القمة ساهمت في إحداث مكاشفة بين زعماء دول الحلف (Reuters)
تابعنا

أسدل الستار على قمة الناتو التي تجاوزت الخلافات بين الشركاء، لتشدد على أن ما يربط الدول الأعضاء بالحلف أكثر مما يفرقها، على الرغم من توقعات المحللين السابقة بسلبية النتائج والأجواء نتيجة وجود انقسام وضبابية في مستقبل الشراكة بين أعضاء الحلف الذين بدى سابقاً أنهم ليسو على قلب رجل واحد، بعد تناثر التصريحات والاتهامات فيما بينهم قبل انعقاد القمة.

وساهمت اللقاءات التي عقدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش القمة، في تقريب وجهات النظر بين أنقرة والعواصم الحليفة في الناتو، فقد نجح فعلياً في ذلك، حسب تحليل الباحث في الشؤون الأوروبية توفيق قويدر خلال حديثه لـTRT عربي.

ويعتقد قويدر أن القمة ساهمت في إحداث مكاشفة بين زعماء دول الحلف، على الرغم من أن الظروف المحيطة بها كان فيها نوع من المشاكل ورهانات، من بينها المستحقات التي طالبت بها الولايات المتحدة،إذ اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي يشكّل جيش بلاده أكبر قوة في الحلف، أعضاء آخرين بالاعتماد على الولايات المتحدة في دعم موازنة الحلف، كما لوح مرات عدة بالانسحاب من التحالف ما لم يحقّق بقية الأعضاء إنفاقاً دفاعيّاً بنسبة 2% على الأقل من الناتج القومي لكل دولة عضو في الحلف،وهي رسالة إلى ألمانيا لضخ المزيد من الأموال.

تأكيد على أهمية تركيا

في الوقت الذي حاول فيه البعض التقليل من أهمية أكبر حلف عسكري عرفه التاريخ في الذكرى الـ70 لانعقاده، كما فعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي وصف الحلف بـ"الميت دماغياً"، وفي وسط تساؤلاته عن عدو الناتو، إذا كانت الصين أم روسيا أم تركيا، جاء رد بعض الرؤساء عليه والنتيجة التي خرجت فيها القمة لتؤكد أهمية تركيا بالنسبة للحلف.

الرئيس الأمريكي وفي تصريحات أدلى بها على هامش اجتماع زعماء حلف شمال الأطلسي، قدم إشادة علنية بتركيا على ما تقوم به على الحدود السورية، مشيراً إلى وجود"التزام تام بوقف إطلاق النار"على الحدود السورية، كما وصف لقاءه مع نظيره التركي بأنه "جيد للغاية".

وخلال اللقاء الذي استمر 30 دقيقة بعيداً عن وسائل الإعلام، تباحث الزعيمان في المسألة السورية، وأعلن البيت الأبيض في بيان أن الزعيمين ناقشا سبل تعزيز ورفع حجم التجارة بين البلدين إلى 100 مليار دولار، إضافة إلى تحديات الأمن الإقليمي وأمن الطاقة.

ترمب أيضاً أجاب على قضية امتلاك تركيا لصواريخ S-400 الروسية، وقال: "من حقها أن تقتني هذه الصواريخ لأن إدارة أوباما لم تعطيها الباتريوت"، ما أوقف الجدل حول هذه المسألة التي واجهت تعقيدات كبيرة في الفترة السابقة.

من جانبه، قال جون رود مستشار وزارة الدفاع الأمريكية للشؤون السياسية، إن بلاده تواصل التشاور مع تركيا لإيجاد مخرج لأزمة منظومة S-400 وأوضح أن بلاده تواصل الحوار مع تركيا من أجل حل هذه الأزمة بطريقة إيجابية.

تركيا عضو مهم في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتوجد جوانب إيجابية في علاقات تركيا مع الولايات المتحدة الأمريكية

جون رود - مستشار وزارة الدفاع الأمريكية للشؤون السياسية

ويرى الباحث في الشؤون الأوروبية توفيق قويدر أن تصريحات ترمب هي رسالة واضحة لماكرون بأن تركيا لديها دور كبير في الناتو وبخاصة خبرتها في مكافحة الإرهاب، ولولا الخبرة العسكرية في مكافحتها له لما خفضت واشنطن من تواجدها في سوريا، ما يعني أن الدور التركي أًصبح يعوَّل عليه كثيراً.

 ويعتقد قويدر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صعّد تجاه تركيا على الرغم من أنها ثاني أكبر حليف للناتو بعد أمريكا، لأن أنقرة تسعى للاستقلال ذاتياً ولا تريد أن تكون خاضعة لسياسة ماكرون الذي يريد توجيه دول حلف الناتو وكأنه المنقذ.

تفهّم الضغوط التركية

وخرجت القمة بتفهّم تام لما تواجهه تركيا فيما يتعلق بالملف السوري، إذ قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء، خلال مؤتمر صحفي عقده بعد انتهاء قمة زعماء الناتو، إن أعضاء الحلف يدركون الضغوط الكبيرة التي تواجهها تركيا بوجود4ملايين سوري لديها، وتهديدات التنظيمات الإرهابية مثل YPG/PKK".

الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تحاول فهم خطط تركيا في شمال سوريا ورؤيتها للمستقبل هناك، تجنباً لأي سوء تفاهم بين أنقرة والحلف

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون

ومع الدور الذي تبذله تركيا في محاربة الإرهاب بخاصة على حدودها مع سوريا والعراق، بدا أن توافقاً كبيراً بين هذا المجهود وما أعلنه قادة من أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يواصل تهديد الدول الأعضاء.

وقال القادة في "إعلان لندن" الصادر في ختام اجتماع قادة الحلف، إن الناتو"يظل الأساس للدفاع الجماعي والمنصة الأساسية للمشاورات والقرارات الأمنية بين الحلفاء، وهو تحالف دفاعي لا يشكل أي تهديد لأية دولة"، ولفت إلى ضرورة أن يناقش حلف الناتو بشكل مشترك"الفرص والتحديات الناجمة عن النفوذ المتزايد للصين وسياساتها الدولية".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً