انشار عناصر الجيش اللبناني بعد اشتباكات الطيونة في بيروت (Reuters)
تابعنا

تزدهر تجارة الأسلحة الفردية والصغيرة جيداً في لبنان، مِن مسدّسات إلى قذائف "RPG"، بحسب تجّار أسلحة، ما يعكس تزايد مخاوف اللبنانيين من تردّي الأوضاع الأمنية وقلقهم على سلامتهم الشخصية وعائلاتهم وممتلكاتهم.

ولطالما كان امتلاك السّلاح الفرديّ ظاهرة شائعة في لبنان، حتى قبل سنوات الحرب الأهلية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. غير أنّ اللافت للنظر أنه بعد مرور أكثر من 30 سنة على نهاية الحرب، تُشير تقديرات دولية إلى وجود نحو مليوني قطعة سلاح بين أيدي اللبنانيين وفي خزائنهم.

ويقول ثلاثة تجّار سلاح من مناطق لبنانية مختلفة لـ"الأسوشيتد برس" إنّ السّعي لشراء قطع سلاح فردية تزايد في الشهور الماضية، برغم أن أسعارها تتراوح من مئات إلى آلاف الدولارات، في ظلّ أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد في تاريخها، والتي تركت آثارها على مختلف مناحي الحياة، ومن ذلك شعور اللبنانيين بالخوف من انفلات القبضة الأمنية لأجهزة الدولة، وحاجتهم إلى حماية أنفسهم بأنفسهم، مع تزايد معدلات الجريمة.

ونشرت شركة "الدولية للمعلومات" للدراسات الإحصائية إحصاءات تشير إلى أنه خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2021، ازدادت معدلات الجريمة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2019، بنسب مخيفة. فسرقة السيارات بلغت زيادتها 212%، وجرائم السرقة 265%، بينما قفزت جرائم القتل 101% (من 89 جريمة قتل إلى 179 جريمة قتل).

ويأتي كلّ ذلك بالرغم من أنّ وزارة الدفاع اللبنانية أعلنت في مارس/آذار الماضي تجميد تراخيص حمل السلاح. وفي السياق، أصدر الجيش اللبناني بياناً قبل نحو أسبوع، عن حصيلة شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال فيه إنّه اعتقل 486 شخصاً مِن جنسيات مختلفة لتورّطهم بجرائم متعددة، من بينها "تهريب أسلحة وحيازتها"، وصادر 118 سلاحاً من مختلف الأنواع.

وبرغم هذا الحظر، يزداد الإقبال على امتلاك أسلحة فردية خارج إطار القانون، إذ قال تاجر سلاح يعمل في مناطق الجبل المشرفة على بيروت، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية نشاطه، إنه يبيع 300 بندقية آلية شهرياً، وإن هناك زيادة في الشراء بنسبة 60%، خاصة بعد الاشتباكات التي اكتسبت طابعاً طائفياً في منطقتَيْ خلدة (في الأول من أغسطس/آب الماضي) والطيونة (في 14 أكتوبر/تشرين أول الماضي)، وأوقعت عشرات الضحايا بين قتيل وجريح.

وقال التاجر: "مَن يأتي لشراء سلاح، يكون هدفه تأمين الحماية الشخصية لنفسه، وحماية الأموال الموجودة في المنازل، حيث بات العديد من الناس يحتفظون بأموالهم في بيوتهم" بعد قرار البنوك في 2020 احتجاز أموال المودعين ووضع قيود مشددة على سحبها أو التصرّف بها.

ولا تتوفر إحصاءات رسمية في لبنان حول عدد قطع السلاح لدى المواطنين، والقوى الحزبية اللبنانية المختلفة، بالإضافة إلى الفصائل الفلسطينية. إذ يحتفظ كثيرون بأسلحتهم الفردية منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990، لكن خلال الحرب التي اندلعت في سوريا قبل عشرة أعوام، ازداد نشاط تهريب الأسلحة عبر الحدود من لبنان وإليه. غير أنّ تراجع أوزار الحرب السورية نسبياً، وجّه حركة التهريب أكثر باتجاه لبنان.

وبحسب موقع "مراقبة الأسلحة الصغيرة" السويسري الناشط في مجال رصد ومكافحة انتشار الاسلحة الفردية على مستوى العالم، توجد 31.9 قطعة سلاح فردي لكلّ 100 شخص في لبنان، ما يعني أن الرقم الإجمالي لقطع السلاح 1.927 مليون قطعة لعدد سكان يُقدّر بنحو 6.769 ملايين نسمة، ما يعني أن لبنان يحتلّ الترتيب الثاني عربياً بعد اليمن، والتاسع عالمياً، في عدد قطاع السلاح الفردي، ويتفوّق حتى على العراق الغارق في فوضى أمنية وسياسية منذ 20 سنة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً