جاء إعلان نية عادل عبد المهدي تقديم استقالته بعد يوم وُصف بأنه الأكثر دموية في العراق (Reuters)
تابعنا

مع استمرار الاحتجاجات في العراق وارتفاع عدد القتلى جراء قمع السلطات للمتظاهرين، وفي الوقت الذي شهدت فيه المحافظات الجنوبية يوماً دمويّاً، حيث قُتل في مدينة ذي قار أكثر من 20 شخصاً وجُرح ما يزيد عن 160 آخرين، بالرصاص الحي ليصل بذلك عدد القتلى إلى أكثر من 70 في النجف وذي قار منذ الخميس، بدأ بعض المسؤولين العراقيين بتقديم استقالاتهم، وعلى رأسهم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، استجابة لدعوة المرجعيات الدينية لإنقاذ البلاد.

وإثر الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة ذي قار، أعلن محافظ المدينة عادل عبد الحسين الدخيلي استقالته من منصبه، موضحاً في بيان له نقلته وكالة الصحافة، أن "القوة التي فتحت النار على المواطنين أتت من خارج المحافظة."

نحذر من وقوع مجزرة جديدة في الساعات القليلة القادمة بمحافظة ذي قار، وندعو جميع الأطراف إلى التهدئة

مفوضية حقوق الإنسان العراقية

توالي الاستقالات

وأدى تصاعد وتيرة العنف في محافظتي ذي قار والنجف إلى دعوة المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، الجمعة، البرلمان للسعي لسحب الثقة من حكومة عادل عبد المهدي الذي استبق الخطوة بإعلان نيته تقديم استقالته دون تحديد موعد بعينه، إلا أنه من المقرر أن يجتمع البرلمان الأحد، في حين لم يشهد العراق منذ الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين في 2003، رحيل رئيس حكومة قبل نهاية ولايته.

استمعت بحرص كبير إلى خطبة المرجعية الدينية العليا. واستجابة لهذه الدعوة وتسهيلاً وتسريعاً لإنجازها بأسرع وقت، سأرفع إلى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية

رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي

واستجابة لمطالب المرجعية الدينية، قدم مدير مكتب رئيس الوزراء محمد الهاشم استقالته أيضاً، فور إعلان عبد المهدي عن نيته تقديم استقالته إلى مجلس النواب، حسب وكالة الصحافة المستقلة.

ونصح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الحكومة العراقية بالاستقالة فوراً حقناً للدماء، معتبراً أن عدم استقالتها يعني بداية نهاية العراق، فيما دعا الى عدم تحويل العراق إلى سوريا ثانية.

من جانبه، طالب رئيس الوزراء السابق ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي باستقالة الحكومة الحالية، داعياً إلى محاسبة المسؤولين عن إراقة الدماء التي تجري حالياً وتشكيل حكومة مستقلة جديدة.

في الوقت ذاته، أفاد مصدر في مجلس الوزراء العراقي لوكالة الأناضول، الجمعة، أن الأمين العام للمجلس حميد الغزي، المنتمي إلى التيار الصدري استقال من منصبه، على خلفية أحداث مدينتي الناصرية والنجف، ليكون بذلكخامس مسؤول حكومي وأمني يقدم استقالته من منصبه، بعد محافظ ذي قار ونائبه وقائد الشرطة، وأحد أعضاء مجلس محافظة النجف جنوبي البلاد.

احتفالات باستقالة المهدي

جاء إعلان نية عادل عبد المهدي تقديم استقالته بعد يوم وُصف بأنه الأكثر دموية في العراق، واعتبر المتظاهرون هذا الإعلان بمثابة أول انتصار، واحتفلوا به في ساحة التحرير وسط بغداد.

وتعليقاً على نية عبد المهدي الاستقالة، قال المرجع الديني آية الله العظمى جواد الخالصي في تغريدة له على موقع توتير، "كان الأولى أن يقدم استقالته بعد الاعتذار عن دماء الشهداء إلى أبناء شعبنا الثائرين وليس إلى برلمان الفاسدين."

ما بعد استقالة المهدي؟

ربما يكمن السؤال الأبرز بعد إعلان عادل عبد المهدي نيته تقديم استقالته فيما بعد الاستقالة وتأثيرها على الاحتجاجات، فقد تناول الكاتب المختص بشؤون الشرق الأوسط باتريك كوكبيرن هذا الموضوع في مقال له بصحيفة الإندبندنت البريطانية تحت عنوان "لماذا لن توقف استقالة رئيس الوزراء العراقي الانتفاضة الكبيرة التي تلوح في الأفق؟"

اعتبر كوكبيرن أن "الثوار في العراق حققوا أول نجاح كبير لهم بإجبار رئيس الوزراء على الاستقالة من منصبه، بعد يوم دام قُتل فيه 45 مواطناً"، لكنه وصف الانتصار بـ"الرمزي" قائلاً إنه "باهظ الثمن إذ قُتل عدد كبير من المتظاهرين لكن عبد المهدي أظهر أيضاً انعدام كفاءة في قيادة البلاد، كما أن النخبة السياسية يبدو أنها شديدة التمسك بالسلطة لدرجة تسمح لها بالقيام بالإصلاحات الجذرية التي يطالب بها المتظاهرون".

وقارن كوكبيرن بين حصيلة الضحايا خلال ثمانية أسابيع في العراق ومقتل متظاهر واحد عن طريق الخطأ خلال مظاهرات هونغ كونغ التي بدأت قبل 6 أشهر، وبين التغطية الإعلامية الموسعة والتعاطف الذي يحظى به المتظاهرون في هونغ كونغ ومظاهرات العراق غير المسبوقة، ليصل إلى نتيجة مفادها أن العالم ربما اعتاد على أنباء قتل العراقيين بأعداد كبيرة، سواء كان ذلك على يد داعش الإرهابي أو صدام حسين أو حتى على أيدي القوات الأمريكية. لذلك لم يعد الإعلام يعتبر ما يجري ضمن نطاق الأخبار".

وتناول الكاتب التدخل الإيراني بالعراق وتعزيز طهران لعلاقتها بالشيعة في جميع المناطق بما فيها العراق، ويضيف "نحو ثلثي سكان العراق من الشيعة، كانوا ينظرون إلى إيران على أنها حليف ضروري في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، لكن قبل شهرين تغير كل ذلك"، مشيراً إلى أن "هذا التحالف ربما يكون قد انهار رغم انتصاره بعد تورط المليشيات الإيرانية في محاولة فض المظاهرات وسحقها وكانت هذه بداية التغيير الكبير المنتظر في الشرق الأوسط."

ولا يرجح الكاتب أن يؤدي رحيل عادل عبد المهدي كرئيس للوزراء إلى نزع فتيل الاحتجاجات، لأن الدولة العراقية ربما تكون غير قادرة على إصلاح نفسها.

ويتابع "البديل للحكومة هو القمع الشامل: محاولة القضاء على المعارضة من خلال قتل أو اعتقال المتظاهرين. لكن هذا الخيار قد فشل حتى الآن؛ لأن المحتجين أبدوا عزماً بطولياً في الاستمرار في التظاهر على الرغم من إسقاطهم ودون حمل السلاح بأنفسهم، رغم أن معظم العائلات العراقية تمتلك كلٌّ منها سلاحاً واحدًا أو أكثر".

استقالة الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي وطلب تكليف شخص آخر كتبت بخط اليد (وكالة الصحافة المستقلة)
استقالة مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد الهاشم استجابة لطلب المرجعيات الدينية (وكالة الصحافة المستقلة)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً