رحّبت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بخطة النهوض الاقتصادي (AFP)
تابعنا

اقترحت ألمانيا وفرنسا الاثنين، برنامجاً اقتصادياً مشتركاً بقيمة 500 مليار يورو لأوروبا، لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا، حسب بيان اطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية.

وطالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دول الاتحاد الأوروبي بدعم الشركات الأوروبية في السوق العالمية في ظل الأزمة التي يمر بها العالم.

صندوق للنمو

الخطة الفرنسية-الألمانية تتمثل في تقديم دعم لانتعاش دائم يعيد النمو في الاتحاد الأوروبي ويعززه من خلال إنشاء صندوق للنمو، يكون طموحاً وموقتاً ومحدود الهدف في إطار مشروع الموازنة المقبلة للاتحاد الأوروبي لسنة 2021-2027، وهذا الصندوق سيكون بقيمة 500 مليار يورو.

كما تقترح باريس وبرلين أن تموّل المفوضية الأوروبية هذا الدعم للنهوض الاقتصادي، عبر الاقتراض من الأسواق "باسم الاتحاد الأوروبي".

وستُحوَّل بعد ذلك هذه الأموال من نفقات في الموازنة إلى الدول الأوروبية، وإلى القطاعات والمناطق الأكثر تضرراً بعد أزمة كورونا.

وهذه الأموال ستكون مخصصة للصعوبات المرتبطة بالوباء العالمي وتداعياته وستعاد الأموال تدريجياً على سنوات لاحقة، حسب نص البيان المشترك الفرنسي والألماني الذي نشر أمس الاثنين.

الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون اعتبر أن ما سيُرصد في "صندوق النمو" سيذهب إلى الدول الأكثر تضرراً جراء وباء كورونا بهدف انتعاش اقتصادها ومد يد العون لها.

وتدعو روما ومدريد وباريس لأن يكون هذا التمويل على شكل دين مشترك تحت مظلات عدة، ويشار إليه غالباً باسم "كورونا بوند" أو سندات كورونا.

أزمات متتالية

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بداية فبراير/شباط من هذه السنة، كان له أثر بالغ على الأجواء العامة المرتبكة ضمن الاتحاد الذي كلما حاول الإيهام بالتماسك سقط أكثر، إذ تسبب انتشار فيروس كورونا في صعوبات اقتصادية حادة لدول الاتحاد.

وسجّلت أوروبا 167 ألفاً و668 وفاة من بين مليون و919 ألفاً و572 إصابة حتى الآن، لتحتل المرتبة الأولى في العالم في الوفيات والإصابات، وعلى صعيد الدول تحتل بريطانيا المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في عدد الوفيات الذي بلغ 34 ألفاً و796 من بين 246 ألفاً و406 إصابات.

وتليها إيطاليا بـ32 ألفاً و7 وفيات من بين 225 ألفاً و886 إصابة. وتحل فرنسا في المرتبة الرابعة، إذ أعلنت 28 ألفاً و239 وفاة من بين 179 ألفاً و938 إصابة، ثم إسبانيا بـ27 ألفاً و709 وفيات من بين 231 ألفاً و606 إصابات.

زد على ذلك تأثيرات الركود الاقتصادي سواء على الشركات أو على الأفراد الذين فقدوا جزءاً من دخلهم أو كله، وانهيار مَنظومة الأمن المُجتمعي القائمة مع توقُّف أهم القطاعات الإنتاجيّة والمجتمعية عن العمل وبدء الإغلاق العام وحالات الطوارئ المُعلنة.

على الرغم من رصد البنك الأوروبي خطة عاجلة لمجابهة العجز الذي خلفته أزمة كورونا بـ21 مليار يورو.

وحسب تقرير لمنظمة العمل الدولية في أبريل/نيسان من هذه السنة، فإن حزم الإنقاذ السخية التي نفّذتها الحكومات الأوروبية التي ربما تفوق تريليون دولار في دول الاتحاد الأوروبي ونحو 400 مليار دولار في بريطانيا وحدها، ترفع نسب البطالة التي تتجاوز عشرات الملايين في القارة الأوروبية مع تراكم خسائر مهمة في قطاع الفنادق والخدمات والطيران. إذ يطارد العديد من شركات الطيران في أوروبا شبح الإفلاس، ما لم تمنح حزم إنقاذ ضخمة خلال الشهور المقبلة وتفتح الحدود أمام حركة الطيران والسفر. كما تتراكم كذلك خسائر شركات كبرى في التوظيف، مثل شركة إيرباص التي كشفت عن خسارة بقيمة 481 مليون دولار في الربع الأول. وقال رئيس الشركة إن "أزمة" قطاع الطيران "لا تزال في بدايتها"، متحدثاً عن "أخطر أزمة على الإطلاق واجهها قطاع تصنيع الطائرات".

الأمر الذي توقَّعه صندوق النقد الدولي أيضاً أن يسجل الاتحاد الأوروبي الذي يخضع معظم سكانه لحجر صحي منذ أكثر من شهرين، تراجعاً بنسبة 7.1% في ناتجه المحلي الإجمالي هذا العام.

وتعتبر هولندا وهي أحد دول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن الانقسام الذي تعيشه دول الاتحاد هو انتصار لموسكو وبكين.

وسبق لوزير المالية الهولندي فوبكه هوكسترا أن حذَّر في مايو/أيار السنة الماضية، من خطر "انهيار" الاتحاد الأوروبي.

وقال هوكسترا خلال خطاب ألقاه في جامعة في برلين: "الاتحاد الأوروبي لديه مشكلة خطر الانهيار الذي يتنامى".

هل تنجح خطة الإنقاذ؟

وأكد اليوم كبير الخبراء الاقتصاديين بالبنك المركزي الأوروبي فيليب لين أن اقتصاد منطقة اليورو الذي تضرر جراء تفشي فيروس كورونا لن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى العام المقبل على أبكر تقدير، مضيفاً أن البنك مستعد لإجراء تعديلات على أدواته عند الحاجة

مستبعداً في جميع الأحوال أن يعود النشاط الاقتصادي لمستوى ما قبل الأزمة قبل 2021 إذ لم يكن بعد ذلك على حد قوله.

وتابع لين أن البنك المركزي يراقب الوضع بشكل مستمر، ومستعد لتعديل جميع أدواته، إذا اقتضت الضرورة ذلك، مضيفاً أن برنامج البنك لمشتريات الجائحة الطارئ قد يعدل.

في المقابل رحّبت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أمس الاثنين، بخطة النهوض الاقتصادي التي اقترحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، معتبرة أن "المقترحات الفرنسية-الألمانية طموحة ومحدّدة الأهداف وموضع ترحيب".

ويُجمع مراقبون على أن دول الاتحاد غير قادرة على تخطِّي خلافاتها حول طريقة إطلاق عجلة الاقتصاد من جديد، فيما عادت إلى الواجهة الفروقات القديمة التي تمخضت خلال أزمة عام 2009 المالية عندما عجزت الدول الأعضاء عن سداد ديونها وتزايد الركود الاقتصادي وانهارت أهم البنوك وقتها، فهل ينتظر أوروبا مصير مشابه؟

TRT عربي
الأكثر تداولاً