نحو مليون جزائري يجددون مطالبتهم برحيل بوتفيلقة وكل رموز النظام في الجمعة السادسة على التوالي (AFP)
تابعنا

لا تنفك جمعة تمر على الجزائر، إلا ومشهد الشوارع في البلاد يكسوه أمواج الناس المطالبين من جديد برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورموز النظام السياسية والعسكرية.

الجمعة السادسة، والتي وُصفت بالأكبر منذ بداية الاحتجاجات، خرج فيها أكثر من مليون جزائري حسب تقديرات الشرطة الجزائرية، طالبوا فيها باستقالة بوتفليقة.

جموع المواطنين ترفع شعارات مطالبة بالتغيير في مسيرات سلمية عبر #الوطن 🇩🇿

Posted by ‎Télévision Algérienne - المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري‎ on Friday, 29 March 2019

وشهد حراك الجمعة لأول مرة تغطية مباشرة من التلفزيون الرسمي الجزائري الذي قرر بقنواته الثلاث القناة الأرضية والقناة الناطقة بالفرنسية والقناة الثالثة، نقل مظاهرات الجمعة السادسة للحراك عبر عدة مدن بالبلاد، مع استضاف محللين للحديث عن الأزمة الراهنة.

تأتي هذه الخطوة بعد أيام من إقالة المدير العام للتلفزيون توفيق خلادي، وتعيين المدير السابق للأخبار بنفس المؤسسة لطفي بو شريط خلفاً له.

وتحولت هذه الجمعة، إلى استفتاء في الشارع يطالب برحيل كل رموز النظام الحالي، بعد مقترح الجيش بتطبيق مادة دستورية حول شغور منصب الرئيس كحل للأزمة، والذي بات يعرف بالمادة 102.

الأولى بعد مقترح المادة 102

تعد هذه الجمعة، الأولى بعد اقتراح لقيادة الجيش، قبل أيام، بتنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم، وفقاً للمادة 102 من الدستور، باعتباره الحل الدستوري الأنسب للاستجابة لمطالب الشارع والحفاظ على سيادة البلاد.

وتنص المادة 102 من دستور الجزائر، على أنه في حالة استقالة الرئيس أو وفاته أو عجزه، يخلفه رئيس مجلس الأمة لمدة 90 يوماً، تنظم خلالها انتخابات جديدة.

وتباينت شعارات وهتافات رفعها المتظاهرون بين قبول تطبيق هذه المادة، لكن بضمان عدم إشراف أي من وجوه النظام الحالي على المرحلة الانتقالية، وآراء أخرى تدعو إلى الرجوع إلى المادة 7 من الدستور التي تنص على أن الشعب مصدر السلطات.

وبرزت شعارات لأول مرة تخص مطالب الجماهير بشأن الحل المطلوب للأزمة مثل "الشعب فوق الدستور"، ولافتة تحمل صوراً لرموز النظام الحالي مكتوب عليها "بعد تطبيق المادة 102 ستكون الجزائر بدونهم".

الجيش هو الحكم

أثارت الخطوة التي أقدم عليها رئيس أركان الجيش الجزائري في 22 مارس/آذار الماضي، صدمة في أوساط المؤسسة السياسية ورسمت علامة استفهام كبيرة على خطة بوتفليقة للبقاء في المنصب لفترة مؤقتة من أجل الإشراف على عملية انتقال السلطة.

فبينما اختار بوتفليقة تأجيل الانتخابات وتمديد العهدة الرابعة لحكمه، لمواجهة الضغط الشعبي الداعي لتنحيه بشكل فوري، ألقى الجيش بثقله في عملية تغيير القيادة السياسية في الجزائر، في خطوة وصفتها وكالة رويترز بأنها تهدف"لتعزيز نفوذه السياسي الهائل".

وحسب الوكالة فإن دور المؤسسة العسكرية في الجزائر يتركز خبرته في المحافظة على الأوضاع السياسية وليس في تغييرها، وهو ما يعني أنها ليس المؤسسة المناسبة لإدارة الإصلاح السياسي والاقتصادي الجذري الذي يطالب به كثير من الجزائريين.

اللعبة في الجزائر بين الرئاسة والمحتجين، والجيش هو الحكم. يمكنك أن تستبعد لاعباً لكن لا يمكنك أن تستبعد الحكم

قائد عسكري متقاعد لرويترز

وفي الأيام التالية أطلق حزبان سياسيان كبيران وأكبر اتحاد عمالي في البلاد، وهما من أنصار الرئيس منذ زمن طويل، دعوة مماثلة لدعوة الجيش.

وقال قائد عسكري متقاعد لرويترز إن "اللعبة بين الرئاسة والمحتجين، والجيش هو الحكم. يمكنك أن تستبعد لاعباً لكن لا يمكنك أن تستبعد الحكم".

فيما يرى ضباط كبار سابقون في الجيش أن السيناريو المثالي بالنسبة للجيش هو مرشح توافقي لمنصب الرئيس يلبي بعض مطالب المحتجين وفي نفس الوقت يمكّن الجنرالات من المساعدة في رسم مستقبل البلاد.

إصلاح سياسي؟

قيادة الإصلاح السياسي وتغيير نظام البلاد، أصبحت أهم العبارات المرددة في الجزائر في الفترة الأخيرة، إلا أن ذلك يدور حوله الكثير من علامات الاستفهام، خاصة في آليات الإصلاح ومن يقوده.

ويقول ضابط متقاعد من المخابرات العسكرية لرويترز إنه "يتصور مزيداً من التنازلات من جانب الجيش من بينها قبول مرشحين من المحتجين للتعامل مع المرحلة الانتقالية".

أتصور مزيداً من التنازلات من جانب الجيش من بينها قبول مرشحين من المحتجين للتعامل مع المرحلة الانتقالية

ضابط متقاعد من المخابرات العسكرية لرويترز

في المقابل يعتبر زعماء الاحتجاجات تدخل الجيش مزيجاً من الحذر والبراغماتية، مطالبين بإصلاح سياسي شامل يقضي على أي نفوذ للجيش في الحياة السياسية.

وقال المحامي والناشط مصطفى بوشاشي وهو من أبرز قادة الاحتجاجات إن "مؤسسة الجيش ظهرت أنها في صف الناس أثناء الاحتجاجات" مبدياً تمنياته بأن "يظل مع الناس وأن يساعد في ضمان عملية انتقال السلطة".

من يخلف بوتفليقة؟

مثل كل المتظاهرين يريد الناشط بوشاشي جيلاً جديداً من القادة لإصلاح المشهد السياسي الراكد في البلاد وإنعاش اقتصاد متعثر، لكنه يقول إن من السابق لأوانه مناقشة من سيخلف بوتفليقة.

في المقابل، يرى بعض من هم على استعداد للتكهن أن السياسي المعارض أحمد بن بيتور منافس محتمل، وكان بن بيتور قد استقال من منصب رئيس الوزراء في عهد بوتفليقة بسبب خلافات حول الهيمنة الاقتصادية للنخبة الحاكمة والافتقار إلى الشفافية.

ومن الأسماء الأخرى المطروحة وزير الاتصالات السابق عبد العزيز رحابي والرئيس السابق اليامين زروال، الذي خرج لتحية المتظاهرين وسط مدينة باتنة، مكتفياً بالصمت حيال دعوات لتوليه زمام المرحلة الانتقالية.

لكن يؤكد المتابعون للشأن الجزائري أن أياً كان من سيصبح الرئيس المؤقت فلابد أن يحظى بقبول قادة الجيش.

ورغم أن الانتخابات المحلية والبرلمانية في الجزائر يمكن أن تشهد منافسات حقيقية، حتى وإن كانت مفتوحة فقط أمام الأحزاب التي توافق عليها السلطات، فإن الانتخابات الرئاسية تخضع لضوابط مشددة ويكون فوز المرشح المفضل للجيش في حكم المؤكد بحسب رويترز.

مجلس رئاسي لحل الأزمة

دعا الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين، إلى تشكيل مجلس رئاسي من شخصيات وطنية مقبولة لقيادة مرحلة انتقالية قصيرة المدى.

وطرح الاتحاد، خارطة طريق للخروج من الأزمة التي تعرفها الجزائر، منذ 22 فبراير/شباط الماضي، حين خرج ملايين المواطنين للمطالبة برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

كما دعا مجلس الاتحاد، في بيان له إلى تأسيس مرحلة انتقالية "قصيرة المدى"، دون أن يحدد الآجال الزمنية لها.

واقترح الاتحاد تعليق العمل بالدستور الحالي للبلاد، "الذي يعيق تنظيم انتخابات رئاسية ذات مصداقية"، وإصدار إعلان دستوري لتسيير المرحلة الانتقالية.

وأضاف الاتحاد، أن خارطة الطريق هذه توصي بتعيين حكومة كفاءات لتصريف الشأن العام، وتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة، إلى جانب إنشاء هيئة مستقلة للإشراف وتنظيم الاستحقاقات.

وطالب المحامون المنضوون تحت لواء الاتحاد، من الادعاء العام بفتح تحقيقات عاجلة في قضايا الفساد واتخاذ الإجراءات التحفظية.

ومن جانبها، دعت أحزاب وشخصيات من المعارضة، إلى تنصيب هيئة رئاسية من شخصيات ذات كفاءة ومصداقية ونزاهة، تشرف على مرحلة انتقالية مدتها 6 أشهر.

TRT عربي
الأكثر تداولاً