فيما يُعتبر مشروعا القانونين الحاليان بمثابة تتمَّة لهذا الأمر الذي ظلّ معلَّقاً حينها.

دلالات الخطوة المغربية

قال عبد الرحيم منار السليمي، رئيس مركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية، إن الأمر لا يُعتبر جديداً، إذ إنه كان مفتوحاً للنقاش بين المغرب وإسبانيا منذ عام 2001، والقرار المغربي الجديد جاء نتيجة مفاوضات، وهو يهم المياه الإقليمية المغربية فقط.

وعن السياق الذي جاء فيه القرار، أضاف الأكاديمي المغربي أنه يأتي بعد ظهور تحديات أمنية، وأن المغرب يريد أن يتغلب عليها، خصوصاً في ما يتعلق بمرور ومراقبة السفن، حسب ما صرح به لقناة Medi1 المغربية.

وأشار السليمي إلى أن القرار يأتي ضمن التوجه المغربي نحو غرب إفريقيا، وترسيمه للحدود البحرية الجنوبية يساعده على ذلك، وتظهر أهميته خصوصاً في ما يتعلق بمشروع أنابيب الغاز المرتقب إنشاؤها بين المغرب ونيجيريا.

وقبل شروع المغرب في عملية ترسيم الحدود المائية، كانت صحيفة "إل كونفيدونسيال" الإسبانية كشفت أن عملية تحديد الحدود البحرية في المحيط الأطلسي بشكل نهائي، مرتبط بعمليات التنقيب على النفط على الساحل الأطلسي المغربي.

تقترح الرباط حكماً ذاتيّاً موسَّعاً تحت سيادتها في إقليم الصحراء، فيما تدعو جبهة البوليساريو الانفصالية إلى استفتاء لتقرير المصير (AFP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً