تعقد القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، الخميس القادم اجتماعاً في رام الله لبحث مصير الانتخابات البرلمانية (Others)
تابعنا

تتصاعد احتمالات تأجيل الانتخابات الفلسطينية وسط صمت إسرائيلي بشأن السماح بإجرائها في مدينة القدس المحتلة، وهو الشرط الذي تصرّ عليه السلطة في رام الله من أجل إتمامها.

ويستبعد مراقبون أن تسمح إسرائيل للفلسطينيين بإجراء الانتخابات في القدس، وذلك بعد المكاسب التي حقّقتها في عهد الإدارة الأمريكية السابقة والتي تمثلت في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وكذلك نقل سفارتها إليها.

وتعقد القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس الخميس القادم اجتماعاً في رام الله لبحث مصير الانتخابات البرلمانية التي كانت ستُجرى للمرة الأولى منذ 15 عاماً بعد أن رفضت إسرائيل إجراءها في مدينة القدس، حسب الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.

"التأجيل يعني الإلغاء"

ويرى المحلل السياسي محمود مردواي أن "تأجيل الانتخابات يعني إلغاءها، وهو موقف يتفرد به من يُصدِره، ويتحمل مسؤوليته كاملة".

وأشار في تغريدة على تويتر إلى أن "مسار الانتخابات مرحلة وجزء من التوافق لإنهاء الانقسام، لا ينبغي أن يتم التراجع عنه بشكل منفرد ودون توافق وطني".

يشاطره الرأي الكاتب جمال زقوت الذي يعتقد أن "القدس لم تتحول إلى معضلة إلا بعد فشل إمكانية المضي قدماً في خيار القائمة المشتركة بين حماس وفتح، والعقبات الداخلية التي واجهتها الحركة الأولى، وأدّت إلى خروج مجموعات إضافية منها".

وأضاف زقوت في مقال نشره بصحيفة الشرق الأوسط 20 أبريل/نيسان الجاري: "بدأ تظهير معضلة القدس، ليس كأداة لمواجهة المخططات الإسرائيلية الساعية إلى ضمها وعزلها عن محيطها الجغرافي والديموغرافي والقانوني، بقدر إمكانية استخدامها مبرراً للتراجع عن هذا الاستحقاق الانتخابي وربما طي صفحته".

ومما لا شك فيه أن تأجيل الانتخابات سيكون خيبة أمل لجيل كان ينتظر المشاركة في الانتخابات للمرة الأولى في حياته، وبلغ عدد المسجَّلين للمشاركة في الانتخابات نحو 2.5 مليون ناخب.

لذلك يرفض باقي الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس التأجيل، وتقول إنها مستعدة لـ"خوض معركة" مع الاحتلال من أجل إجرائها في القدس.

وغرّد الصحفي راجي الهمص المرشح عن قائمة حماس الانتخابية بالقول: "إن واجب الوقت علينا كفلسطينين هو أن نحول دون تأجيل #الانتخابات_الفلسطينية تحت أي مبرر، فمن تعنيه القدس لا بد أن يقاتل لإجراء الانتخابات فيها، دون ذلك فهي مراوغة وهروب، يستوجب منا أن نفعّل كل أدوات الرفض واستخدام كل وسائل الضغط حتى لا نسمح لأحد بالاستفراد بمصيرنا وقرارنا".

وتعتقد مصادر أمنية إسرائيلية أن لدى حماس فرصة جيدة للفوز في الانتخابات الفلسطينية، بالنظر إلى الانقسام في حركة فتح، بخاصة أن 3 من كبار مسؤوليها هم مروان البرغوثي ومحمد دحلان وناصر القدوة، يتحدّون محمود عباس عبر قوائم منفصلة ويرفضون التأجيل.

وبيّن المحلل السياسي ياسر الزعاترة أن تصريحات عباس الأخيرة "تحتمل ولا تخلو من إشارات تأجيل، ويبقى المعنى في بطن الرئيس"، مبيناً أن "هواجس دحلان والبرغوثي تحضر بقوة".

وقالت مدونة "عرب إكسبورت" العبرية مطلع أبريل/نيسان 2021 إن "حظر إسرائيل مشاركة سكان شرق القدس المحتلة في الانتخابات سيمنح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس السلم للنزول عن الشجرة"، أي التراجع عن إجراء الانتخابات.

وخلصت المدونة العبرية إلى القول إن "ما يهتمّ به محمود عباس الآن هو الاستمرار بقيادة السلطة الفلسطينية والرئاسة والبقاء على كرسيه".

القرار على الطاولة

ويقول الكاتب الفلسطيني مصطفى إبراهيم إن الضبابية في موقف القيادة الفلسطينية حول الانتخابات وعدم الوضوح وتداول المعلومات من وسائل الإعلام الإسرائيلية، يعمّق الهوة بين الفلسطينيين والقيادة، ويؤشر إلى أن القرار المستقلّ هو محض وهم.

ويرى في تغريدة على تويتر أن شكاً كبيراً في إتمام الانتخابات استجابة للتحذيرات الإسرائيلية وبقاء الانقسام على حاله.

أما القيادي في حركة فتح حاتم عبد القادر فقال في تصريح له الاثنين إن قرار تأجيل الانتخابات موجود على الطاولة، ومن المعيب أن لا يكون لدى السلطة والفصائل خيار إذا فرضت "إسرائيل" عدم مشاركة المقدسيين في الانتخابات، والاستسلام للفيتو الإسرائيلي غير مقبول.

ومما زاد الموقف تعقيداً حديث كثير من المراقبين عن تراجع الموقف الأمريكي الذي يطالب بتجديد الشرعيات الفلسطينية.

وفي 16 أبريل/نيسان الجاري، نقلت صحيفة "القدس" المحلية عن مصدر مطّلع أن إدارة جو بايدن لا تمانع تأجيل الانتخابات إذا اضطُرّ الفلسطينيون إلى تأجيلها.

وأضاف المصدر: "من الطبيعي أن تنظر الولايات المتحدة بإيجابية إلى مشاركة الفلسطينيين في العملية السياسية لانتخاب ممثليهم وقياداتهم بعد مرور 15 عاماً على آخر انتخابات تشريعية، لكننا أيضاً نعي التحديات الخاصة التي تواجه الفلسطينيين، كأزمة وباء كورونا، وأزمة اقتصاد خانقة، بالإضافة إلى تعقيدات المشهد السياسي".

وتابع: "في حكم الفلسطينيين ازدواجية، الضفة الغربية وغزة اللتان يمارس فيهما الحكم بأنظمة مختلفة تماماً، وأولويات مختلفة انبثقت من طبيعة التحديات الخاصة بهما والتي تراكمت عبر الـ15 عاماً الماضية، علاوة على أن الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية يخضعون لتعقيدات الهيمنة الإسرائيلية، الأمر الذي يقيّد الحركة السياسية".

ورجع المصدر تَفهُّم تأجيل الانتخابات إلى التخوفات من "صعود قوى فلسطينية إلى موقع القرار ترفض حل الدولتين ونبذ العنف والتخلي عن الخطاب المعادي لإسرائيل والولايات المتحدة، أو التخلي عن التحريض"، وفق وصفه.

وعن أسباب التأجيل المتوقع، يقول المحلل السياسي هاني المصري إن فشل الصفقة الثنائية بخوض الانتخابات بقائمة وطنية واحدة، يجعل النتائج مضمونة وتغطي على القائمة المشتركة، وما تضمنته من التوافق على الرئيس محمود عباس كمرشح توافقي واحد في الانتخابات الرئاسية.

وزاد الطين بلة أن الانتخابات كانت مزحة وصارت جدية، بدليل تسجيل الناخبين بنسبة 93.3%، وترشيح 36 قائمة، مما سيجعل المنافسة حامية ويشتّت كثيراً من الأصوات، خصوصاً أن 15 قائمة منها تنتمي إلى حركة فتح، وفق ما قاله المصري في منشور على صفحته بفيسبوك.

وذكر أن كل الاستطلاعات الجادة تشير إلى أن أمام البرغوثي فرصة كبيرة للفوز، مما سيُحدِث تغييراً أشبه بالزلزال في الخارطة الفلسطينية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً