الضربة الجوية التي استهدفت الثلاثاء مركزاً لإيواء اللاجئين في طرابلس خلّفت على الأقل 44 قتيلاً وعشرات الجرحى والمصابين (Reuters)
تابعنا

44 قتيلاً وعشرات الجرحى والمصابين حصيلة ضربة جوية استهدفت، الثلاثاء، مركزاً لإيواء المهاجرين واللاجئين، من الأفارقة في الأغلب، في منطقة تاجوراء على مشارف العاصمة الليبية طرابلس.

ولاقى الهجوم الذي اتهمت حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً قوات حفتر بشنّه، إدانات دولية واسعة وعدّته بعض الجهات جريمة ترقى إلى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.

من المسؤول؟

حمّلت حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً قوات حفتر التي تواصل هجماتها على العاصمة طرابلس منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي، المسؤولية الكاملة عن تنفيذ الهجوم.

بيان المجلس الرئاسي بخصوص جريمة القتل الجماعي واستهداف مركز لإيواء المهاجرين في تاجوراء

Posted by ‎حكومة الوفاق الوطني Government of National Accord‎ on Tuesday, 2 July 2019

ويرى الباحث السياسي صلاح البكوش أن "جميع الدلائل تشير إلى أن قوات حفتر هي من استهدف مركز إيواء اللاجئين"، مشيراً إلى "تصريحات صدرت عنهم قبل أيام قالوا فيها إنهم استنفدوا ما سمّوه الحرب التقليدية".

ويضيف البكوش في حديث لـTRT عربي أن "قوات حفتر تلجأ الآن إلى الضرب العشوائي، لحفظ ماء وجهها بعد الهزيمة الكبيرة التي تلقتها في غريان على يد القوات التابعة لحكومة الوفاق".

جريمة ضد الإنسانية

دعت حكومة الوفاق الليبية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه "جرائم الحرب"، واعتبرت، في بيان، أن ما حدث "جرائم ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بل حتى الإرهابية وفق القوانين والاتفاقيات الدولية".

وبمجرد تنفيذ الهجوم سارع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية بالإعراب عن الإدانة والاستنكار على نحو قاطع، واعتبر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، أن القصف "يرقى بوضوح إلى مستوى جريمة حرب"، ودعا المجتمع الدولي إلى "تطبيق العقوبات الملائمة على من أمر ونفّذ وسلّح هذه العملية".

وسارع المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أقصوي، بالمطالبة بفتح تحقيق دولي، معتبراً الهجوم "جريمة ضد الإنسانية".

وشدّد المتحدث باسم الخارجية الألمانية راينر بريول، خلال مؤتمر صحفي عقده في برلين، على وجوب كشف ملابسات الهجوم والكشف عن المسؤولين عنّه وتقديمهم للقضاء في أقرب وقت.

واستنكرت الخارجية الفرنسية الهجوم، وحثّت في بيانٍ جميع الأطراف على خفض التصعيد ووضع حدّ للهجمات، والعودة إلى العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة.

على الصعيد العربي قال رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي إنه يستنكر "بشدةٍ هذه الأعمال الجبانة"، ودعا إلى "التزام جميع الأطراف المتصارعة القانونَ الدولي الإنساني وتجنيب المدنيين الأبرياء تداعيات الأعمال العسكرية، والحفاظ على سلامة وأمن المنشآت المدنية".

في سياق متصل أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك أن طرفَي النزاع في ليبيا كانا على علم بموقع مركز الإيواء الذي قُصِف وأن إحداثيات المركز سبق وأُعطِيَت لكليهما.

تحقيق دولي

بالإضافة إلى الطلب التركي بفتح تحقيق دولي في الهجوم، أصدرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية الأربعاء، بياناً مشتركاً أدانتا فيه القصف، ودعتا إلى إجراء تحقيق فوري لمعرفة المسؤولين عمّا حدث.

بدورها طالبت مفوضية الاتحاد الإفريقي في بيان، بإجراء "تحقيق مستقلّ لضمان تقديم جميع المسؤولين عن هذه الجريمة المروعة بحق الأبرياء، للعدالة".

في هذا الصدد، يقول الباحث الليبي صلاح البكوش إنه "على الرغم من إمكانية فتح تحقيق دولي، فإنه لا يعتقد في وجود نية أو إرادة حقيقية لذلك في ظل الدعم الفرنسي-الإماراتي-المصري-السعودي لحفتر".

وأشار الباحث الليبي إلى أن الخارجية الليبية قدّمت في 10 أبريل/نيسان الماضي، طلباً إلى مجلس الأمن الدولي لتشكيل فريق تحقيق لتقصِّي الحقائق، ولكن الطلب لم يُرَدّ عليه حتى الآن.

صراع مرير

تشهد ليبيا صراعاً طويلاً منذ مقتل معمر القذافي عام 2011. وأخذ الصراع في الأعوام الأخيرة طابعاً جغرافيّاً بين المناطق الشرقية التي تسيطر عليها قوات خليفة حفتر المدعوم من مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق، والمناطق الغربية الخاضعة لسلطة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليّاً والقوات الموالية لها.

وأطلق حفتر في 4 أبريل/نيسان الجاري، حملة عسكرية بهدف السيطرة على العاصمة طرابلس بحجة تطهيرها من "التنظيمات الإرهابية"، وهو ما عدّته حكومة الوفاق مجرد ذريعة يتخذها الجنرال الليبي بهدف "الانقلاب على الشرعية"، لا سيما وأن تحركات حفتر العسكرية جاءت قبل أيام من مؤتمر وطني جامع كان من المزمع عقده برعاية من الأمم المتحدة، إلا أنه أُلغي بسبب التطورات العسكرية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً