ستيف لينيك كان يحقق في مخالفات محتملة في صفقة بيع أسلحة ضخمة للسعودية العام الماضي (AFP)
تابعنا

في الوقت الذي لم يقدّم فيه البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية الأمريكية أسباباً محددة ومقنعة لإقالة المفتش العام للوزارة ستيف لينيك، تأتي الإقالة وسط مخاوف أوسع نطاقاً من عزل ترمب لعديد من المفتشين العامِّين في إدارات الفروع التنفيذية المختلفة، في ما يحبّ أن يسميه "التخلّص من تركة أوباما" و"الدولة العميقة".

لكن خلف حسابات السياسة الداخلية الضيقة، كشفت أطراف من الحزب الديمقراطي في الكونغرس أن المفتش المُقال كان يحقق في مخالفات محتملة في صفقة بيع أسلحة ضخمة للسعودية العام الماضي، مما يضيف تساؤلات جديدة إلى الإقالة المفاجئة للمراقب.

إقالة مفاجئة بمبرّرات غير واضحة

أُقيل لينيك فجأة في وقت متأخر الجمعة، بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بناءً على توصية وزير خارجيته مايك بومبيو، على أن تصبح الإقالة سارية في غضون 30 يوماً.

ولم تُعطِ الإدارة الأمريكية مبررات للإقالة أول الأمر، غير أن عدداً من التكهنات في الأوساط السياسية في واشنطن أشار إلى أن الإقالة تعد عملاً انتقامياً، إذ كان المفتش المقال يحقق في ملفين أحدهما متعلق بمتابعة شكوى حول إساءة وزير الخارجية استخدام أحد أفراد طاقم الوزارة وتكليفه مهامّ شخصية، والثاني مرتبط بتجاوز ترمب الكونغرس وإعلان حالة الطوارئ لبيع أسلحة للسعودية.

ردّاً على ذلك قال بومبيو الاثنين، إنه سعى لإقالة المفتش العامّ لأنه قوّض عمل الوزارة، دون مزيد من التفاصيل، وأشار إلى أنه أبلغ ترمب أن "المفتش العامّ لا يمارس مهامّه" بما "يحسّن أداء وزارة الخارجية"، مضيفاً إنه "بكل بساطة من غير الممكن أن يكون هذا عملاً انتقامياً لأني لم أكن على علم بالتحقيق"، حسب ما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

من جهته دافع ترمب عن وزير خارجيته فقال: "لديّ الحقّ كاملاً كرئيس أن أضع حدّاً لمهام المفتش"، وأضاف أنه لم يكُن يعرف المفتش، كاشفاً فقط أن سلفه باراك أوباما عيّنه، موضحاً أن "كثيراً من هؤلاء الناس عيّنهم أوباما، وأنا ببساطة أتخلص منهم".

بدوره قلّل بيتر نافارو مستشار ترمب من أهمية إقالة لينيك، قائلاً إن "الدولة العميقة" تثير مشكلات للإدارة، ولا بد من إقالة غير الموالين"، وأضاف: "لدينا مشكلات ضخمة مع ما يصفه بعض الناس بـ(الدولة العميقة)، وأعتقد أن هذا صحيح، لذلك لست آسفاً على هذه الإقالة"، حسب ما نقلته شبكة abc الأمريكية.

ما وراء الإقالة.. صفقة سلاح إلى السعودية؟

كشف أعضاء من الحزب الديمقراطي في الكونغرس الاثنين، أن لينيك كان يحقق في كيفية بيع وزارة الخارجية أسلحة للسعودية بقيمة سبعة مليارات دولار رغم اعتراضات الكونغرس.

واقترح الديمقراطيون سابقاً أن الإقالة قد تكون مرتبطة بتحقيق لينيك في المزاعم القائلة إن وزير الخارجية مايك بومبيو، ربما أمر بشكل غير صحيح، موظفي الوزارة بتأدية مهامّ شخصية له.

في هذا السياق قال إليوت إنجل، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إنه يشعر بالقلق من إقالة لينيك قبل إتمام التحقيق بشأن السعوديين، وكان إنجل دعا إلى هذا التحقيق بعد أن استدعى بومبيو مادةً نادراً ما تُستخدم من القانون الفيدرالي لتجاوز مراجعة الكونغرس مبيعات الأسلحة إلى كل من السعودية والإمارات.

وقال إنجل: "كان مكتبه [المفتش العامّ] يحقق -بناء على طلبي- في إعلان ترمب المزيف عن حال الطوارئ حتى يتمكن من إرسال أسلحة إلى السعودية... ليس لدينا الصورة الكاملة بعد، ولكن من المثير للقلق أن وزير الخارجية بومبيو أراد إبعاد السيد لينيك قبل إتمام هذا العمل".

ودعا إنجل وزارةَ الخارجية إلى تسليم السجلات المتعلقة بإقالة لينيك، التي طالب بها هو وكبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مينينديز.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي اقترح مساعدون في الكونغرس أنه ربما أقيل لينيك لتحقيقه في ادعاءات بأن الوزير أمر أحد الموظفين بنقل الطعام الجاهز والملابس الجافة له ولزوجته ورعاية كلبهما.

وعلى الرغم من أن هذه المزاعم إشكالية، فمن غير المرجح أن تؤدي إلى أي نوع من العواقب الوخيمة ضد بومبيو إذا ثبتت صحتها، بيد أن اكتشاف مخالفات في بيع الأسلحة للسعودية يُعَدّ أمراً أكثر خطورة.

وكان بومبيو قال في إخطاره للكونغرس بقرار استخدام ثغرة طارئة في قانون مراقبة تصدير الأسلحة، في مايو/أيار 2019، إنه قرر "وجود حال طوارئ يتطلب البيع الفوري (للأسلحة) من أجل ردع التأثير الخبيث للحكومة الإيرانية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط"، وأضاف أن عمليات النقل "يجب أن تتم في أسرع وقت ممكن من أجل ردع مزيد من المغامرات الإيرانية في الخليج وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط".

وتأكيداً لفرضية وقوف التحقيق في صفقة السلاح إلى السعودية وراء إقالة لينيك، كشفت شبكة CNN نقلاً عن مساعد في الكونغرس، قوله إن بومبيو كان رفض المشاركة في مقابلة مع المفتش العامّ ضمن التحقيق في ملفّ صفقة السلاح.

من جهتها أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن قرار ترمب وبومبيو اللجوء إلى حالة الطوارئ لتمرير صفقة الأسلحة إلى السعودية، جاء بعد ضغط من لوبيات لشركة الأسلحة الأمريكية Raytheon، لرفع الحظر المفروض منذ 2017 من الكونغرس على السعودية.

ولفتت الصحيفة إلى أن حظر الكونغرس جاء بعد أن تبين أن السعودية مسؤولية عن إحداث "صدع" بين دول الخليج (في إشارة إلى حصار قطر)، وبعد اكتشاف أدلة تُظهِر أن أسلحة تحمل توقيع شركة Raytheon استُخدمت في هجمات سعودية تسببت في قتل مدنيين بينهم أطفال في اليمن.

ترمب: كثير من هؤلاء الناس عيّنهم أوباما، وأنا ببساطة أتخلص منهم (Reuters)
أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن قرار ترمب اللجوء إلى حالة الطوارئ لتمرير صفقة الأسلحة إلى السعودية جاء بعد ضغط من لوبيات لشركة أسلحة أمريكية (Reuters)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً