إعلان وقف النار الأحادي من قبل التحالف يُفترض أن يمتد لأسبوعين قابلين للتجديد (AP)
تابعنا

ستة أيام مرت منذ إعلان التحالف الذي تقوده السعودية للحرب في اليمن قرار وقف إطلاق النار لتهيئة الأجواء لمواجهة تفشي فيروس كورونا، لكن لا تزال اتهامات الخروقات متبادلة على مدار الساعات الماضية بين جماعة الحوثي والجيش اليمني المدعوم من التحالف السعودي، وهو ما يعني أن إعلان الهدنة لم ينجح في وقف الحرب بشكل تام.

اتهامات متبادلة

تبادل طرفا النزاع في اليمن منذ الأحد الماضي، اتهامات بخرق وقف لإطلاق النار بدأ الخميس.

وقال المتحدث باسم قوات جماعة الحوثي يحيى سريع على قناة المسيرة التابعة للجماعة، إن التحالف بقيادة السعودية شن أكثر من 100 غارة جوية خلال72 ساعة، تركز معظمها على محافظتَي مأرب (شرق) والجوف (شمال).

كما اتهمت الجماعة القوات التابعة للحكومة في محافظة الحُديدة (غرب) بارتكاب 82 خرقاً خلال 24 ساعة، بينها تحليق لطائرات تجسس وقصف مدفعي وإطلاق أعيرة نارية.

من جهة أخرى، قال المتحدث باسم الجيش اليمني المدعوم من التحالف السعودي العميد عبده مجلي الاثنين، إن جماعة الحوثيين ارتكبت أكثر من 242 اعتداءً على المدنيين ومواقع للجيش في مختلف جبهات القتال منذ بدء وقف إطلاق النار الخميس الماضي.

وأضاف أن الاعتداءات شملت إطلاق صواريخ بالستية وصواريخ "كاتيوشا" وشن عمليات هجومية وحشد تعزيزات من مسلحين وأسلحة وعتاد وذخائر واستهداف مواقع للجيش بالصواريخ والمدفعية والطائرات المسيرة المتفجرة ومختلف الأسلحة والأعيرة النارية وزراعة ألغام في طرقات المواطنين ومزارعهم، حسب موقع الجيش.

وتابع بأن "الحوثيين مستمرون في ارتكاب الانتهاكات والجرائم ضد المدنيين والأحياء السكنية بمدينة مأرب (شرق)، حيث أطلقوا صاروخاً باليستياً على منازل المواطنين في المدينة".

وأردف: "كما اعتُرض صاروخ باليستي الأحد فوق مأرب، من قِبل الدفاع الجوي للتحالف، وأسفرت تلك الأعمال عن سقوط ضحايا مدنيين، بينهم نساء وأطفال".

واعتبر المتحدث العسكري أن "هذه الجرائم تعتبر جرائم حرب ضد الإنسانية وانتهاكاً لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية، باعتبار هذه الكيانات المدنية محمية بالقانون الدولي والإنساني واتفاقيات ومعاهدات جنيف".

وشدد مجلي على أن وقف إطلاق النار قوبل برفض تام من الحوثيين "الذين يعملون لتنفيذ الأجندة الإيرانية في اليمن والمنطقة".

الأمم المتحدة تستثمر الهدنة الهشة

إعلان وقف النار الأحادي من قبل التحالف الذي بدا كتنازل سعودي للمطالب الحوثية بـ"إعلان صريح" لوقف الحرب، يُفترض أن يمتد لأسبوعين قابلين للتجديد، في وقت تضع الثقة المعدومة بين طرفي النزاع اليمني الرئيسيين منذ خمس سنوات، الهدنة الإنسانية تحت ضغط كبير.

وجاءت الهدنة في ذروة تحقيق انتصارات للجيش اليمني المدعوم بقوات التحالف، الذي كان قد بدأ استعادة زمام المبادرة في عددٍ من الجبهات المشتعلة، واستطاع في وقت قياسي استعادة مناطق استراتيجية في الجوف والبيضاء، فضلاً عن تماسكه على أسوار محافظة مأرب النفطية.

وجاء الإعلان بصيغته الأحادية مفاجئاً لمكتب المبعوث الأممي مارتن غريفيث، الذي يسعى وراء هدنة منذ أكثر من عام، ومن المرجح أنه نتيجة للمشاورات غير المعلنة التي استمرت بين السعودية والحوثيين منذ اتفاق 21 سبتمبر/أيلول 2019.

وقالت الأمم المتحدة الاثنين، إنها تلقت مؤشرات إيجابية من قِبل الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين حول مبادرة قدمها مبعوثها الخاص مارتن غريفيث لإنهاء الحرب.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، عبر دائرة تليفزيونية مع الصحفيين بمقر المنظمة في نيويورك.

وقال حق للصحفيين: "لدينا مؤشرات إيجابية إزاء المقترحات التي قدمها غريفيث الجمعة، وهو الآن يتواصل مع الحكومة اليمنية والحوثيين بشأنها".

ورفض المسؤول الأممي تقديم مزيد من الإيضاحات عن المؤشرات الإيجابية التي تحصَّل عليها من طرفي الصراع في اليمن.

والجمعة، قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إنه بعث إلى أطراف النزاع مقترحات أممية لحل الأزمة.

وتضمنت المقترحات الاستئناف العاجل للعملية السياسية وإجراءات اقتصادية وإنسانية لتخفيف معاناة اليمنيين وبناء الثقة بين الأطراف ودعم القدرة على مواجهة كورونا.

وتمثل المقترحات "حزمة واقعية وشاملة تُمكِّن اليمن من الابتعاد عن العنف ومعاناة الماضي واتخاذ خطوة تاريخية نحو السلام"، حسب بيان المبعوث الأممي.

ولا يعترف الحوثيون بالهدنة حتى الآن، وينظرون إلبها على أنها "مناورة سياسية وإعلامية"، كما جاء على لسان متحدثهم السياسي محمد عبد السلام، لكنهم في المقابل يرصدون خروقات الطرف الآخر أولاً بأول.

آفاق الهدنة

واعتبر مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في تقرير نشره مساء السبت الماضي، أن من غير المرجح أن يؤدي وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه السعودية في 9 أبريل/نيسان الحالي لمدة أسبوعين، لوقف القتال في مأرب.

وذكر التقرير الذي أعدّه المدير التنفيذي للمركز ماجد المذحجي: "يدرك الحوثيون جيداً أن القبول بأي هدنة من شأنه أن يمنح فرصة للمدافعين عن مأرب لإعادة تنظيم صفوفهم ودفاعاتهم، ما يجعل من الصعب عليهم استعادة الزخم الهجومي نفسه. أما بالنسبة إلى دعوة الأمم المتحدة جميع الأطراف المتحاربة لوقف القتال للاستجابة لخطر فيروس كورونا، فإن الأزمة الحالية في الواقع توفر فرصة نادرة للحوثيين لشن هجوم واسع على أكثر من منطقة في اليمن، بينما العالم منشغل بتداعيات كورونا ولا يلقي بالاً لما يدور في اليمن".

وأشار التقرير إلى أن معركة مأرب هي نقطة تحول مفصلية في حرب اليمن، إذ إن انتصار الحوثيين العسكري سيمهد طريقهم نحو السيطرة على أكثر المناطق غنى بالموارد، وسيمثل ضربة كبيرة للحكومة الشرعية.

أما بالنسبة إلى الحكومة، فإن الدفاع عن مأرب يعتبر امتحاناً مهماً للجيش اليمني وخمس سنوات من دعم السعودية له، لافتاً إلى أن انكسار الحوثيين في مأرب قد يقوّض طموحهم ويمنح الحياة لخصومهم ويُضعف موقفهم التفاوضي الحالي مع السعودية ويجبر المراقبين الدوليين على مراجعة التقديرات الحالية لقوة الجماعة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً