تنظيم داعش الإرهابي كثّف هجماته في العراق بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية (AA)
تابعنا

في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بتطورات وباء كورونا، تشهد الساحة العراقية على مدار أشهر تزايداً ملحوظاً للهجمات التي يشنّها تنظيم داعش الإرهابي، مستهدفاً مواقع لمليشيا الحشد الشعبي وأخرى عسكرية وأمنية، بما يشير إلى تجدد نشاط الخلايا النائمة للتنظيم الذي كان العراق أعلن هزيمته عام 2017.

العمليات القتالية وصلت إلى مستوى غير مسبوق

هشام الهاشمي - محلل أمني

هجمات متتالية

توالت خلال الأشهر الأخيرة هجمات تنظيم داعش الإرهابي، في عدد من المحافظات العراقية، لا سيما محافظات صلاح الدين وكركوك (شمال) وديالى (شرق)، بخاصة في المناطق الوعرة بين حدود تلك المحافظات المعروفة باسم "مثلث الموت".

وأسفرت آخر تلك الهجمات عن مقتل جندي عراقي وعنصرين من مليشيا الحشد الشعبي الأحد، في هجومين منفصلين شنّهما التنظيم الإرهابي، حسب مصدر أمني عراقي.

وقال ضابط في وزارة الداخلية العراقية لم يكشف عن هويته، إن عناصر داعش هاجمت بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة حاجزاً أمنياً للحشد الشعبي في منطقة حاوي العظيم شمالي محافظة ديالى، وفقاً لوكالة الأناضول.

وذكر المصدر أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين الطرفين عقب الهجوم، مما أسفر عن مقتل عنصرين من الحشد الشعبي وإصابة 3 آخرين بجروح.

وفي حادثة أخرى أفاد المصدر نفسه بأن جندياً في الجيش العراقي قُتِل بنيران قناص تابع للتنظيم الإرهابي، في منطقة عين ليلى بناحية قرة تبه شمالي ديالى.

وفي وقت سابق الأحد، لقي 4 من عناصر التنظيم مصرعهم في أثناء إحباط هجوم شنّوه على موقع للحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين شمالي البلاد. وكان داعش شنّ فجر الجمعة، هجمات عنيفة استهدفت مواقع للحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين، مما أسفر عن سقوط 13 قتيلاً و20 جريحاً، فيما قُتل 4 من عناصر الأمن وجُرِح 9 آخرون السبت، بهجوم شنه عناصر التنظيم على حاجز أمني في ديالى.

وفي أبريل/نيسان الماضي أعلنت وزارة الدفاع العراقية مقتل 170 مدنياً وعسكرياً، بالإضافة 135 عنصراً من داعش، خلال مواجهات وأعمال عنف مستمرة منذ يناير/كانون الثاني الماضي.

داعش يحاول استغلال حالة الجمود السياسي التي تعيشها البلاد في ظل توتر المحادثات حول تشكيل الحكومة المقبلة، وانخفاض أسعار النفط والخلافات بين الحكومة المركزية وإقليم شمال العراق حول الموازنة

فاضل أبو رغيف - محلل سياسي وأمني

دوافع الهجمات

في هذا السياق يقول المحلل الأمني هشام الهاشمي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "العمليات القتالية وصلت إلى مستوى غير مسبوق".

ويصف الهاشمي الهجمات بـ"القتال الهجين" الذي يهدف إلى "إعادة القدرة على التكيف مع التحديات والتهديدات المحتملة، لغرض التمويل الذاتي ومرونة التنقل والتخفي"، إضافة إلى "عرقلة وتهديد مشاريع الاستقرار وعودة النازحين في المناطق المحررة، كنوع من الانتقام".

وهو الأمر الذي يؤكده ضابط برتبة عميد في الاستخبارات العراقية، قائلاً إن "داعش الإرهابي كثّف هجماته بمعدل ثلاثة أضعاف مقارنة بالفترة نفسها في شهر مارس/آذار".

ويقول عدنان غضبان، أحد زعماء عشائر ديالى، إن اثنين من أقربائه أصيبوا بجروح خطيرة في "هجوم مسلح لداعش الإرهابي"، مضيفاً: "إنها (الهجمات الأخيرة) تذكرنا بأحداث عام 2014"، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويرى الزعيم العشائري أن "هؤلاء (عناصر داعش الإرهابي) استغلوا انشغال القوات الأمنية بفرض حظر التجول" كإجراء احترازي للحدّ من انتشار وباء كورونا الذي أودى بحياة نحو مئة شخص في العراق، بعد إصابة أكثر من ألفين.

جمود سياسي

في المقابل يرجّح المحلل السياسي والأمني فاضل أبو رغيف أن داعش الإرهابي يحاول استغلال حالة الجمود السياسي التي تعيشها البلاد في ظلّ توتر المحادثات حول تشكيل الحكومة المقبلة، وانخفاض أسعار النفط والخلافات بين الحكومة المركزية وإقليم شمال العراق حول الموازنة.

ويضيف أبو رغيف في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، أن التنظيم الإرهابي "لديه مجسات للوضع السياسي، الذي كلما احتقن نشط (التنظيم) بطريقة انتهازية".

على صعيدٍ موازٍ يرى المحلل السياسي أن خفض انتشار قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة شجّع التنظيم الإرهابي على استئناف نشاطاته.

في السياق نفسه كانت وزارة الدفاع الأمريكية قالت في تقييم لها، إن قوات الجيش العراقي لا تزال غير قادرة على الوصول للمعلومات الاستخباراتية واستخدامها بشكل فعّال في هجماتها على مواقع داعش الإرهابي، أو تنفيذ العمليات في مناطق وعرة دون مساعدة التحالف الدولي.

على الرغم من ذلك يستبعد أبو رغيف أن يستطيع التنظيم الإرهابي العودة إلى سابق عهده، حين استولى على مساحات كبيرة في العراق وسوريا، وهو ما يوافق عليه المحلل المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية في العراق سام هيلر، قائلاً إن التحول الأخير لا يقارن بذروة نشاط داعش الإرهابي عندما أعلن ما يُسمى "دولة الخلافة".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً