تسلّل القراصنة لوزارات ومؤسسات أمريكية حساسة من خلال تثبيت برنامج خبيث على تحديث "سولار ويندوز" المرتبط بشبكة واسعة من العملاء حول العالم  (Sergio Flores/Reuters)
تابعنا

تعرّضت الحكومة الأمريكية لما يوصف بـ"أسوأ اختراق إلكتروني" في تاريخ الولايات المتحدة، ومازالت تداعياته مستمرة منذ الكشف عنه الأسبوع الماضي، وتدريجياً يتضح حجم التدمير الذي تسبب فيه، والمدة الjd سيستغرقها إصلاحه.

فقد انكشفت أكبر عملية اختراق سيبراني بعدما نشرت وكالة رويترز تقريراً خاصاً يوم 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قالت فيه إن متسللين يُشتبه بأنهم روس استطاعوا النفاذ إلى البريد الإلكتروني الخاص بوزارتي الخزانة والتجارة في الولايات المتحدة، وذلك عن طريق اختراق شركة "فاير آي" الأمريكية للأمن السيبراني التي تعمل في مجال صدّ الهجمات الإلكترونية، وتمكن المتسللون من تركيب برنامج خبيث أصاب نحو 18 ألف نظام لدى عملاء الشركة، من خلال تحديث لبرنامج "سولار ويندوز".

ما حجم الاختراق الإلكتروني؟

لاحقاً، اتضح أن العملية أكبر من ذلك بكثير، إذ إنها مستمرة منذ شهر مارس/آذار الماضي، ولا يمكن معرفة حجم الاختراق وهل انتهى أم لا حتى الآن.

فبعد أيام من تحديد الاختراق، أعلنت "فاير آي" تضرُّر 1800 منظمة تتضمن هيئات حكومية حساسة، وحجم الضرر الذي أصاب 50 منظمة منهم "بالغ وجسيم".

من بين المؤسسات المتضررة وزارة الخزانة الأمريكية ووزارتي الأمن الداخلي والدفاع، بالإضافة إلى وزارة الطاقة الأمريكية التي سارعت للتأكيد على أن "أمن الترسانة النووية لم يتعرّض للخطر".

ثم أعلنت شركة "مايكروسوفت"، الخميس 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أنها أخبرت أكثر من 40 عميلاً لديها تضرّروا من الاختراق، وتم النفاذ إلى تلك الشبكات والمعلومات الخاصة بهم.

وأوضح رئيس الشركة براد سميث، أن حوالي 80% من هؤلاء العملاء داخل الولايات المتحدة، لكن أيضاً الاختراق طال عملاء في عدة دول أخرى، منها بريطانيا وإسرائيل والإمارات وكندا والمكسيك وبلجيكا وإسبانيا، فيما اعتبره سميث "هجوماً مبهراً وخطراً جداً من حيث مداه وتعقيده وتأثيره، وغير مسبوق حتى في العصر الرقمي".

"تحذير صارخ"

بعد توالي أخبار الهجوم الإلكتروني، أطلقت وكالة الأمن السيبراني والبنية التحتية الأمريكية "تحذيراً صارخاً" في بيان، قالت فيه إن معالجة عواقب الاختراق ستكون "معقدة وصعبة للغاية"، وأن الجهة التي تقف وراءه "فاعلة ومتقدمة وخطرة".

ووصفت الضرر بأنه يشكل "تهديداً خطيراً"، إذ طال الوكالات الفيدرالية وشركات القطاع الخاص ومؤسسات بالغة الحساسية، وتعرّضت البنية التحتية بأكملها للخطر.

من جانبه، قال نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جيمس لويس، إن حجم الاختراق هائل، وتابع: "لا نعرف ما الذي جرى الاستيلاء عليه تحديداً، لذا ستكون هذه من بين مهام الفريق الجنائي، ولا نعرف أيضاً ما الذي تُرك في الأنظمة المخترقة، فالشائع ترك شيء ما ليتمكن القراصنة من العودة لاختراق الشبكات مستقبلاً"، وفقاً لحديثه لوكالة فرانس 24.

أصابع اتهام نحو روسيا

اتهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو روسيا بالوقوف وراء الهجوم، قائلاً "كانت هناك جهود كبيرة لاستخدام جزء من برنامج معلوماتي لطرف ثالث، لدسّ رمز أساسي داخل أنظمة الحكومة الأمريكية"، في تصريحه لبرنامج "دي مارك ليفين شو".

وتابع بومبيو "الآن يمكننا أن نقول بشكل واضح جداً إن الروس يقفون وراء ذلك الهجوم"، لافتاً إلى أن الحكومة الروسية نفذت محاولات متكررة لاختراق شبكات الحكومة الأمريكية.

ووصف بومبيو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "يظل خطراً حقيقياً".

وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فإن تقنية التسلُّل المستخدمة في الاختراق، والمعروفة باسم "سلسلة التوريد" هي نفس التقنية التي استخدمها قراصنة روس ضد الشركات التي تتعامل مع أوكرانيا عام 2016.

لكن روسيا نفت بشدة الاتهامات الموجهة إليها، في بيان للمتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال فيه: "لم تتورط روسيا في مثل هذه الهجمات، وتحديداً الهجمات الأخيرة، نقولها بصورة رسمية وقاطعة"، بحسب وكالة "تاس" الروسية.

وتابع بيسكوف "أي اتهامات عن تورط روسيا لا أساس لها على الإطلاق، إنها استمرار للرهاب الأعمى من روسيا والذي يلوَّح به عند وقوع أيّة حادثة".

توعُّد بايدن وتهوين ترمب

أعرب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن عن "قلقه البالغ" إزاء الاختراق، متعهداً بجعل الأمن السيبراني "أولوية قصوى" لدى إدارته المقبلة.

وتعهد بايدن بـ"تعطيل وردع الخصوم عن شنّ هجمات إلكترونية كبيرة في المقام الأول"، وتابع "سنفعل ذلك من بين أمور أخرى، بفرض تكاليف باهظة على المسؤولين عن مثل هذه الهجمات".

أما الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب، فقد تعرّض لانتقادات واسعة بسبب تهوينه من حجم الاختراق، إذ ظل نحو أسبوع صامتاً دون إصدار أي تصريح رسمي من البيت الأبيض، ثم قال في تغريدة "إن الوضع تحت السيطرة بالكامل"، متهماً وسائل الإعلام بتهويل الأمر واتهام روسيا دون دليل، ومشيراً إلى أن الصين "قد" تكون متورطة أيضاً.

وعارض بعض النواب الجمهوريين موقف ترمب بشدة، فقد حمّل السيناتور ميت رومني روسيا المسؤولية، ووصف الهجوم بأنه يرقى لمستوى "الهجوم الحربي"، وندّد بشدة بصمت البيت الأبيض.


TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً