تعيين نتنياهو لبينيت وزيراً للدفاع واجهه رفض عدد من الزعماء الإسرائيليين (AP)
تابعنا

ما زالت المعركة السياسية مستمرة في إسرائيل، مع اقتراب انتهاء المهلة الممنوحة لزعيم المعارضة بيني غانتس من أجل تشكيل الحكومة منتصف ليلة الأربعاء، بعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيلها، ليستمر المشهد المظلم الذي قد يقود إسرائيل إلى انتخابات ثالثة في أقلَّ من سنة، بخاصة بعد انتهاء اللقاء بين نتنياهو وغانتس دون اتفاق.

ومن المرجح أن يعيد بيني غانتس التفويض إلى الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، إذا لم تحمل الساعات القادمة أي مفاجأة، وقد يكون رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" أفغيدور ليبرمان قادراً على إحداثها بتشكيل حكومة بعيداً عن الليكود، إلا أن الأخير يرفض دعم أي حكومة بخلاف حكومة الوحدة، أو التوجه نحو حكومة أقلية تعتمد على القائمة العربية المشتركة، وقد يعزّز هذا الأمر التوجه إلى الدعوة لانتخابات ثالثة.

وقال نتنياهو في تغريدة له على تويتر، إن "بيني غانتس رفض الشرط الذي وضعه أفيغدور ليبرمان بقبول مبادرة الرئيس الإسرائيلي التي شغل بها رئاسة الوزراء خلال الفترة الأولى"، مشيراً إلى أن ليبرمان وعد بأنه سيكون مع الجانب الذي لا يرفض شروطه، وأضاف: "الآن بقي لدينا الترقب إن كان ليبرمان سيلتزم كلمته".

ويحاول نتنياهو الخروج من أزماته بخوض جولات تصعيد على كافة الجبهات، لعرقلة منافسه غانتس عن تشكيل حكومة، يدعمه في ذلك وزير الدفاع المؤقت نفتالي بينيت الذي حاول نتنياهو تحصين كتلة اليمين بتعيينه مؤخراً، ليكونا بذلك ثنائيّاً يقاتل ويريق دماء الفلسطينيين من أجل السياسة، كما قال مراقبون، بخاصَّة بعد التصعيد الأخير في غزة الذي جاء بسبب اغتيال قيادي في حركة الجهاد الإسلامي.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه أعضاء حزب نتنياهو قرار تعيين بينيت وزيراً للدفاع، خطوة استراتيجية تهدف إلى ضمان استمرار دعم معسكر اليمين لرئيس الوزراء في المحادثات الائتلافية الجارية، غضب كثير من المسؤولين الإسرائيليين الذين اعتبروا تصرُّفه غير مسؤول ويهدف إلى البقاء في السُّلْطة فترة أطول. ويخيف هذا التعيين عديداً من المسؤولين الإسرائيليين لأن بينيت يُعرَف بتهوُّره وتشجيعه لخوض الحروب، فيما يرى آخرون أن تعيينه "يقرّب إسرائيل من جولة انتخابات ثالثة".

وجاء القرار بعد اتفاق نتنياهو وبينيت على تشكيل الليكود واليمين الجديد كتلة مشتركة في الكنيست من أجل تحصين كتلة اليمين، وفي هذه الحالة يضمن نتنياهو فرصة لتشكيل الحكومة إذا ما فشل غانتس في ذلك، إذ يمنح الكنيست الإسرائيلي فرصة أخيرة لاختيار رئيس للحكومة من أعضائه خلال 21 يوماً، ويستطيع أي عضو بالكنيست أن يتولى المهمَّة بشرط أن يحظى بتأييد 61 نائباً هم أكثر من نصف عدد أعضاء البرلمان الـ120.

ومع تحصين نتنياهو كتلة اليمين بالتحالف مع بينيت الداعم الأكبر له، يكون بذلك صاحب الحظ الأوفر في تشكيل الحكومة الجديدة، متجنباً بذلك الذهاب إلى انتخابات ثالثة.

نتنياهو خدع بينيت بهذا التعيين، والهدف منه بقاء نتنياهو لبضعة أشهر أخرى في السلطة

عضو الكنيست الإسرائيلي - تمار زاندبرغ

وما زال بينيت ونتنياهو يحاربان من أجل كسب المعركة السياسة في ساعاتها الأخيرة، ففي البداية وبعد تعيين نفتالي بينيت وزيراً للدفاع، أمر بينيت باغتيال بهاء أبو العطا، أحد أبرز قادة حركة الجهاد الإسلامي في غزة، وفتح جبهة جنوبية قتل فيها 35 فلسطينيّاً، بموافقة من نتنياهو الذي كان يرفض اغتيال أبو العطا سابقاً باعتراف من وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفغيدور ليبرمان الذي سبق وطلب من نتنياهو تولي أمر عملية الاغتيال هذه، إلا أن الأخير رفض الأمر بشدة، ليتراجع الآن في الوقت الذي شعر فيه بأنه في مأزق.

ويرى متابعون أن السلطات الإسرائيلية تحاول الخروج من مأزقها عبر سياسة الاغتيالات والتصعيد ضدّ الفلسطينيين كما دأبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، إذ قال نفتالي بينت إثر انتهاء التصعيد في غزة، إن "قواعد اللعبة الجديدة واضحة؛ الجيش سوف يعمل بأريحية كاملة في قطاع غزة، دون أي قيود".

وأعلن بينيت، بعد وقت قصير من تَسَلُّم منصبه، عن "وضع خاصّ" في الجبهة الداخلية للبلدات التي تقع ضمن نطاق 80 كيلومتراً من القطاع، ويُستخدم مصطلح الوضع الخاص في أوقات الطوارئ، ويمنح السلطات سلطة أكبر على المدنيين من أجل تبسيط الجهود المبذولة لحماية السكان، وهو ساري المفعول لمدة 48 ساعة ما لم يمدده رئيس الوزراء.

جبهة مفتوحة في الشمال

في المقابل أشعل الثنائي جبهة في الشمال بمحاولة اغتيال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أكرم العجوري في العاصمة السورية دمشق، تزامناً مع الضربة على قطاع غزة.

ولم تمضِ أيام حتى أعلن جيش النِّظام السوري عن تصدِّي مضادَّاته الأرضية لعدة صواريخ إسرائيلية أُطلِقَت نحو محيط مطار دمشق الدولي، ليزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي بعدها أن القصف جاء بعد اعتراضه 4 صواريخ أُطلِقَت من سوريا نحو هضبة الجولان المحتلة.

ما حصل في هضبة الجولان يذكّرنا بالتعقيدات في إدارة جبهتين في آن واحد

عضو الكابينيت الإسرائيلي - بتسالئيل سموتريتش

من جانبه، رفض وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في حديث لإذاعة "كان" العبرية، التعقيب على هذه الأحداث، مكتفياً بالقول إن "الكفاح ضدّ إيران والمنظَّمات التي تدور في فلكها يستمر دون هوادة شمالاً وجنوباً"، وشدّد على أن إسرائيل تنادي باتباع سياسة تقضي بإزالة التهديدات التي تحدق بها.

وشنّ جيش الاحتلال فجر الأربعاء غارات جديدة على محيط دمشق، معتبرة أنها جاءت لوضع قواعد جديدة للاشتباك وتصعيداً بالردّ على إيران.

طائرات حربية تابعة للجيش الإسرائيلي أغارت على عشرات الأهداف العسكرية التابعة لفيلق القدس الإيراني وجيش النظام السوري داخل الأراضي السورية، تشمل صواريخ أرض-جو ومقرات قيادة ومستودعات أسلحة وقواعد عسكرية

الناطق بلسان جيش الاحتلال - أفيخاي أدرعي

وعلّق نتنياهو على القصف بالقول: "أوضحت أننا سنضرب كل من يعتدي علينا. هذا ما فعلناه هذه الليلة ضدّ أهداف عسكرية تابعة لقوة قدس الإيرانيَّة وللجيش السوري في سوريا، وذلك بعد أن أُطلِقَت أمس صواريخ من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل".

أما بينيت فقد ادَّعى أن "الرسالة من وراء هذه الغارات موجَّهة إلى قادة إيران، أنهم ليسوا في مأمن".

جرائم أخرى لكسب المعركة

ولم يتوقف نتنياهو عن فعل كل ما يستطيع من أجل كسب منصب رئيس الحكومة، إذ دعا غانتس ورئيس حزب "يسرائيل بيتينو" أفيغدور ليبرمان، إلى تشكيل حكومة وحدة تمكّنهم من ضم منطقة الأغوار و"الحفاظ على أمن إسرائيل"، وفق مزاعمه.

ووافق نتنياهو على تفعيل مشروع القانون حول ضمّ غور الأردن لإسرائيل، وذلك بعد تغيير واشنطن موقفها إزاء المستوطنات الإسرائيلية، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.

يحظى قانون ضمّ غور الأردن إلى إسرائيل بالدعم الكامل من رئيس الوزراء، وأطلب إعفاءً له من فترة الانتظار الإلزامية التي تبلغ 6 أسابيع، ليصبح من الممكن التصويت عليه الأسبوع المقبل

شارين هاسكل - عضو الكنيست عن حزب الليكود

من جانب آخر أبدى نتنياهو فرحه بالقرار الأمريكيّ الذي اعتبر المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية غير منافية للقانون الدولي، قائلاً إن "الإدارة الأمريكيَّة صحّحت اليوم بشكل واضح ادّعاءً كاذباً اعتُبرت بموجبه المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية مناقضة للقوانين الدولية".

وأضاف: "إنه يوم تاريخي؛ الولايات المتَّحدة تصحّح بقرارها هذا خطأً تاريخيّاً؛ سياستها اليوم تعترف بأن الشعب اليهودي ليس غريباً عن يهودا والسامرة (الضفة الغربية)".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً