يقود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حملة لإغراء الشركات متعددة الجنسيات بالانتقال من دبي إلى الرياض (AFP)
تابعنا

يبدو أن منطقة الخليج سوف تشهد حلقة جديدة من حلقات التنافس بين بلدانها دون النظر إلى خريطة التحالفات الاقتصادية والسياسية، بعد أن وضعت المملكة العربية السعودية تحت قيادة بن سلمان نظرها على المكانة الاقتصادية لإمارة دبي وحليفتها الإمارات.

بن سلمان يطمع في مركز دبي المالي

يقود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حملة لإغراء الشركات متعددة الجنسيات بالانتقال من دبي إلى الرياض، في خطة يمكن أن تثير غضب حليف المملكة الخليجي دولة الإمارات العربية المتحدة.

ويأتي ذلك في إطار مبادرة تقدم من خلالها السلطات السعودية حوافز للشركات الرائدة في قطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات والتمويل والخدمات النفطية للانتقال إلى الرياض بديلاً عن دبي، وفقاً لمستشارين ومديرين تنفيذيين في هذه الشركات.

وفي إطار الحديث عن الشركات التي تتخذ من دبي مقراً لها والتي تواصلت معها الرياض، تحدث مستشار يعمل في المملكة لصحيفة فايننشال تايمز، مؤكداً أن الهدف من هذه المبادرة هو تعزيز الاستثمار الأجنبي ودعم خطة رؤية 2030 لولي العهد، وترسيخ المملكة كمركز أعمال إقليمي.

وقال مسؤول تنفيذي مطلع على هذه الخطط إنهم يستهدفون الشركات الكبرى بصفتهم "لاعباً جاداً"، وبصفتهم أكبر سوق.

ولذلك فإنه على ما يبدو فإن العديد من الشركات لديها مخاوف بشأن سمعة العمل في المملكة، والتي ربما يضعونها جانباً بتلك الحوافز التي يقدمها بن سلمان.

ويأمل بن سلمان أن يكون عرضه للإعفاء الضريبي لمدة 50 عاماً، والتنازل عن حصص توظيف السعوديين، وضمانات قانونية أخرى، كافياً لإغراء الشركات الكبرى للانتقال إلى الرياض.

في الوقت الذي تستقبل هذه الشركات الكبرى العرض بفتور لسبب آخر، وهو أن دبي قد تكون بالنسبة إليهم أكثر ليبرالية ولديها بنية تحتية حديثة بالفعل، وهو ما قد يمنع الانتقال الكامل ولكن ليس الانتقال الجزئي لبعض الوحدات فقط، حسب ما نقلت فايننشال تايمز.

لم يخف بن سلمان إعجابه بنموذج دبي قبل ذلك، إذ صرح خلال جلسة بمؤتمر دافوس الذي عقد في الرياض في 2018، أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قدم نموذجاً في دبي يُحتذى به.

ومن جانبه علق أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، آنذاك عبر حسابه على موقع "تويتر" قائلاً: "إشادة الأمير محمد بن سلمان بالشيخ محمد بن راشد وبتجربة دبي تثلج صدر كل إماراتي، كلمات المحبة والتقدير الصادقة في محلها، وبو راشد عزّنا وفخرنا وعبر جهده وعمله عرّب كلمات الإيجابية والطموح لتتصدر قاموسنا".

ومجدداً كنوع من التنافس مع الإمارات، أعلن الأمير محمد سلمان عن مشروع "ذا لاين" فى نيوم، لتكون مدينة مليونية مستقبلية، بطول 170 كيلومتراً، وتهدف للحفاظ على البيئة بنسبة 95%، حيث ستكون صفر سيارات وصفر شوارع وصفر انبعاثات، وسيوفر المشروع 380 ألف فرصة عمل، بحسب الإعلان الرسمي.

سيطرة سعودية على الإعلام

لا تقتصر رغبة بن سلمان فقط على سحب البساط من أسفل الإمارات من ناحية اقتصادية، ولكنه شرع في فعل الأمر ذاته في الناحية الإعلامية.

وقد أوردت صحيفة الأخبار اللبنانية في تقرير سابق لها أن الإعلام السعودي في مهب تغييرات كثيرة، وأطلقت عليها "انقلاباً"، بعد قرارات مفاجئة داخل قناتي mbc و"العربية" اللتين تتخذان من دبي مركزاً لهما.

وتقول الأخبار في تقريرها، إنه يمكن القول بأن mbc عرفت ما يشبه "انقلاباً" بعودة سام برنيت إلى موقعه رئيساً تنفيذياً لـ"مجموعة mbc" وإزاحة مارك أنطوان داليوين، بينما استغنت العربية فجأة عن عدد من موظفيها.

في هذا السياق، بعد عام من استقالة برنيت وتعيين داليوين مكانه، فوجئ الموظفون برجوع برنيت إلى كرسيه من دون سابق إنذار. ويمكن وصف المشهد في أروقة mbc بأنه تبادل أدوار بين برنيت وداليوين، بتوجيهات من القيادات السعودية.

فالأول قدّم استقالته العام الماضي بعد تدخّل القيادات السعودية في قرارات الشبكة على أثر وضع ولي العهد بن محمد سلمان يده عليها، ففضل ترك المحطة بعد نحو 17 عاماً من العمل فيها، وعين داليوين مكانه.

وبحسب التقرير "بات معروفاً أن الأخير جاء بمهام الاستغناء عن عدد من الموظفين آخرهم المتحدث الإعلامي باسم المحطة مازن حايك، وفك الشراكة بين الشبكة السعودية وشركة «شويري غروب» بعد قرابة 14عاماً من العمل معاً".

وبهذه الخطوة، مهّد داليوين الطريق أمام "سعودة" القناة إعلامياً وسياسياً، وبالتالي تسلّم برنيت المهام قبل ساعات ليضع النقاط الأخيرة على انتقال mbc إلى الرياض، ولاحقاً تعيين ماجد بن عبد العزيز آل إبراهيم مديراً للقناة.

ويعد ماجد وهو ابن شقيق وليد آل إبراهيم مؤسس الشبكة، مقرّباً من بن سلمان، ويتم حالياً التحضير له وتعزيز دوره عند انتقال الشاشة التي تأسست في التسعينيات من القرن الماضي، إلى الرياض بشكل نهائي خلال العامين المقبلين، وربما قبلهما.

وبهذه الخطوات قد ينتهي النفوذ الإماراتي في أبرز الأذرع الإعلامية السعودية، بعد سنوات من التحكم بها بحكم الوجود على الأراضي الإماراتية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً