صحيفة "لوفيغارو": ما حصل هو تخفيف لحدة التوتر، أكثر من كونه مصالحة إقليمية واسعة النطاق (واس)
تابعنا

أكد البيان الختامي للقمة الخليجية الـ41، التي انعقدت أمس الثلاثاء، في مدينة العلا بالمملكة العربية السعودية، وشارك فيها قادة مجلس التعاون الخليجي بحضور وزير الخارجية المصري ومستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، على وقوف دول مجلس التعاون الخليجي صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس، مشدداً على عدم المساس بسيادة أي دولة أو استهداف أمنها.

إلا أن أطراف القمة يبدو أنهم لم يكونوا على مسافة واحدة من فكرة "المصالحة الخليجية" مع الجارة قطر، وقد ظهر ذلك من الأداء الإعلامي لبعض الدول التي شاركت في القمة، ومن بعض التسريبات التي خرجت للإعلام تعلن عن عدم الرضا التام بما جاء في القمة.

بداية تبدو الرغبة السعودية هي الأقوى في إتمام هذه المصالحة قبيل دخول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى المكتب البيضاوي، لما ستواجهه من أزمات محتملة مع إدارته، فيبدو أن بن سلمان فضل طاولة مفاوضات يقودها جاريد كوشنر على أن تقودها إدارة بايدن المتوعدة بتغيير نهج التعامل مع الرياض.

وبحسب مؤتمرات صحفية وبيانات ختامية أكدت مخرجات القمة طياً كاملاً لنقاط الخلاف مع قطر، وعودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) وقطر.

أداءإعلاميمشكك

لم يكن الأداء الإعلامي في الجارة البحرين مبشراً ومتفقاً مع ديباجات القمة، حيث بدا متشككاً لبعض الشيء في القمة ومخرجاتها.

صحيفة الوطن البحرينية المقربة من الأسرة الحاكمة في البحرين على سبيل المثال تلمح إلى أن "قمة العلا" محل اختبار نوايا للدوحة، وأن الأيام ستثبت ماذا يمكن أن ينتج عنها.

كما أن البحرين لم تكف في الأيام الأخيرة عن إثارة مشكلاتها البحرية مع الدوحة في وسائل إعلامها.

حيث شنت الصحافة البحرينية انتقادات لاذعة للدوحة، خاصة بعد حادثة الزورقين التي اعترضتهما السلطات القطرية في الحدود البحرية بين البلدين خلال الشهر الماضي.

وقبل قمة العلا بأيام، وفي وقت علقت فيه السعودية والإمارات ومصر رسمياً على إعلان الكويت بشأن المصالحة الخليجية، التزمت البحرين الصمت تماماً.

أما على الجانب المصري لم يبدِ أبرز الإعلاميين المصريين ترحيباً بالأنباء الواردة عن تحقيق اختراق في ملف المصالحة بين قطر والرباعي العربي الذي يضم السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

وبات من المعروف مؤخراً أن بعض الإعلاميين في مصر يعبرون عن مزاج للأجهزة الأمنية التي أممت وسائل الإعلام بالكامل لصالح شركات تملكها، فبينما شن المذيع أحمد موسى هجوماً حاداً على الدوحة واصفًا إياها بـ"دويلة قطر الإرهابية"، اكتفى الإعلامي عمرو أديب باستعراض ما كان يرد من أنباء، معرباً عن أمل متشائم بتحقيق المصالحة على اعتبار أن السياسات القطرية التي كانت سبباً في المشكلة عام 2017 لم تتغير إلى الآن.

مصرتقبلتعلىمضض

على الرغم من إيفاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزير خارجيته سامح شكري لتمثيل مصر في القمة الخليجية بالعلا السعودية، وإعراب مصر من جانبها في تصريحات رسمية عن تقديرها لجهود الكويت لتسوية الخلاف القائم مع قطر، وأملها في أن تسفر عن حل شامل للأزمة.

فقد قالت مصادر دبلوماسية مصرية لصحيفة"العربي الجديد": "إن السيسي حسم أمره بعدم المشاركة في القمة، منذ صباح الاثنين، نظراً لعدم استجابة قطر للمطالب المصرية، التي على رأسها وقف ما تزعم القاهرة أنه هجوم إعلامي ممنهج عليها من الدوحة، ودعم لجماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها السلطات المصرية كجماعة إرهابية محظورة".

وأضافت المصادر: "السيسي غاضب بشدة نظراً لشعوره بقطع السعودية شوطاً نحو المصالحة التامة مع قطر دون الأخذ في الاعتبار المطالبات المصرية، وأن إرسال ممثل لمصر كان أمراً مشكوكاً فيه حتى ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، ولكن الضغوط السعودية والأمريكية على السيسي دفعته لإرسال ممثل رفيع المستوى ليشهد توقيع الاتفاق".

وشددت المصادر على أن "الأولوية العاجلة المهمة بالنسبة لمصر هي المضي قدماً في عودة الرحلات الجوية المباشرة بين القاهرة والدوحة، التي أدى توقفها لخسائر كبيرة لقطاع الطيران المصري، وبعد ذلك العمل على تنشيط التعاون في بعض المجالات الاقتصادية وجذب الاستثمارات، لكن الملفات ذات الصلة بالسياسة والإعلام مرجأة لأجل غير مسمّى".

هذه الأنباء صدقتها زيارة لوزير المالية القطري كأول مسؤول يزور القاهرة على متن الخطوط الجوية لبلاده عقب فك الحصار عن الدوحة، وافتتحت شركة تابعة لجهاز قطر للاستثمار، الثلاثاء، فندقاً في القاهرة، بحضور وزيري المالية المصري محمد معيط، والقطري، علي العمادي، ووزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوشين.

ووفق وكالة الأنباء القطرية (قنا) "حضر الافتتاح عدد من كبار الشخصيات من الجانبين القطري والمصري (دون تسمية)".

وقال المسؤول القطري "يمثل فندق سانت ريجيس إضافة جديدة للاستثمارات القطرية في مصر التي تتجاوز الخمسة مليارات دولار في مختلف المجالات".

انعدام ثقة

وفق ما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن مسؤول في إدارة ترمب مُطّلع على كواليس مفاوضات اتفاق المصالحة الخليجية قال إن رباعي دول الحصار قد وافقوا على التخلي عن قائمة الـ13شرطاً، التي قدموها لقطر في بداية الأزمة عام2017، والتي كان من بين ما تضمنته إغلاق قناة "الجزيرة" وتقليص تعاون قطر مع إيران.

أما المقابل الذي قدمته قطر، بحسب الصحيفة الأمريكية، فهو الموافقة على تجميد الدعاوى القضائية التي رفعتها الدوحة ضد دول الحصار، سواء الدعاوى المرفوعة في منظمة التجارة العالمية، أو حتى في مؤسسات أخرى.

إلا أن ذلك لا يبدو كافياً للإمارات، ومن خلفها مصر والبحرين اللذين انصاعا للرغبة السعودية والأمريكية في النهاية.

وتقول صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إنه على الرغم من تأكيد البيان الختامي لقمة العلا بالسعودية على عودة العلاقات الكاملة بين قطر ودول المقاطعة واحترام مبادئ حسن الجوار، إلا أن انعدام الثقة لا يزال قائماً، خاصة وأن جذور التوتر لم يتم التطرق إليها.

واعتبرت "لوفيغارو" أن ما حصل هو تخفيف لحدة التوتر، أكثر من كونه مصالحة إقليمية واسعة النطاق.

وأوضحت الصحيفة أن انعدام الثقة لن يتلاشى فجأة، خاصة بين الدوحة من جهة، وأبوظبي والقاهرة من جهة أخرى.

وتنقل "لوفيغارو" عن كوينتين دي بيمودان، المحلل في معهد أبحاث الدراسات الأوروبية والأمريكية، اعتباره أن"الإمارات هي الخاسرة؛ لأنها استثمرت الكثير في وسائل الإعلام ضد قطر".

وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن جاريد كوشنر، صهر دونالد ترمب، ومهندس هذا الاتفاق، ضغط من أجل أن تحذو القاهرة وأبو ظبي والمنامة حذو الرياض.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً