المجلس الانتقالي جنوب اليمن نفّذ الانقلاب بدعم من دولة الإمارات العربية (AFP)
تابعنا

ست سنوات على حرب في اليمن خلفت أسوأ أزمة إنسانية، بات بسببها 80% من السكان بحاجة إلى مساعدات، بعد الدمار والفقر والأمراض والقتلى والجرحى الذين كانوا ضحية تخبُّط سياسات عربية في البلاد.

وأدى تدخُّل السعودية والإمارات في الأزمة اليمنية، إلى كشف نية هاتين الدولتين ورغبتهما في مكاسب سياسية وجيوسياسية في اليمن. وطوال الفترة الماضية، أوهمت السعودية العالم بأنها تخدم اليمنيين وتحاول إنهاء الصراع هناك، عن طريق عقد المؤتمرات لمساعدتهم مادياً وإبرام الاتفاقيات كاتفاق الرياض الذي لم يُنفَّذ، وتدخلت عسكرياً في مارس/آذار 2015 برفقة الإمارات، حيث بدأت الأخيرة تأسيس حكم جديد لها جنوبي اليمن بتغذية الانقلابات ودعمها.

وساهم تورط السعودية وارتكابها جرائم بشعة في اليمن، في أن استهدفتها جماعة الحوثي، فيما تفرغت الإمارات البعيدة جغرافياً عن مرمى صواريخ الحوثيين، الذين تحكموا بعدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ عام 2014، إلى السيطرة على مدن استراتيجية في اليمن مثل سقطرى، وإقامة حكم ذاتي وضرب عُرض الحائط بالحكومة الشرعية في اليمن.

وسيطرت قوات الانتقالي الجنوبي على مركز محافظة أرخبيل سقطرى، فيما لا تزال المواجهات مع القوات الحكومية على مقربة من مدينة زنجبار مركز محافظة أبين، منذ 11 مايو/أيار الماضي، في الوقت الذي بدأ فيه الانتقالي تصعيده ضد الحكومة الشرعية في محافظة حضرموت (جنوب شرق) بالدعوة إلى احتجاجات.

وتأتي هذه التطورات في سقطرى وأبين، عقب إعلان الانتقالي الجنوبي حالة الطوارئ العامة في 25 أبريل/نيسان الماضي، وتدشين ما سماه "الإدارة الذاتية للجنوب"، وسط رفض عربي ودولي.

تسهيلات سعودية

ورغم القصف الذي تتلقاه السعودية من جماعة الحوثي، والذي كان آخره انفجارات كبيرة هزّت سماء الرياض عقب إعلان الحوثيين تنفيذ هجمات واسعة في "عمق السعودية"، وإعلان التحالف إسقاط 8 طائرات دون طيار "مفخخة" و4 صواريخ باليستية، فإن المملكة ما زالت تقدّم تسهيلات للإمارات التي توغلت في الجنوب وتتطلع إلى مزيد.

وتظهر التسهيلات السعودية التي تمنحها للانتقالي وداعميه، بالتهم التي وجّهها محافظ جزيرة سقطرى اليمنية رمزي محروس الاثنين، إلى السعودية، قائلاً إنها سهلت لـ"مليشيا" المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، السيطرة على المحافظة الجمعة الماضية.

وقال محروس إن "سقوط سقطرى جاء عقب اتفاق رعته القوات السعودية في الجزيرة".

وأضاف: "تلقينا ضمانات من القوات السعودية بوقف التصعيد، لكنها تراجعت عن ضماناتها وتركت مليشيا الانتقالي تسيطر على سقطرى".

وتابع محروس: "سقطرى تحولت إلى ورقة ضغط للتحالف على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والحكومة، لكنها ستعود إلى حضن الشرعية".

السعودية والإمارات.. منافع مشتركة

هذه التطورات أجبرت السعودية على رتق ما خرقته الإمارات في اليمن، إذ أعلن التحالف في اليمن، الاثنين، استجابة الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي "المدعوم إماراتياً" لطلب وقف إطلاق النار الشامل.

وأوضح المتحدث باسم التحالف،العقيد تركي المالكي، في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أنه تقرر عقد اجتماع بين الجانبين في المملكة "لبحث تنفيذ اتفاق الرياض بشكل عاجل"، مطالباً التحالف بـ"إعادة الأوضاع إلى طبيعتها في جزيرة سقطرى، ووقف إطلاق النار في أبين، وتجنب التصعيد في كل المحافظات اليمنية بما في ذلك التصعيد الإعلامي".

إلا أن الكاتب والباحث السياسي ياسين التميمي يرى أنه "لا قيمة للإعلان السعودي بشأن وقف إطلاق النار بين المجلس الانتقالي والحكومة في اليمن".

وقال التميمي في حديث لـTRT عربي، إن الموقف السعودي الذي يشير إلى وجود وقف إطلاق النار، أتى بعدما استكملت الرياض وأبو ظبي أهدافهما السياسية والجيوسياسية في اليمن باستحواذهما على أرخبيل سقطرى، وأوصلتا الأمر في عدن وأبين إلى صراع مسلح، ووضعتا الحدود التي لا يمكن تجاوزها بعد اليوم بين المجلس الانتقالي والحكومة التي لا يمكنها أن تعود إلى عدن".

وعن توقيت الخطوة السعودية التي جاءت بعد إعلان المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً السيطرة على أرخبيل سقطرى لا قبله، قال التميمي إن "تطبيق الشقّ السياسي من اتفاق الرياض كان يُفترض أن يُفضِي إلى تعينات في إملاءات الرئاسة اليمنية والسلطة الشرعية، لكن بما أن الإمارات والسعودية قد هيّأتا الظروف الميدانية للمجلس الانتقالي وتحقيق انتصارات عسكرية قوية ضد السلطة الشرعية، فإن التعيينات اللاحقة وفقاً لاتفاق الرياض ستكون كما يريده المجلس الانتقالي وليس السلطة الشرعية".

ويعني إعلان المجلس الانتقالي إدارته الذاتيه على الجزيرة، أن المخطط الذي فرضته السعودية والإمارات ماضي قدما، فما كان للمجلس الانتقالي أن يفعل ما فعله، دون إذن ودعم من هاتين الدولتين، فعندما أعلنت السعودية سابقاً وقف إطلاق النار، الجميع قبل بالأمر، مما يعني أنها تستطيع ممارسة ضغط على الطرفين لضبط الأوضاع في اليمن، لكن الرياض وأبو ظبي أرادتا تحقيق مكاسب عسكرية ميدانية لحساب المجلس الانتقالي، ثم الحصول على تنازلات من السلطة الشرعية.

ويعتقد الكاتب والباحث السياسي أن اليمن في اتجاه مزيد من التصعيد، فمحافظة حضرموت التي تُعتبر من أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة وتحتوي على جزء من الثروة النفطية في البلاد، تتحرك فيها لجنة رئاسية، وهذا يعطي مؤشراً على وجود أزمة في المحافظة. ولا يستبعد التميمي وقوع سيطرة وشيكة من المجلس الانتقالي على حضرموت.

TRT عربي
الأكثر تداولاً