فرنسا تنفي الاتهامات الموجهة إليها بدعم حفتر في هجومه على طرابلس       (Reuters)
تابعنا

بالتزامن مع استمرار الاشتباكات المسلحة جنوبي العاصمة الليبية طرابلس، يبرز دور قوى إقليمية ودولية تتخذ من ليبيا مسرحاً لصراعاتها على النفوذ والمصالح، في سياق صراع طويل يشهده البلد الغني بالنفط منذ نهاية عام 2011.

وعلى الرغم من أن الاتهامات التي تُوجّه إلى فرنسا، أحد أبرز اللاعبين الدوليين في ليبيا، بدعمها اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي تسيطر قواته على الشرق ليست جديدة، فإن الأمر بات أكثر وضوحاً بعد تصعيد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً إزاء باريس وتوجيهها اتهامات مباشرة للمرة الأولى إليها.

ما المهم: أصدر المكتب الصحفي لوزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، الخميس، بياناً قال فيه إنه أمر بوقف التعامل بين الوزارة والجانب الفرنسي في إطار الاتفاقيات الأمنية الثنائية "بسبب موقف الحكومة الفرنسية الداعم للمجرم حفتر المتمرد على الشرعية".

وتأتي تلك الاتهامات بعد ساعات من إعلان الناطق باسم قوات حفتر أحمد المسماري مشاركة طائرات أجنبية "صديقة" في استهداف مواقع تابعة لقوات الوفاق في العاصمة طرابلس، إذ يرى خبراء عسكريين أن طائرات بدون طيار فرنسية هي من قامت بتوجيه هذه الضربات.

اللافت أن ذلك حدث بالتزامن مع توقيف السلطات التونسية 24 أوروبياً مسلحاً، بينهم 13 فرنسياً يحملون جوازات سفر دبلوماسية، أثناء اجتيازهم الحدود قادمين من ليبيا. وسارعت باريس بالتأكيد أن الأشخاص المذكورين هم "من أفراد فريق الحماية الأمنية لسفيرة باريس في ليبيا".

المشهد: بالإضافة إلى الاتهامات التي توجهها حكومة الوفاق لباريس بدعم خليفة حفتر عسكرياً ولوجيستياً، قال محللون ومقربون من الحكومة المعترف بها دولياً إن فرنسا بذلت جهوداً كي لا يُصدر مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الأوروبي قرارات تدين الهجوم الذي يشنّه حفتر على طرابلس منذ 4 أبريل/نيسان الجاري.

في السياق نفسه، أثارت صحيفة لوموند الفرنسية، قبل أيام، موضوع دعم باريس قوات حفتر، في مقال تحت عنوان "انتقادات لفرنسا لدورها الغامض في الملف الليبي".

من جانبها رفضت فرنسا، الخميس، الاتهامات التي وجهتها وزارة الداخلية الليبية مؤكدة أنها "لا أساس لها على الإطلاق".

وصرّحت الرئاسة الفرنسية بأن باريس "تدعم الحكومة الشرعية لرئيس الوزراء فايز السراج ووساطة الأمم المتحدة لحل سياسي شامل في ليبيا".

من المحتمل أن تراجع باريس موقفها في ضوء الانتقادات الدولية والإقليمية التي تتعرض لها

صلاح البكوش - خبير في الشأن الليبي

الدوافع والخلفيات: تشهد ليبيا صراعاً طويلاً منذ مقتل معمر القذافي عام 2011. وأخذ الصراع في الأعوام الأخيرة طابعاً جغرافياً بين المناطق الشرقية التي تسيطر عليها قوات خليفة حفتر المدعوم من مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق، والمناطق الغربية الخاضعة لسلطة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً والقوات الموالية لها.

وأطلق حفتر، في 4 أبريل/نيسان الجاري، حملة عسكرية بهدف السيطرة على العاصمة طرابلس بحجة تطهيرها من "التنظيمات الإرهابية"، وهو ما عدّته حكومة الوفاق مجرد ذريعة يتخذها الجنرال الليبي بهدف "الانقلاب على الشرعية"، لا سيما أن تحركات حفتر العسكرية جاءت قبل أيام من مؤتمر وطني جامع كان من المزمع عقده في منتصف الشهر الجاري برعاية من الأمم المتحدة.

ومع تطورات الصراع في ليبيا، أصبح من المعروف أن حفتر يتلقى دعماً دولياً وإقليمياً من دول على رأسها مصر والإمارات والسعودية وروسيا وفرنسا.

ما التالي: يقول الخبير في الشأن الليبي صلاح البكوش إن "الصحف الفرنسية والأجنبية تتحدث عن دعم باريس لخليفة حفتر منذ فبراير/شباط 2016".

وأضاف البكوش في حديث لـTRT عربي أنه "على الرغم من نفي الحكومة الفرنسية هذه الاتهامات في البداية، فقد اعترفت في يوليو/تموز من العام نفسه بمقتل ثلاثة عسكريين في طائرة حربية تابعة لقوات حفتر".

ويرجع البكوش مسارعة الجانب الفرنسي بإنكار دعمه لحفتر مؤخراً إلى "محاولة الفرنسيين ذر الرماد في العيون" وإظهار أنهم متفقون مع الموقف الدولي والأوروبي الموحد حول الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني.

وفي ما يتعلق بخيارات باريس الحالية بعد التصعيد الذي قامت به حكومة الوفاق في ظل التطورات الأخيرة، يرى الخبير في الشأن الليبي أنه "من المحتمل أن تراجع باريس موقفها في ضوء الانتقادات الدولية والإقليمية التي تتعرض لها، وتعود بالتالي إلى المظلة الأوروبية الرافضة لتحركات حفتر بقيادة ألمانيا وإيطاليا".

ويستدرك البكوش بأنه "من المحتمل أيضاً أن يكثّف الفرنسيون دعمهم لحفتر" كي يساعدوه في حسم الأمر على المستوى العسكري، ومن ثم خلق توازنات سياسية جديدة.

فرنسا متهمة بتقديم دعم عسكري ولوجيستي لخليفة حفتر (AP)
TRT عربي
الأكثر تداولاً