سعود المعجب النائب العام السعودي خلال زيارته إسطنبول في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي (AFP)
تابعنا

ما المهم: عقدت محكمة سعودية في الرياض أولى الجلسات لمحاكمة قتلة الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي. وأظهر بيان للنيابة العامة تناقضاً بين إجراءات المحاكمة والروايات الرسمية السعودية المتعددة في القضية. إضافة إلى الاختلاف في عدد المتهمين مجهولي الهوّية الذين وجه القضاء السعودي الاتهام إليهم.

المشهد: بدأت في العاصمة السعودية الرياض، أولى جلسات محاكمة 11 شخصاً، متهمين بالتورط في قتل خاشقجي، وطلبت النيابة العامة السعودية إنزال عقوبة الإعدام، بحق خمسة من المتهمين، لم تُعلن هويتهم.

وحضر المتهمون الأحد عشر، جلسة المحاكمة برفقة محاميهم، وجرى تأجيل المحاكمة إلى جلسة قادمة، بعدما طلب الدفاع نسخة من لائحة الاتهامات، ومهلة لمراجعتها، ولم يعلن عن وقت الجلسة المقبلة للمحاكمة، حسب بيان للنيابة العامة السعودية.

وذكر البيان، أن السلطات السعودية قدمت طلبات للسلطات التركية للحصول على ما لديها من أدلة وقرائن بهذه القضية، لكن دون رد من الجانب التركي. مشيراً إلى إرسال طلبين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

علماً بأن النيابة العامة السعودية أعلنت في السابق أنها تلقت معلومات من الجانب التركي تفيد بأن المشتبه بهم قتلوا خاشقجي بنية مسبقة، لكن في في البيان الأخير عادت ونفت حصولها على أدلة من الجانب التركي.

وكانت الرياض قد أعلنت في السابق عن توقيف 15مشتبهاً به في ارتكاب الجريمة و3 موظفين بالقنصلية، لكن المحاكمة التي أعلنت عنها لم تطل سوى11 شخصاً غير معروفي الهوية.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الجمعة، إنه ليس من الممكن ضمان نزاهة المحاكمة التي تجري في السعودية والمتعلقة بمقتل الصحفي جمال خاشقجي، مضيفة أنها "غير كافية". وشددت متحدثة أممية على إجراء "تحقيق مستقل بمشاركة دولية" في الواقعة. وتابعت: "مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تعارض دائماً عقوبة الإعدام".

الخلفيات والدوافع:صرّح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أن النائب العام السعودي سعود بن عبد الله المعجب اعترف بأن مقتل خاشقجي كان بنية مسبقة.

وأتى ذلك بعد انتهاء اجتماع النائب العام السعودي مع نظيره التركي عرفان فيدان في قصر العدل بإسطنبول بشأن القضية، وكانت تركيا تنتظر إفادات 18متهماً أعلنت السعودية عن توقيفهم من قبل، لكن الاجتماع الذي تم بين الجانبين، واستمر نحو 75 دقيقة لم يكن مرضياً للجانب التركي بسبب الامتناع عن تقديم الإفادات.

وفرضت السلطات الأميركية عقوبات على 17 مسؤولاً سعودياً، من بينهم سعود القحطاني، المستشار السابق لولي العهد، والذي كان بحسب واشنطن "ضالعاً في التخطيط وتنفيذ العملية"، التي قادت إلى مقتل خاشقجي، ولم يتضح إذا ما كان أي من المسؤولين الـ 17 من بين من يحاكمون.

وكانت تركيا قد طالبت السعودية بتسليمها الموقوفين في قضية خاشقجي التي تمّت على أراضيها، غير أن الرياض رفضت الامتثال لطلب أنقرة.

بين السطور: كان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد صرح في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن السعودية أرسلت النائب العام إلى إسطنبول لوضع العراقيل في مسار التحقيق.

وأكد أردوغان إعطاءه التسجيلات الصوتية (الخاصة بقضية الاغتيال) للسعودية ودول مثل فرنسا وبريطانيا، مضيفاً أنه "لا داعي للمماطلة".

وشدّد أردوغان على أن "قتلة خاشقجي هم بالتأكيد بين الأشخاص الـ15 أو الـ18 وليس هناك داعٍ للبحث عنهم في أي مكان آخر"، مؤكداً أن "فريق الاغتيال يعرف بشكل قطعي الفاعل، ويعرف أين تم أخذ الجثة".

وقال مكتب المدعي العام التركي، في30 أكتوبر/تشرين الأول 2018 أيضاً أن النائب العام السعودي لم يقدم إجابة عن السؤال المحوري المتعلق بمكان جثة خاشقجي، بالإضافة لرفضة الإفصاح عن هوية المتعاون المحلي، أو تسليم المطلوبين في القضية إلى تركيا.

وكانت صحيفة ديلي صباح التركية قد نشرت معلومات قبل أيام في كتاب جديد عن الجريمة قالت فيها إنه على الرغم من الإعلان السعودي عن القبض على كل فريق الاغتيال إلا أن صلاح الطبيقي المتهم بتقطيع الجثة لا يزال يعيش حرّاً مع عائلته في جدة، وقد طلبت السلطات السعودية منه أن يكون بعيداً عن الأضواء.

وذكر الكتاب أن عدداً آخر من المتهمين في القضية يعيشون بحرية، ولكنهم معزولون عن محيطهم.

وحددت تركيا هوية 15 شخصاً، تعتقد أنهم موظفون بالدولة السعودية، وصلوا وغادروا مطار أتاتورك في إسطنبول، وقت وقوع الجريمة، لكن لا يُعرف إذا ما كان أي من هؤلاء الأشخاص من بين من يخضعون للمحاكمة، في الرياض حالياً.

ما التالي: يرى علي الدبيسي مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن "السعودية بهذه التحركات لا تنشد العدالة بل إخفاء جريمة، لأن المحاكمات التي تهدف إلى تحقيق العدالة تقوم وفق معايير شفافة ونزيهة، وهو الأمر الذي لا يتوافر في المحاكمة الحالية التي تجري لمجرد إخفاء حقيقة الجريمة".

وقال الدبيسي في تصريحات لـTRT عربي، إن "الحكومة السعودية أثبتت أنها لم تستطع إدارة هذه القضية، من خلال أبسط الأمور، ويظهر ذلك في تناقض الروايات الرسمية المتعلقة بأعداد المتهمين في القضية، والثغرات التي بدت في بيان النائب العام وغيرها".

وأوضح أن "العالم يعرف من خلال المنظمات الأممية والصحافة المستقلة والمجتمع المدني أن السعودية تفتقد إلى إعمال العدالة في تعاطيها مع القضايا الداخلية"، مشيراً إلى أن السعودية بحسب تصورها لهذه القضية ليست لديها أية خيارات أخرى غير محاولة "تقديم هذه الشكليات التي لا تنطلي على أحد"، ويعتقد "أنها ستزيد من قبح الصورة التي يراها العالم عن السعودية بعد جريمة مقتل خاشقجي".

وشدّد الدبيسي على أن "الحل الوحيد هو تقديم المسؤول الحقيقي عن الجريمة، وهو أمر مستبعد لأسباب يعرفها الجميع بسبب الحسابات الداخلية الحرجة، فولي العهد السعودي محمد بن سلمان يقع بين مطرقة الداخل وسندان الخارج".

TRT عربي
الأكثر تداولاً