ملسح من جماعة الحوثي وسط مدينة الحديدة اليمنية  (Reuters)
تابعنا

تدخل هدنة وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة اليمنية، الثلاثاء، يومها الأول، وسط ترقُّب وحذر بشأن احتمالات نجاحها وانعكاسات ذلك على المأزق السياسي اليمني والأوضاع الإنسانية القاسية التي يعيشها الشعب اليمني.

ما المهم: يُعد تطبيق الاتفاق على هدنة إطلاق النار في مدينة الحُديدة الساحلية بين طرفي الصراع في اليمن، نتيجة مباشرة للجهود الدبلوماسية التي رعتها الأمم المتحدة عبر محادثات أُجريَت في السويد، وشارك فيها وفد من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وجماعة الحوثي المتهَمة بتلقِّي الدعم من إيران.

وسيكون يوم الثلاثاء الموعد الرسمي لبدء الهدنة بناءً على الرسائل التي تلقتها الأطراف المتحاربة من الأمم المتحدة، استناداً إلى اتفاق السويد.

المشهد: تحتل الحديدة، التي يسيطر عليها الحوثيون منذ نحو أربعة أعوام، أهمية كبيرة، لكونهاالميناء الرئيسي المستخدم في دخول أغلب إمدادات الغذاء لسكان اليمن البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، كما أنها كانت إحدى أهم مناطق الصراع التي تركّزت فيها المعارك هذا العام، مما أثار مخاوف عالمية من أن هجوماً شاملاً قد يتسبب في قطع خطوط الإمداد، بما يؤدِّي إلى مجاعة.

من جهته، رحّب وزير الخارجية اليمني خالد اليماني بالاتفاق الذي دعمته الأمم المتحدة، إلا أنه قال في كلمة في ختام المحادثات إنه يأسف لأن المشاورات لم تُسفر عن اتفاق ملموس لتحسين الاقتصاد اليمني، الذي انهار خلال الحرب.

ويأتي الاتفاق الأخير وسط ظروف إنسانية صعبة يمرّ بها الشعب اليمني، إذ يعاني نحو 16 مليون يمني بالفعل من جوع حادّ بسبب الحرب والانهيار الاقتصادي الذي نجم عنها، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الأزمة الإنسانية في اليمن هي الكبرى على مستوى العالم.

ويحل موعد تنفيذ وقف إطلاق النار في الحُديدة على وقع المناوشات المستمرة على أطراف المدينة بين قوات يمنية انفصالية مدعومة إماراتياً تُقدَّر أعدادها بالآلاف من جهة، والميليشيات الحوثية من جهة أخرى.

وينص الاتفاق على إشراف "لجنة تنسيق إعادة الانتشار"، التي تضم أعضاء من طرفي النزاع، على وقف إطلاق النار وانسحاب الجماعات والقوات المسلحة كافةً خلال 21 يوماً من بدء الهدنة.

وأكّد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتين غريفيث، أهمية وضرورة اضطلاع مجلس الأمن الدولي بدوره في فرض نظام مراقبة قوي وكفء لضمان استمرار الهدنة، مضيفاً أن "الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت وافق على قيادة بعثة المراقبة، وسيصل إلى المنطقة في غضون أيام".

وبينما قال وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، في وقت سابق، إن "مدينة الحُديدة الساحلية ينبغي أن تكون تحت سيطرة الحكومة المعترَف بها دولياً، صرّحت مصادر حوثية بأن الاتفاق لا يحدّد الطرف الذي سوف تخضع المدينة لسيطرته.

وقال المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي لـTRT عربي، إن "هذا الاتفاق بُني على تنازلات خطيرة من السلطة الشرعية المدعومة من تحالف الرياض-أبوظبي، وهي تنازلات نتجت عن سلسلة من التطورات والأزمات المرتبطة بأداء وليّ العهد السعودي وضغوط الكونغرس على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بسبب دعمه حرب السعودية في اليمن وتغطيته على جريمة مقتل الكاتب السعودي البارز جمال خاشقجي".

ما التالي: يُجمِع محللون ومراقبون على أن الاتفاق على الهدنة يواجه تحديات كبيرة، وتساؤلات عن مستقبل نجاحه في ظل تعقُّد المشهد اليمني.

يقول ياسين التميمي إنه "لا يوجد وضوح كامل حول ما إذا كان الحوثيون سينسحبون كلية من الحُديدة ويفسحون المجال لسلطة محلية تؤدِّي واجباتها دون إملاءات منهم، كما لا ضمانات بأن الحوثيين سينجزون الانسحاب العسكري وفقاً لما يقضي به اتفاق السويد، خصوصاً أن باستطاعتهم أن يُخفُوا وجودهم العسكري التكيكي في المدينة".

ويرى المحلل السياسي اليمني أن "حكومة هادي خرجت نهائياً من مدينة الحُديدة ومينائها وفقاً لهذا الاتفاق، وهو تنازل خطير يمكن أن يدشّن عهداً من التنازلات التي تنتهي بإضعاف السلطة الشرعية"، مشيراً إلى أن "أحد أعضاء الوفد الحوثي في مباحثات السويد صرّح لصحيفة الثورة التابعة للحوثيين بأن الاتفاق لا ينصّ على تسليم الحوثيين مدينة الحديدة، وقد استدعى هذا التصريح رداً من الحكومة اعتبره انقلاباً على اتفاق السويد".

أما عن أبرز التحديات التي تعترض تنفيذ الاتفاق فيقول التميمي إنها "تتمثل في مدى استجابة الحوثيين لمتطلبات تطبيع الأوضاع في الحديدة، بما يستوجب إزالة التحصينات العسكرية الهائلة التي أقامتها الميليشيا في المدينة، وتحدٍّ آخر يرتبط بمدى فاعلية بعثة الرقابة الدولية التي ستصل إلى الحُديدة قريباً وقدرتها على رصد الانتهاكات والتجاوزات وتحديد الطرف المنتهك للاتفاق".

وانطلاقاً من كل ما سبق، استبعد التميمي أن يكون اتفاق الهدنة قادراً على الصمود طويلاً، واستدرك "لكن إذا ما تحقق نجاح مهم، فسوف يشجع هذا النجاح الأمم المتحدة والأطراف الدولية على مواصلة الضغط على طرفي الصراع لوقف الاقتتال ببقية الجبهات والإسراع في الانتقال إلى قضايا الحل السياسي النهائية".

وعلى الصعيد الإنساني قال المحلل اليمني إنه لا يظن أن تحقق هذه الهدنة فارقاً كبيراً إذا لم تتكامل الاستحقاقات المرتبطة بها، والتي قد تصل إلى حد تحييد جماعة الحوثيين المسلحة عن التأثير والتحكم في الموارد المالية وضمان تأمين الأموال الكافية لسداد المرتبات.

TRT عربي
الأكثر تداولاً