هجمات أرامكو أضرت بالسوق العالمي للنفط ما أدى إلى تلميح واشنطن بإمكانية استعمال احتياطاتها (AFP)
تابعنا

وسط انشغال الولايات المتحدة والسعودية في البحث عن الجهة التي تقف وراء حريقين وقعا في منشأتين تابعتين لأرامكو في منطقتي بقيق وخريص شرقي السعودية جرّاء استهدافهما بطائرات مسيَّرة أعلنت جماعة الحوثي المسؤولية عنهما، لا يزال سعر النفط في ارتفاع مستمر، الأمر الذي قد يؤثر على حجم الإنتاج العالمي للنفط.

وحسب تصريحات لوزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الأحد، فإن المملكة السعودية ستلجأ إلى استخدام مخزوناتها النفطية الكبيرة لتعويض عملائها.

وقال وزير الطاقة في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية إنه "سيعوَّض جزء من الانخفاض لعملائنا من خلال المخزونات".

تصريحات الأمير السعودي جاءت عن ثقة بقدرة السعودية على إصلاح الأعطال وعودة تصدير النفط إلى طبيعته، في وقت تتجه حكومات العالم إلى استخدام مخزونها الاحتياطي من النفط.

وتأتي هذه الثقة بعد بناء الرياض خمس منشآت تخزين ضخمة تحت الأرض بين عامي 1988 و2009 بتكلفة 10 مليارات دولار، في مناطق عدة من المملكة قادرة على استيعاب عشرات ملايين البراميل من المنتجات البترولية المكررة على أنواعها، تُستخدم في أوقات الأزمات.

السعودية تشتري النفط

تتجه السعودية إلى أن تصبح مشترياً كبيراً للمنتجات المكررة بعد هجمات السبت التي أجبرتها على وقف أكثر من نصف إنتاجها من الخام وبعض إنتاج الغاز، حسب ما قالته شركة "إنرجي إسبكتس للاستشارات" في مذكرة لها.

وأضافت الشركة "فاقد الغاز أثر على عمليات المصافي، وربما خفض معدلات الاستهلاك بها بمقدار مليون برميل يومياً، ما يوفر خاماً متوسطاً وثقيلاً للتصدير".

ومن المرجح أن تشتري شركة النفط الحكومية أرامكو السعودية كميات كبيرة من البنزين والديزل وربما زيت الوقود، بينما تخفض صادراتها من غاز البترول المسال، بحسب إنرجي إسبكتس.

وبالإضافة إلى توقف إنتاج نحو 5.7 مليون برميل يومياً من الخام السعودي بعد الهجمات، عطلت الهجمات 18% من إنتاج الغاز الطبيعي و50% من إنتاج الإيثان وسوائل الغاز في المملكة.

وعلى الرغم من ترجيحات شركة الاستشارات باستئناف نحو نصف إنتاج الخام السعودي المفقود بحلول الاثنين، وإخطار شركة أرامكو السعودية بعض العملاء بأن تحميل النفط يمضي قدماً حسب مصادر لرويترز، فإن أسعار النفط صعدت في نفس اليوم، إذ سجل خام برنت أكبر مكسب بالنسبة المئوية خلال يوم منذ بداية حرب الخليج في عام 1991، بعدما أدى هجوم على منشأتي نفط في السعودية إلى توقف إنتاج ما يعادل 5% من الإمدادات العالمية.

وقفزت العقود الآجلة لخام برنت ما يصل إلى 19.5% إلى 71.95 دولار للبرميل خلال تعاملات اليوم في أكبر مكسب منذ 14 يناير/كانون الثاني 1991.

وخلال تعاملات الاثنين، قفزت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط إلى ما يصل إلى 15.5 % إلى 63.34 دولار للبرميل وهو أكبر مكسب بالنسبة المئوية خلال يوم منذ 22 يونيو/حزيران 1998.

أرامكو واستئناف الإنتاج

في المقابل، قالت شركة أرامكو السعودية إن الهجمات خفضت إنتاج النفط بنحو 5.7 مليون برميل يومياً. وفي البداية لم تقدم الشركة إطاراً زمنياً لاستئناف الإنتاج بالكامل، إلا أنها عادت لتصرح بأن عودتها إلى إنتاج النفط بكميات طبيعية "ربما يستغرق أشهراً".

ومما لا شك فيه أن الاستئناف الكامل سيستغرق أسابيع على الأرجح، إذ قال مصدر مطلع لوكالة رويترز إن العودة إلى الطاقة الإنتاجية الكاملة قد تستغرق أسابيع، فيما صرح مصدر آخر بصناعة النفط للوكالة نفسها بأن صادرات السعودية من النفط ستستمر كالمعتاد هذا الأسبوع إذ تستخدم المملكة المخزونات من منشآتها الكبرى.

وفي الوقت الذي تراقب الأسواق من كثب مدى قدرة المملكة التي تعد أكبر مصدّر للنفط في العالم على إعادة هذا القطاع إلى مساره الطبيعي، أفاد الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين ناصر بأن العمل جارٍ لاستئناف الإنتاج بطاقته الكاملة.

في هذه الأثناء، تحاول السعودية استخدام النفط الموجود في مستودعاتها لتوريد شحنات للعملاء، إذ إن لديها احتياطياً يبلغ 188 مليون برميل، حسب مذكرة من مجموعة رابيدان إنرجي يوم السبت.

من جانبها، صرحت وكالة الطاقة الدولية التي تنسق سياسات الطاقة في الدول الصناعية السبت بأنها على اتصال بمنتجين كبار ودول مستهلكة، قائلة إن الإمدادات في السوق النفطية جيدة.

وهوت الأسهم السعودية 2.3% الأحد بعد الهجوم، وتعتبر هذه الخسائر استمراراً للاتجاه النزولي للأسهم السعودية التي تضررت في الأسابيع الأخيرة جرّاء القيم المرتفعة وأسعار النفط المنخفضة والقلق إزاء الآفاق الاقتصادية.

ووافقت أرامكو على شراء 70% في سابك من صندوق الاستثمارات العامة في صفقة بقيمة 69.1 مليار دولار تنتظر موافقة الجهات التنظيمية.

وتأتي الهجمات في توقيت سيئ بالنسبة للسعودية التي تحضر لإدراج شركة أرامكو العملاقة في بورصة تداول بالرياض في وقت لاحق هذا العام.

وقالت مجموعة استشارات المخاطر أوراسيا في مذكرة لها إنه من المستبعد أن تغير الهجمات الخطط الخاصة بالطرح العام الأولي لأرامكو الذي طال انتظاره لكن قد تؤثر على التقييم.

وتابعت "الهجوم الأخير على منشآت أرامكو سيكون تأثيره على الاهتمام بأسهم أرامكو محدوداً، إذ إن المرحلة الأولي من الإدراج ستكون محلية. المكون الدولي للصفقة سيكون أكثر حساسية إزاء المخاطر الجيوسياسية".

وفي ظل هذه الظروف تحاول أرامكو طمأنة عملائها، إذ قالت وزارة النفط الهندية الاثنين، إن أرامكو السعودية أبلغت شركات التكرير الهندية بأنه لن يكون في الإمدادات بعد الهجمات نقص.

ووفقاً للموقع الرسمي لأرامكو على الإنترنت، فإن منشأة بقيق هي أكبر مصنع لتثبيت النفط الخام في العالم، وتحصل منشآت نفط بقيق على النفط الخام الحامض من معامل فصل الغاز عن النفط (GOSPs)، ثم تقوم بمعالجته إلى نفط خام، ثم تنقله إلى رأس تنورة والجبيل على الساحل الشرقي، وينبع على الساحل الغربي، وإلى بابكو ريجينيري في دبي.

على خطى ترمب

على خلفية الهجوم على منشأتين نفطيتين تتبعان شركة أرامكو السعودية، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن بلاده مستعدة للسحب من احتياطي النفط الاستراتيجي الخاص بها في السوق العالمية عند الضرورة.

جاءت تصريحات ترمب في تغريدة له عبر تويتر الاثنين، وذكر أن "الهجوم على معملي أرامكو قد يؤثر على إمدادات الخام للأسواق العالمية، ولذلك سمحت بالسحب من مخزون النفط الاستراتيجي الأمريكي إذا لزم الأمر".

وجاء تصريح الرئيس الأمريكي بعد عجز السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، عن إصلاح الضرر الذي ألحقته هجمات بقطاعها النفطي يوم السبت سريعاً، الأمر الذي قد يضطر بعض الحكومات حول العالم إلى اقتفاء أثر ترمب في السحب من مخزونات الطوارئ النفطية.

وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مستهلك للخام في العالم وأكبر منتج له، فيما تعد الصين أكبر مستورد للنفط السعودي.

وتبلغ احتياطيات النفط الاستراتيجية الأمريكية الموجودة في مستودعات تحت الأرض علي ساحلي تكساس ولويزيانا حالياً 645 مليون برميل أو الكمية التي تستهلكها الولايات المتحدة في شهر واحد تقريباً.

ولدى الولايات المتحدة 416.1 مليون برميل أيضاً من المخزون التجاري، حسب أحدث بيانات لإدارة معلومات الطاقة، وتحتفظ شركات إنتاج النفط والمصافي والمتعاملون بهذه الكمية.

في هذا الصدد، يقول روبرت ريان خبير السلع والطاقة في "بي.سي.إيه ريسيرش" ومقرها مونتريال لوكالة رويترز، إن الحكومات ستسحب من المخزونات التجارية عاجلاً أم آجلاً، ثم ستضطر إلى السحب من احتياطيات الطوارئ.

وتابع "قد تعاني السوق من شح شديد إذا استمر التوقف لأسابيع وليس أيام، وسنري سحباً من الاحتياطيات الاستراتيجية، يمكن القول إن العالم معتمد على الاحتياطيات الاستراتيجية الآن".

ومن بين الدول التي بدأت تدرس سحب نفط من احتياطيات الخام الاستراتيجية كوريا الجنوبية، وذلك بعد تدهور أوضاع واردات النفط الخام في أعقاب الهجوم.

وقالت وزارة الطاقة الكورية الجنوبية في بيان، إنها لا تتوقع تأثيراً على المدى القصير بشأن الحصول على إمدادات النفط الخام من السعودية، لكنها أضافت أنه إذا استمر الوضع فإنه ربما يعطل إمدادات النفط الخام.

من جانبه حذر الاتحاد الأوروبي الأحد، من "تهديد حقيقي للأمن الإقليمي" في الشرق الأوسط بعد الهجمات، بحسب تصريح إتلفيدريكا موجيريني، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد.

وأضافت "وفي وقت يتصاعد فيه التوتر بالمنطقة يقوض هذا الهجوم العمل المتواصل من أجل وقف التصعيد والحوار". ودعت موجيريني إلى "أقصى درجات ضبط النفس ووقف التصعيد" لكنها لم تخض في مزيد من التفاصيل، أو تتحدث عن استخدام المخزون الاحتياطي للنفط.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً