أطراف تونسية اعتبرت خطوات سعيد بمثابة انقلاب  (AFP)
تابعنا

يوم حافل في تونس بدأ باحتجاجات ظلت معهودة في هذا البلد منذ أشهر طويلة على خلفية أزمة سياسية حادة تشهدها البلاد بين الرئاسات الثلاث، لكنها انتهت بقرارات مفاجئة من الرئيس التونسي قيس سعيد رفضتها غالبية القوى السياسية واصفة إياها بـ"الانقلاب" على الشرعية والدستور، على الرغم من نفي سعيد لذلك بشدة.

وصباح الأحد تجمع مئات التّونسيين بالقرب من البرلمان غربي العاصمة وبعض المحافظات احتجاجاً على تردِّي الأوضاع الصحية والسياسية بالبلاد والمطالبة برحيل الحكومة وحلّ البرلمان، وسط حضور أمني كثيف.

جاء ذلك بعد أن تتالت دعوات نشطاء بمواقع التّواصل الاجتماعي مؤخراً للتّظاهر في العاصمة تونس بالتّزامن مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية الموافق 25 يوليو/تموز من كل عام، مطالبين بإنهاء الأزمة السياسية ورحيل الحكومة وحلّ البرلمان.

ولم تمر سوى ساعات قليلة على هذه التحركات حتى اجتمع سعيد بقيادات عسكرية وأمنية في قصر قرطاج معلناً عن توليه السلطة التنفيذية، بمساعدة رئيس حكومة يعينه، بالإضافة إلى تجميد اختصاصات البرلمان لمدة شهر مبدئياً.

وقال سعيد إنه قرر إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، وقرر أيضاً رفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان وأن يتولى النيابة العمومية بنفسه.

وتابع بأنه اتخذ هذه القرارات بـ"التشاور" مع رئيس الحكومة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، وسيتخذ قرارات أخرى حتى يعود السلم الاجتماعي للبلاد

وأشار سعيد إلى أنه استند في اتخاذ تلك القرارات إلى ما جاء في الدستور .

وأوضحت الرئاسة في بيان لاحق أن القرارات جرت "عملاً بالفصل 80 من الدستور"

وينص الفصل 80 من الدستور التونسي على التالي: "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب".

يذكر أن البرلمان عرف في الأشهر الأخيرة تعطيلاً لأشغاله وشجارات ونزاعات بين نوابه.

وكثيراً ما لوَّح سعيد باستعمال ما يتيحه له القانون لمواجهة هذا الوضع، معتبراً أن "لديه" من الإمكانيات القانونية ما يسمح بالحفاظ على الدولة التونسية، وأنه لن يبقى مكتوف الأيدي أمام تهاوي مؤسسات الدولة.

الغنوشي: ما جرى انقلاب على الدستور والدولة (Reuters)

"انقلاب"

رئيس حركة النهضة الغنوشي اعتبر القرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية "انقلاباً على الدستور والدولة".

وتابع في تصريحات إعلامية بأن "مؤسسات الدولة المنتخبة لا تزال قائمة وأن تأويل الرئيس للدستور خاطئ".

وفي تدوينة له على فيسبوك قال رياض الشعيبي المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة إن ما أعلن عنه سعيد: "انقلاب على الدستور".

وتابع بأنه " لا يحق لرئيس الجمهورية تجميد المجلس النيابي، وأنه لا يحق له أن يسند لنفسه اختصاصات لم يمنحها له القانون".

وأضاف: "اليوم تنكشف الوجوه الحقيقية لأولئك الذين يدعون الديمقراطية ويساندون رئيساً انقلابياً".

ولفت إلى أنه "لم يُتشاور مع رئيس مجلس النواب أو مع رئيس الحكومة".

وفي كلمة خلال احتفالية بمقر البرلمان دعا رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي الأحد أبناء بلاده لتوحيد الصفوف والابتعاد عن التجاذبات والتفرقة وإثارة الضغائن والأحقاد، ومواجهة عدو تونس ''فيروس كورونا'' صفاً واحداً.

مواقف رافضة

عضو المكتب التنفيذي لحركة "النهضة" التونسية نور الدين البحيري اعتبر من جهته في تصريح لوكالة الأناضول القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس سعيد "انقلاباً مروضاً" على الدستور والشرعية.

خبيرة القانون الدستوري التونسية سناء بن عاشور لراديو "موزاييك" المحلي قالت بدورها إن قرارات سعيد الأخيرة "مخالفة للدستور" وإن "الفصل (المادة) 80 الذي استند إليه سعيد في ما أعلنه لا ينص بأي حال على ما اتخذه من قرارات".

أما الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي عبَّر فجر الاثنين عن رفضه قرارات الرئيس قيس سعيد الأخيرة، معتبراً إياها "انقلاباً".

أزمة مستمرة

وتمر تونس بأزمة سياسية إثر الخلافات بين رئيس البلاد قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام مشيشي بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/كانون الثاني الماضي.

وعلى الرغم من تصديق البرلمان على التعديل فإن سعيد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبراً أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما يرفضه رئيس الحكومة​​​​​​​.

وعلى الرغم من تواصل الخلافات بين رأسَي السلطة التنفيذية فلم يتم حتى الآن استكمال تشكيل المحكمة الدستورية، وهي هيئة قضائية جرى إقرارها بموجب دستور 2014، تراقب مشاريع تعديل الدستور، والمعاهدات ومشاريع القوانين، والقوانين، والنظام الداخلي للبرلمان، وتبت في استمرار حالات الطوارئ، والنزاعات المتعلقة باختصاصَي الرئاسة والحكومة.


TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً