بوريس جونسون رئيساً لوزراء بريطانيا خلفاً لتيريزا ماي (AP)
تابعنا

في أثناء إلقاء رئيسة وزراء بريطانيا السابقة تيريزا ماي، خطابها الأخير في مقر الحكومة البريطانية قبل تسلُّم بوريس جونسون مهامه رئيساً جديداً لوزراء بريطانيا، سألتها نائبة حزب العمال البريطاني روث كادبوري إن كانت تسلّم مهامها لرجل "يسعى لشيطنة المسلمين، وإطاحة الدبلوماسيين، ويعد ببيع البلاد لدونالد ترمب وأصدقائه".

وعلى الرغم من أن تيريزا ماي اعترضت على الاتهامات التي ألقتها نائبة حزب العمال ضد بوريس جونسون، فإنها لم تنفِها، واكتفت بقولها إنها وجونسون "سياسيان مختلفان"، ولكن لديهما التزاماً قوياً نحو الناخبين، وأضافت أنها "مسرورة بتسليم مهامها لرجل ينتمي إلى حزب المحافظين، ويعد بمستقبل مشرق لبلاده".

مَن بوريس جونسون؟

فاز بوريس جونسون برئاسة حزب المحافظين ليكون بذلك رئيساً للوزراء في بريطانيا خلفاً لتيريزا ماي، فمَن جونسون، الرجل الذي يَعِد بإخراج بلاده من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول القادم؟

ينحدر جونسون من أصول تركية، إذيعود نسبه إلى جده الأكبر علي كمال، التركي المسلم، ووُلد هو في الولايات المتحدة ليكون مزدوج الجنسية قبل أن يتخلى عن الجنسية الأمريكية مؤخراً، وعمل صحفياً في عدة صحف من بينها صحيفة تايمز البريطانية، قبل أن يتولى منصب عمدة لندن لفترتين، كما تَولَّى منصب وزير الخارجية تحت إدارة تيريزا ماي في أواخر عام 2017.

لجونسون انتقادات حادة للإسلام، إذ سبق اتهامه بأنه مُعادٍ للإسلام بعد الهجمات الانتحارية الأخيرة في لندن، إذ كانت له تصريحات مناهضة له على غرار "الإسلام دين أعاد العالم الإسلامي مئات القرون إلى الوراء".

كما شبّه المسلمات مرتديات النقاب بأنهن أشبه بـ"صناديق البريد" و"لصوص البنوك" على حد قوله، فعلى الرغم من أنه لم يعارض صراحة تغريم المنقبات في الشوارع العامة في بريطانيا، فإنه أكّد أن عليهن "رفع نقابهن في حالة تحدثوا إليه في مقرّ رئاسة الوزراء".

ووصف جونسون نفسه من قبل بأنه "صهيوني شغوف"، وصرّح علانية بدعمه حل الدولتين، ودعمه التبادل التجاري الضخم بين لندن وتل أبيب، وذلك خلال زيارات متعددة له مُنذ كان عمدة لندن ووزيراً لخارجية بريطانيا.

"ترمب بريطانيا"

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من قبل، إن بوريس جونسون يُدعى "ترمب المملكة المتحدة"، مضيفاً أن "هذا شيء جيد، من الواضح أنهم يحبونني في المملكة المتحدة، وهذا ما يريدونه ويحتاجون إليه"، كما وصفه ترمب بأنه "رجل مختلف"، مضيفاً "ولكنهم يقولون إنني رجل مختلف أيضاً".

ويتفق ترمب وجونسون في أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يمنح الولايات المتحدة "تجارة عادلة" على حد تعبير الرئيس الأمريكي، إذ دعم ترمب تيريزا ماي في مسارها في بريكيست قائلاً "أتمنى أن تنجح في ذلك حتى يكون لدينا فرصة التجارة بشكل متساوٍ مع المملكة المتحدة، نحن لا نملك صفقة تجارة عادلة مع الاتحاد الأوروبي، إنهم يعاملون الولايات المتحدة بسوء، وهذا سوف يتغير".

من جهة أخرى قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في تغريدة له على تويتر مهنئاً بوريس جونسون "سيكون رئيس وزراء عظيماً للمملكة المتحدة".

وقد تكون وعود بوريس جونسون بتحقيق بريكست والخروج ببلاده من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول هي ما يجعل الرئيس الأمريكي من أشد معجبي رئيس الوزراء البريطاني الجديد.

وعود جونسون

يتعهد جونسون بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول موضحاً أنه ينبغي الانفصال ولو دون اتفاق، ضمن وعوده بأنه يريد "توحيد البلاد"، كما يعد بضمان بقاء مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا حتى بعد خروجها من الاتحاد.

ووصف جونسون الاتحاد الأوروبي بأنه يحاول إكمال المهمة التي بدأها هتلر ونابليون من قبل بإدماج الاتحاد الأوروبي في دولة أوروبية واحدة، فهو يرى أن الاتحاد في صورته الحالية يحاول فعل الشىء نفسه ولكن بطرق ووسائل مختلفة.

هذا الأمر يثير القلق حيال استفتاء جديد أو انتخابات مبكرة في حالة فشل جونسون من تحقيق بريكست دون اتفاق، إذ يقول الصحفي والباحث السياسي زيد العيسى لـTRT عربي، إن "بوريس جونسون يصبح الآن محاصَراً من قيادات مثل وزير المالية البريطاني فيليب هاموند، الذي هدد بالاستقالة في حالة فوز جونسون بالانتخابات، وهدد بتحريض عملية سحب الثقة منه في حالة قرر خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق".

لاحقاً وبعد تولي جونسون منصبه، أعلن تسعة وزراء بريطانيين استقالتهم من الحكومة، وكان أحدث الوزراء الذين أعلنوا أنهم سيتركون مجلس الوزراء وزير الخارجية جيرمي هنت، الذي قال إنه لن يشترك في الحكومة الجديدة برئاسة جونسون، بعد رفض عرض رئيس الوزراء الجديد تولي منصب آخر.

وقال هانت فى تغريدة عبر حسابه على تويتر "كان شرفاً لي لو أنني واصلت عملي، ولكني أتفهم حاجة رئيس وزراء جديد إلى اختيار فريقه".

كما قال ميشال بونيون، كبير كُتّاب صحيفة التايمز البريطانية، إن "معظم النواب في الحزبين الكبيرين لا يفضّلون انتخابات جديدة، فالنواب المحافظون يعرفون أنهم قد يخسرون كثيراً من الأصوات جراء الدعوة لانتخابات جديدة وسيكونون في وضع سيئ، في وقت ينقسم فيه حزب العمال بشأن قضايا كبيرة وعديدة، ولن يكونوا راضين في حال حدوث انتخابات جديدة، لكن فكرة استفتاء ثانٍ قد تحظى بتأييد عديدين.

كما يتعهد جونسون بتعيين 20 ألف ضابط جديد، ووضع ضوابط للهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإدخال نظام هجرة قائم على النقاط على غرار أستراليا، إذ كانت لجونسون تصريحات تنتقد زيادة عدد المهاجرين إلى بريطانيا في السنوات الأخيرة.

ويُعَدّ الشعب البريطاني برفع مستوى المعيشة في البلاد، من خلال إصلاح أزمة نظام الرعاية الاجتماعية، وزيادة تمويل المدارس الابتدائية والثانوية، إضافة إلى زيادة الرواتب للموظفين.

موقف جونسون من إيران

يُعَدّ الملف الإيراني من أكثر الملفات تحدّياً أمام رئيس الوزراء البريطاني الجديد، الذي أعلن أنه لن يدعم عمليات عسكرية تطلقها الولايات المتحدة ضد إيران، مؤكداً أن الخيار الدبلوماسي هو الأفضل.

يأتي ذلك بعد التوتر بين طهران ولندن، عقب احتجاز الأخيرة ناقلة النفط البريطانية Stena Impero في مضيق هرمز بعد أن صرحت إيران بأنها اصطدمت بقارب صيد.

يُذكر أن الاستيلاء على الناقلة جاء بعد أسبوعين من مشاركة البحرية البريطانية في احتجاز ناقلة النفط "غريس-1" الإيرانية في مضيق جبل طارق، يُعتقد أنها كانت تنقل نفطاً إيرانياً إلى سوريا، في مخالفة للعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي.

ويواجه بوريس جونسون الآن عديداً من الملفات الصعبة، على رأسها خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي وتحرير ناقلة النفط البريطانية من مضيق هرمز وسط توقعات بعض الخبراء أن بريطانيا قد تشهد تحت رئاسة جونسون أقصر حكومة في تاريخها.

صورة لبوريس جونسون ووراءه شعار "صوّت لنرحل" مشيراً إلى استعادة السيطرة من جديد بعد بريكست
بوريس جونسون مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب (AP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً