الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستقبل السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام في أنقرة (Reuters)
تابعنا

ما المهم: تأتي زيارة السيناتور الجمهوري الأمريكي ليندسي غراهام لأنقرة في ظل تباين في وجهات النظر بين بلاده وتركيا، على خلفية الموقف المتقلب لإدارة ترمب حول سحب قواتها من الشمال السوري.

وتُعيد زيارة غراهام تسليط الضوء على فكرة وجود أجنحة داخل الإدارة الأمريكية لم تحسم قرارها بموقف محدد تجاه الخلاف مع تركيا، إذ يُحسب غراهام، وهو أحد أبرز أعضاء الحزب الجمهوري (حزب ترمب)، على جبهة داخل واشنطن ترى، من جانب، ضرورة المحافظة على علاقة إستراتيجية مع تركيا كحليف رئيسي، وتسعى من جانب آخر لاستمرار تقاطُع المصالح بين واشنطن وتنظيمات مسلحة شمال سوريا تعتبرها أنقرة إرهابية.

وفي مؤتمر صحفي عقده غراهام خلال زيارته لأنقرة، شدّد السيناتور الأمريكي على ضرورة حل مشكلة تنظيم YPG\PKK الإرهابي "التي أحدثتها واشنطن لتركيا" في سوريا، كما أشار إلى أن تسليح الولايات المتحدة لتنظيم PYD الإرهابي كان خطأ.

المشهد: في ظل تأرجح إدارة ترمب وتضارب التصريحات بعد بدء انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا، أتى السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام لإجراء مشاورات مع المسؤولين الأتراك بشأن الملف السوري وتبعاته على العلاقات التركية الأمريكية.

التقى غراهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع مغلق استغرق ساعتين ونصفاً، كما التقى وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو.

تتمسك أنقرة بإعلان موقفها من ضرورة عدم دخول النظام السوري إلى مدينة منبج السورية، كما أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أقار خلال لقائه غراهام، أن الولايات المتحدة لم توفِ بوعودها المتعلقة بمنطقة منبج، وهو ما أكده الرئيس التركي مراراً خلال تصريحاته في الأيام الماضية.

وكانت تركيا اقترحت شكلاً للمنطقة الآمنة، تمتد فيه على طول 460 كيلومتراً من الحدود التركية مع سوريا، بعمق 32 كيلومتراً، وتضمّ مدناً وبلدات من محافظات حلب والرقة والحسكة، بينما لم توضح إدارة ترمب ماذا تريد من المنطقة الآمنة أو شكلها.

وقال أردوغان في كلمة له قبل أيام في البرلمان، إنه ينظر بإيجابية إلى خطة ترمب لإنشاء تلك المنطقة بعرض 20 ميلاً (32 كيلومتراً) في شمال سوريا، مؤكداً إمكانية توسيعها.

تأتي زيارة غراهام بعدما استهدف تفجير، تبناه تنظيم داعش الإرهابي، قوات أمريكية في مدينة منبج شمالي سوريا، وأسفر عن مقتل 4 جنود أمريكيين وعدد من المدنيين، وإصابة آخرين، عقب إعلان بدء عملية الانسحاب الأمريكي من سوريا.

وكان غراهام علّق على الهجوم، بقوله "إن قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا "أثار حماسة تنظيم داعش"، كما طالب غراهام الرئيس الأمريكي بـ"إعادة النظر في قراره سحب القوات الأمريكية من سوريا" بعد تبنِّي داعش هجوم منبج، حسبما نقلت شبكة CNN الأمريكية.

الخلفيات والدوافع: كان الرئيسان التركي والأمريكي بحثا في اتصال هاتفي، الإثنين، التطورات الأخيرة في سوريا، إذ تَطرّق الاتصال إلى "فكرة تأسيس منطقة آمنة وخالية من الإرهاب في شمالي سوريا بالاستناد إلى مبدأ وحدة التراب السوري"، وذلك بعد إصدار ترمب قراراً بسحب جميع قواته من سوريا.

ويسيطر مقاتلون من تنظيم YPG/PYD الإرهابي مدعومون من الولايات المتحدة، على منبج، منذ أن انتزعوها من تنظيم داعش الإرهابي عام 2016. وتقع المدينة بالقرب من مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري المدعوم من روسيا، كما تحاذي مناطق يسيطر عليها مقاتلون من الجيش الحرّ، فيما ترفض تركيا أن يتسلم النظام السوري المدينة من التنظيمات الإرهابية.

ولا تزال تفاصيل "المنطقة الآمنة" المقرر إنشاؤها في الشمال السوري على الخط الحدودي مع تركيا غير واضحة، غير أنها محور مباحثات متعددة الأطراف أمريكية-تركية، وروسية-تركية، كانت إحدى مراحلها زيارة السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام أنقرة.

بين السطور: أطلق غراهام عدة تصريحات من أنقرة، تشي بانقسام في الإدارة الأمريكية حيال ملف سوريا، والعلاقات الثنائية مع تركيا.

وأكد غراهام في مؤتمر صحفي عقده في أنقرة أن تسليح تنظيم PYD الإرهابي كان خطأ، مؤكداً في الوقت ذاته أمله أن يبطئ ترمب سحب القوات من سوريا إلى حين تدمير تنظيم داعش الإرهابي.

وأشار غراهام إلى أنه إذا لم تتعامل واشنطن مع سوريا بشكل صحيح فستكرر أخطاء أوباما في العراق.

وقال غراهام "إذا لم نتعامل مع مشكلة YPG قبل الانسحاب فهذا يعني أن على تركيا التعامل معها"، وأضاف "بين PKK وPYD واضحة لمن يريد أن يرى".

السؤال يبقى عن مدى قدرة السيناتور غراهام الآن على التأثير على سياسات إدارة الرئيس دونالد ترمب

مراد أصلان - محلل سياسي تركي

ما التالي: قال المحلل السياسي التركي مراد أصلان، إن تصريحات السيناتور غراهام تمثل تطوراً إيجابياً في مسار العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، بخاصة مع اعتراف السيناتور الأمريكي الواضح بارتباط تنظيمي PYD وYPG بتنظيم PKK الإرهابي.

وأشار أصلان في تصريحات لـTRT عربي، إلى أن "السؤال يبقى عن مدى قدرة غراهام الآن على التأثير على سياسات إدارة الرئيس ترمب".

ورأى أصلان أن "تصريحات غراهام لا يمكن أن تكون لمجرد الاستهلاك الإعلامي، وهي تعبّر عن توجُّه داخل واشنطن، من شخصية ذات ثقل وارتباط بالملفات الهامة في الحزب الجمهوري".

وأوضح أصلان وجود عدة ملفات رئيسية مطروحة للنقاش بين أنقرة وواشنطن، على رأسها مسألة المنطقة الآمنة والتفرقة بينها وبين مفهوم المنطقة العازلة. كذلك يسعى الجانبان للتفاهم حول المرحلة الانتقالية التي ستصفِّي تركيا جيوب تنظيم داعش الإرهابي بها.

وقال المحلل السياسي التركي إن قضية مقتل خاشقجي من القضايا المهمة بين الجانبين، بخاصة أن السيناتور غراهام يُعَدّ أحد المؤيدين لفكرة إدانة وليّ العهد السعودي، وقد يكون ذلك نواة للدفع باتجاه فتح تحقيق دولي.

السيناتور ليندسي غراهام خلال مؤتمر صحفي في أنقرة (AA)
TRT عربي
الأكثر تداولاً