مقاوم يطلق النار على جنود الاحتلال في مخيم جنين (ynet.co.il)
تابعنا

على الرغم من هدمه بشكل كامل تقريباً قبل نحو عشرين عاماً، فيما عرف في حينه بـ"معركة مخيم جنين" التي وقعت في أبريل/نيسان من عام 2022، فإن المخيم لا يزال بمثابة الشوكة العالقة في حلق المستويات الإسرائيلية كافة، وأهمها المستويان العسكري والأمني، كما عاد ليكون مجدداً مصدر الحرج المزمن للقيادة السياسية الإسرائيلية.

مؤخراً يسبب "مخيم جنين" في شمالي الضفة الغربية مصدر قلق لإسرائيل، بخاصة عقب عملية إطلاق النّار التي وقعت في شارع ديزنغوف في عمق تل أبيب ونفذها شاب فلسطيني من سكان المخيم، وأدت إلى مقتل 3 إسرائيليين وإصابة أكثر من 10 آخرين.

ومنذ أيام تحاول إسرائيل اقتحام المخيم بغرض إلقاء القبض على أفراد عائلة منفذ عملية دينزغوف إلا أن كل محاولاتها باءت بالفشل، كما قررت محاصرة جنين المدينة ومخيمها بقرارات صارمة، من ضمنها منع تصاريح العمل في إسرائيل لسكانها، وكذلك تصاريح الزيارات العائلية، ومنع فلسطينيي 48 دخولها.

وتقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن "مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية منذ إقامتها تشكل مصدر قلق، وبخاصة مخيم جنين الذي يقف دائماً على رأس هذه المخيمات، وقد تحوّل بالنسبة إلى الفلسطينيين بمثابة رمز للمقاومة".

وتضيف: "مخيم جنين لا يسبب حرجاً فقط لإسرائيل بل للسلطة الفلسطينية نفسها التي لم تستطع حتى الآن فرض سيطرتها عليه، إن الفقر والبطالة في صفوف الشباب الفلسطيني هناك دفع الكثير منهم إلى التفرغ للتدرب على السلاح لمكافحة إسرائيل، وقد استغلوا الفرص أيضاً لتنمية الاتجار بالسلاح من إسرائيل إلى المخيم".

وتشير إلى أن "تعاظم قوة المسلحين في مخيم جنين كان سببه اتساع رقعة الاتجار بالسلاح من إسرائيل إلى الضفة الغربية من خلال ثغرات في جدار الفصل"، وزعمت أن غالبية السلاح دخل إلى جنين من مدينة أم الفحم.

قنبلة موقوتة

وترى الصحيفة أن "حركتي حماس والجهاد الإسلامي عادتا لتأسيس قوة في المخيم، وقد عملتا على تأسيس جناحهما العسكري من جديد بخاصة خلال فترة انتشار وباء كورونا التي اضطر الجيش الإسرائيلي خلالها إلى تقليص عملياته وبخاصة عمليات الاعتقال".

ووصفت الصحيفة المخيم بأنه "قنبلة موقوتة". وقالت إن "الفصائل الفلسطينية في المخيم تجري تدريبات عسكرية لعناصرها، كما تواجه قوات الجيش الإسرائيلي التي تحاول دخول المخيم مقاومة من خلال إطلاق النار، وهو ما لا يجري بمثل هذا الشكل في أي مخيم آخر بالضفة الغربية".

وترى الصحيفة أن مناعة مخيم جنين وقوته مصدرها ظاهرة "نادرة" إضافية وهي "التعاون المشترك بين الفصائل الفلسطينية كافة".

وتقول: "على النقيض تماماً من الانقسام بين فتح وحماس في الخارج وكذلك الجهاد الإسلامي إلا أن هذه الفصائل تجتمع معاً في داخل مخيم جنين، يقاتل عناصرها المسلحون معاً ضد قوات الجيش الإسرائيلي، من وجهة نظرهم فإن مخيم جنين رمز للتفاخر وهو بوابة تصحيح العلاقات بين الفصائل".

السلطة الفلسطينية

وتضيف أن "ما يجمع عناصر هذه الفصائل معاً في مخيم جنين، هو كرههم للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها وما تمثله، في ظل الاندفاع الكبير لديهم لمحاربة إسرائيل بأي طريقة، وبخاصة بواسطة السلاح".

توضح الصحيفة أيضاً: "كثيراً ما عملت إسرائيل داخل مخيم جنين من خلال وحدات مستعربين، وذلك بسبب المشهد المعقد والمركب داخل المخيم بخاصة فيما يتعلق بدخول قوات بشكل لافت للانتباه".

نسخة غزة

وتقول: "لقد فهم عناصر الفصائل الفلسطينية المسلحون في مخيم جنين آليات العمل الإسرائيلية، مؤخراً صاروا يستنسخون تجارب الفصائل في قطاع غزة، وقد عملت على تأسيس غرفة عمليات مشتركة".

وتشير إلى أن "غرفة العمليات المشتركة للفصائل الفلسطينية في مخيم جنين تتأهب عند دخول قوات الجيش الإسرائيلي إلى المخيم أو أي قرية مجاورة له. يجري استنفار العناصر من خلال تطبيق واتساب أو تليغرام".

وتقول إن "الغرفة المشتركة لديها طواقم تصوير خاصة أيضاً لترصد كل حركة مشبوهة في المنطقة، وذلك لإحباط دخول الجيش أو وحدات المستعربين. كل حركة مشبوهة يجري تعميم معلومات حولها في واتساب ويجري مباشرة الدفع بعناصر لوقف أي سيارة مشبوهة وتفتيشها".

وتلفت إلى أن "العناصر في المخيم يعملون من خلال وحدات صغيرة، كل وحدة مؤلفة من 20 شخصاً، وكل وحدة مسؤولة عن منطقة معينة".

وتخلص الصحيفة إلى أن "أجهزة أمن السلطة حاولت جاهدة خلال الأشهر الماضية فرض السيطرة على مخيم جنين من خلال عملية واسعة وكبيرة جرى التخطيط لها لأشهر طويلة، لكنها فهمت بسرعة أيضاً أن المخيم أكبر من قدرتها، وجرى إنهاء العملية بنجاح ضئيل جداً".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً