(Stephane De Sakutin/AFP)
تابعنا

فتح المدعي العام في باريس تحقيقاً الثلاثاء يستهدف الخبير السياسي والدستوري الفرنسي أوليفيي دوماهيل، بشأن الاتهامات الموجهة إليه بـ"الاغتصاب والاعتداء والاستغلال الجنسي لشخص يمارس سلطة" على طفل.

هذه القصة التي تكشّفت حديثاً تُعدّ الأخيرة في سلسلة حوادث طالت عدداً من أوجه النخبة السياسية والثقافية الفرنسية، سواء فيما يتعلّق بتهم الاغتصاب والتحرش وبالاعتداء على الأطفال جنسياً، وسط مطالبات داخل المجتمع الفرنسي والأوروبي تتهم فرنسا بالتقصير في حماية الأطفال من الاعتداءات الجنسية.

ما قصة أوليفيي دوهاميل؟

من المرتقب أن يصدر الخميس، كتاب جديد تحت عنوان "العائلة الكبيرة" (La familia grande) لصاحبته كاميل كوشنير، ابنة زوجة أوليفيي دوماهيل، من زوجها السابق برنار كوشنير الزعيم السياسي الفرنسي ووزير الخارجية السابق ومؤسس "أطباء بلا حدود".

في كتابها هذا كشفت كاميل كوشنير سرّاً عائلياً ظلّ طيّ الكتمان لفترة طويلة، ساردة قصة تعرُّض شقيقها التوأم للاعتداء الجنسي من زوج أمه دوماهيل أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حينما كان التوأمان بعمر 13 و14 سنة، حسبما أظهرته مقاطع من الكتاب المنتظر نشرتها صحيفة لوموند الفرنسية.

في الكتاب تشير كوشنير إلى أخيها باسم "فيكتور" في محاولة لحماية خصوصيته، فيما قالت صحيفة لوموند إنه قرأ الكتاب مرتين وعبّر عن سعادته بحديث أخته نيابة عنه، وقال متحدثاً للصحيفة: "أؤكد صحّة ما كتبته أختي فيما يتعلّق بأفعال أوليفيي دوماهيل".

وقالت كوشنير إن شقيقها أخبرها بتعرُّضه للاعتداء جنسياً حينما كانا بعمر 14 سنة، وكشفت في كتابها أن عائلتها (شقيقها الأكبر وأمها وبعض الأصدقاء المقربين) علمت بالأمر نهاية العقد الأول من القرن الحالي، غير أنهم لم يتحرّكوا بشأنه.

(AFP)

وكتبت كوشنير: "كان عمري 14 عاماً وتركت الأمر يستمر. كان عمري 14 عاماً، كنت أعلم ولم أقل شيئاً".

تقول كوشنير في الكتاب إنه بعد وفاة أمه أخبر فيكتور أباه (برنار كوشنير) بالقصّة، لكنّ العائلة تراجعت لاحقاً عن مواجهة دوماهيل بما حدث أو أخذ القصة إلى المحاكم، بدعوى رغبة "فيكتور" بتجاوز ما حدث.

ما بعد الكشف عن الفضيحة

تعليقاً على ما ورد في الكتاب قال برنار كوشنير الذي كان وزير خارجية سابق في بيان صدر عن محاميه: "أزيح الستار أخيراً عن سرّ ثقيل كان يجثم على صدورنا طويلاً. أحيي شجاعة ابنتي كاميل".

وبعد الضجة التي أحدثتها مقاطع الكتاب والتحقيقات الصحفية التي تلتها، وصف دوماهيل الاتهامات الموجهة إليه بـ"الهجمات الشخصية"، لكنّه قرر في الآن ذاته الاستقالة من كل مناصبه التي يشغلها سواء في الإعلام أو الأكاديميا.

وقال دوماهيل في تغريدة (قبل أن يغلق حسابه على تويتر) إنه استقال من كل مناصبه بما في ذلك رئاسته لـ"المؤسسة الوطنية للعلوم السياسية" (FNSP)، وهي مؤسسة مرموقة تُدير واحداً من أقوى المعاهد في البلاد هو "معهد العلوم السياسية" (Sciences Po).

(مواقع التواصل الاجتماعي)

دوماهيل الذي استقال أيضاً من تقديم برنامج إذاعي على إذاعة "أوروبا 1" ومن وظيفته كمحلل سياسي ودستوري لقناة LCI TV، برّر استقالاته قائلاً إنها ترمي إلى "حماية المؤسسات التي أعمل فيها من الهجمات على شخصي".

تواطؤ النخبة.. فرنسا والتقصير في حماية القُصّر

تعدّ قصة دوماهيل التي تكشّفت بعد قرابة 40 عاماً من إخفائها واحدة من الفضائح الكثيرة التي هزّت نخبة فرنسا خلال الفترة الأخيرة، فيما يرى كثير من المعلقين أن فرنسا بطيئة ومقصّرة جداً في التعامل مع ملفات الاعتداء الجنسي على الأطفال، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وعن تواطؤ نخبة فرنسا قالت كوشنير لـمجلة L'Obs الفرنسية الشهيرة إن كتابها يكشف إلى أي مدى كان رفاق دوماهيل ونخبة اليسار الفرنسي وبعضهم من المشاهير "يعلمون بما يجري من دون التحرك"، مفضلين "الاستمرار في التظاهر كأن شيئاً لم يحدث".

ولا تعدّ هذه الفضيحة الأولى من نوعها، إذ كشف كتاب آخر نُشر قبل عام من قبل الناشرة الفرنسية فانيسا سبرينغورا تعرُّضها للاعتداء الجنسي حينما كانت مراهقة على يد الكاتب الفرنسي (كان في عمر الخمسين وقتها) غابريبل ماتزنيف.

ماتزنيف، الكاتب الحاصل على عدد من الجوائز ويعيش عقده الثامن حالياً، احتفي في كتبه بالبيدوفيليا، لكنه لم يلاقِ أي محاسبة قضائية أو مهنية قبل حملة "مي تو #MeToo" التي تسببت في فتح تحقيق عن أفعاله وكتاباته، وعن اتهام له باغتصاب قاصر.

وفي قصة أخرى أيضاً اتهمت الممثلة آديل هاينيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 المخرج كريستوف ريغيا بالاعتداء الجنسي عليها حينما كانت في بداية سنوات المراهقة، من دون أن تتخذ السلطات الفرنسية ضده أي إجراء.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً