معضلة نتنياهو.. بين وفرة الأصوات وتبديد المخاوف الدولية / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

بحصول معسكره على 65 مقعداً بالكنيست الإسرائيلي لن يواجه رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو صعوبةً في تشكيل حكومة، لكنّ معضلته ستكون التوفيق بين الحكومة وتوقعات المجتمع المحلي والدولي.

عملياً يمكن لنتنياهو أن يشكل فوراً حكومةً بالشراكة ما بين حزبه "الليكود" وأحزاب "شاس" و"يهودوت هتوراه" و"الصهيونية الدينية"، التي دعمته دائماً في أثناء قيادته للمعارضة خلال العام ونصف العام الماضيين.

وفي حال أقدم نتنياهو على هذه الخطوة فإن الحكومة التي سيشكلها ستكون يمينية بحتة.

لكنّ نتنياهو لم يعتمد دائماً على اليمين فقط في تشكيل حكوماته، إذ سعى في كثير من الأحيان تحت ضغط الحاجة لضمّ أحزاب من الوسط إلى الحكومات التي شكّلها.

وبالنظر إلى التشكيلة الجديدة للكنيست الإسرائيلي توجد خيارات تبدو صعبة قد يلجأ إليها لتشكيل حكومة تحظى بثقة الكنيست.

أول مؤشرات ذلك إعلانه بخطابه الأول بعد الانتخابات فجر الأربعاء أنه سيسعى لتشكيل "حكومة وطنية" بعد أن كان طوال حملته الدعائية يتحدث عن تشكيل "حكومة يمينية".

وخلال الأسابيع القليلة المقبلة ستتضح توجهات نتنياهو فيما يتعلق بشكل الحكومة التي يسعى لتشكيلها والتي يأمل أن تبقى عدّة سنوات لإخراج إسرائيل من دوامة الانتخابات المتكررة، بعد أن شهدت إسرائيل 5 عمليات انتخابية في غضون أقل من 4 سنوات.

وقال مكتب الرئيس الإسرائيلي في بيان إن "لجنة الانتخابات المركزية ستسلّم الرئيس إسحاق هرتسوغ النتائج النهائية للانتخابات يوم الأربعاء المقبل".

وأشار البيان إلى أنه "لاحقاً، سيجري هرتسوغ مشاوراتٍ مع قادة الأحزاب الفائزة بالانتخابات، وفي غضون أسبوع يكلّف أحد أعضاء الكنيست تشكيل الحكومة".

واستناداً إلى القانون فإن على المكلّف تشكيلَ الحكومة استكمال مهمّته في غضون 28 يوماً يمكن تمديدها 14 يوماً، ولكن فقط بموافقة الرئيس.

وحزب "الليكود" الذي يقوده نتنياهو هو الأكبر في الكنيست، وفضلاً عن أنه يحظى بأعلى نسبة تأييد لتشكيل الحكومة، فإن من شبه المؤكد أن يجري تكليف نتنياهو تشكيل الحكومة.

معضلة التوفيق لنجاح التشكيل

وقال باروخ ياديد المحلل في القناة 14 الإسرائيلية، لوكالة الأناضول: "بالنظر إلى الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الداعمة لنتنياهو فإن بإمكانه تشكيل حكومة مستقرة خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع".

وأضاف: "على عكس المرات السابقة فإن نتنياهو ليس بحاجة إلى أحزاب الوسط لتشكيل حكومة، علماً أنهم في الماضي كانوا يقولون إنه ليس بإمكانه تشكيل حكومة دون أحزاب الوسط".

ولكن ياديد لفت إلى معضلة يواجهها نتنياهو سيتعين عليه التعامل معها قبل تقديم حكومته للكنيست.

وقال: "كلمة السر في حصول نتنياهو على هذا الكمّ الكبير من الأصوات هو زعيم القوة اليهودية إيتمار بن غفير، الذي يتضح أنه يحظى بدعم كبير ليس فقط في أوساط المستوطنين، وإنما أيضاً الشباب ورجال أعمال وأكاديميين وحتى في صفوف الجيش الإسرائيلي".

وأضاف: "ولكن يوجد ضغط محليّ إسرائيلي ودولي، بخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، على نتنياهو، بشأن انضمام بن غفير إلى الحكومة والحقيبة التي سيجري منحه إياها".

وتابع: "نتنياهو قال سابقاً إنه لا يوجد ما يمنع بن غفير تولّي حقيبة وزارية، ولكنه لم يحددها، علماً بأن بن غفير يطالب بحقيبة الأمن الداخلي التي هي عملياً مسؤولة عن الشرطة".

بالمقابل فإن زعيم تحالف حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش يطالب بحقيبة الدفاع.

ولا يمكن لنتنياهو تشكيل حكومة دون تحالف سموتريتش مع بن غفير، الذي يحصل حسب نتائج الانتخابات على 14 مقعداً.

وقال ياديد: "أعتقد أن نتنياهو لن يعطي حقيبة الدفاع لسموتيرتش وسيبقيها لأحد قادة حزب الليكود دون أن أستبعد منح سموتريتش حقيبة المالية مثلاً".

وسبق لسموتريتش أن تولّى حقيبة المواصلات في الحكومة الإسرائيلية بالفترة ما بين 2019-2020، ولكن لم يسبق لبن غفير أن كان وزيراً.

وأضاف ياديد: "ربما يرضخ نتنياهو ويمنح بن غفير حقيبة الأمن الداخلي أو يمنحه حقيبة أخرى، ولكن من المؤكد أنه سيكون وزيراً".

ولم يستبعد ياديد دعوة نتنياهو لأحزاب الوسط للانضمام إلى الحكومة التي سيشكلها.

قلق من تَوزير بن غفير وسموتريتش

وأبدى كثيرون في المجتمع الدولي والإسرائيلي قلقهم من وجود سموتريتش وبن غفير بالحكومة القادمة.

وقالت نوا ساتاث المديرة التنفيذية لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل (غير حكومية): "في أيام الذعر والخوف هذه أردت أن أخبركم أننا في جمعية حقوق المواطن مصمّمون الآن أكثر من أي وقت مضى على الاستمرار في النضال من أجل المساواة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والديمقراطية".

وأضافت: "ليست لدينا أوهام حول الأيام المقبلة، نحن ندرك أننا نواجه سنوات صعبة للغاية حيث ستكون تحديات وعقبات مختلفة".

وتخشى أوساط في إسرائيل أنه في حال وجود بن غفير بالحكومة فإن دولاً غربية لن تتعامل معه بسبب مواقفه المتشددة ضد العرب.

ومن جهة ثانية فإن نتنياهو كشخص لا يتمتع بعلاقات طيبة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن وعدد من قادة الاتحاد الأوروبي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس الأربعاء في الإيجاز اليومي للصحفيين: "علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل كانت دائماً قائمة على مصالحنا المشتركة، لكن الأهم من ذلك قيمنا المشتركة".

وأضاف: "نأمل أن يواصل جميع المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية (المقبلة) مشاركة قيم المجتمع الديمقراطي المنفتح، بما في ذلك التسامح والاحترام للجميع في المجتمع المدني وبخاصة الأقليات".


وقال موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإخباري الإسرائيلي إن رسائل مشابهة وصلت من دول أوروبية وعربية.

خيار آخر لنتنياهو

لكنّ نتنياهو يملك أيضاً خيار ضمّ حزب وسطي لحكومته ضمن سيناريو قد يخرج فيه بن غفير من التشكيلة الحكومية.

فـ"الصهيونية الدينية" برئاسة سموتريتش تحالفٌ يضمّ أيضاً "القوة اليهودية" برئاسة بن غفير ويمكن أن ينفصلا إذا ما أرادا ذلك.

ولوحظ أن احتفال سموتريتش بالفوز مساء الثلاثاء كان منفصلاً عن الاحتفال الذي نظمه بن غفير، وإن كان سموتريتش تحدث عن استمرار التعاون بين الحزبين.

والخميس قال أنشيل بفيفر في تحليل نشره بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن "نتنياهو قد لا يبحث عن خيارات، فبعد 16 شهراً في المعارضة ومع استمرار محاكمته بالفساد قد يفضل بالفعل هذا الائتلاف الراديكالي الذي سيدعم أي تحركات ضد النظام القانوني".

وأضاف: "لكن نتنياهو يكره أن تقيّده الظروف ويريد دائماً أن تكون لديه خيارات، ولأنه لا يستطيع تعريض دعم جميع مشرّعي الصهيونية الدينية الأربعة عشر للخطر، فمن المحتمل أن يستغل التنافس العميق بين الزعيمين المشاركين في ذلك التحالف بن غفير وبتسلئيل سموتريتش".

ورأى أن نتنياهو قد يعمد إلى استبدال بن غفير ويأتي بزعيم حزب "المعسكر الوطني" وزير الدفاع بيني غانتس.

وقال بفيفر: "من المحتمل أن يجري استبداله والإتيان بعدد قليل من المنشقّين عن حزب غانتس، أو من يدري، على الرغم من احتجاجات غانتس قد يكون قابلاً للانضمام مرة أخرى إلى حكومة نتنياهو".

واعتبر ياديد أن "هذه إمكانية واردة، ولكن قد تبدو صعبة في ظلّ إعلان غانتس رفضه الوجود في حكومة مع نتنياهو".

وقال: "قد يسعى نتنياهو لاستبعاد بن غفير أو حتى إبقائه وضمّ غانتس ومنحه حقيبة الدفاع، وبذلك يبدد المخاوف الدولية، وحقيبة الخارجية ستكون لأحد أقطاب حزب الليكود".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً