التدخل العسكري لبعض الدول في ليبيا يؤجّج الصراع ويقوّض الحلّ السياسي (AA)
تابعنا

أصبحت ليبيا في الآونة الأخيرة ساحة للحرب المباشرة وبالوكالة، إذ تساهم أطراف دولية عديدة في دعم مليشيات خليفة حفتر على حساب حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليّاً، الأمر الذي أدَّى إلى تدهوُر الأوضاع في ليبيا وزيادة الصراع بين الأطراف المتحاربة واستهداف المدنيين، إذ كان لها دور كبير في الدعم العسكري الذي ساهم في تعزيزه عدم وجود دولة ليبية قوية بعد الثورة الأخيرة.

وتنوعت أشكال الدعم لمليشيات حفتر ما بين الدعم الاستشاري والاستخباراتي وتزويده بالأسلحة، وتدريب الضباط والتعبئة الفكرية للمقاتلين.

في المقابل ترفض عدة دول من بينها تركيا ما يحدث في ليبيا، إذ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مقابلة مع شبكة TRT، إن بلاده مستعدة لتقديم الدعم لحكومة الوفاق اللبيبة المعترف بها دوليّاً في مجال الدفاع، "إذا طلبت ذلك من تركيا".

وأكَّد أردوغان أنه سيبحث الدعم الروسي لمليشيات حفتر في ليبيا، خلال لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مشيراً إلى أن تركيا لا يمكن أن تتحول إلى سوريا ثانية، وتوقيع الاتفاقيات مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليّاً لا مع حفتر.

وتتصاعد الأزمة في ليبيا، إذأعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الاثنين، رفع درجة الاستعداد القصوى في العاصمة طرابلس، بعد الكشف عن إحباط محاولة اقتحام قوات "متعددة الجنسيات" داعمة للواء المتقاعد خليفة حفتر.

والأربعاء تَعرَّض محيط مقر رئاسة المجلس الرئاسي، لهجوم مجموعة مسلَّحة حاولت اقتحام المبنى، وسُمع إطلاق نار داخله، إذ كان المقر يشهد اجتماعاً دوريّاً للمجلس بحضور رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، وعدد من الوزراء، ليستمرّ مسلسل القتل منذ 4 أبريل/نيسان الماضي، حين شنت مليشيات حفتر هجوماً متعثراً للسيطرة على طرابلس، مما أجهض جهوداً كانت تبذلها الأمم المتَّحدة لعقد مؤتمر حوار بين الليبيين.

مصر والإمارات وفرنسا.. تدخُّل علني

تُعتبر مصر والإمارات من أوائل الدول الداعمة لمليشيات حفتر في حربه المتواصلة والهادفة للسيطرة على العاصمة طرابلس، ودخلت فرنسا على الخط وأصبح دعمها علنيّاً عندما اعترفت بمقتل جنود لها عام 2016 إثر عملية استطلاعية جوية داخل ليبيا.

تَنوَّع الدعم المصري بين الأرضي والجوي، وساهمت القاهرة باستطلاعات جوية رُصدَت وبُلّغَت بها الجهات المختصة في طرابلس عام 2013، حين كانت حكومة علي زيدان هي المسيطرة، لكن لم يُتّخذ أي إجراءات وقتها.

لاحقاً زاد الدور المصري وأصبح استخباراتيّاً، فظهرت عناصراستخباراتية مصرية في شرق ليبيا للرصد، كما دعمت مصر مليشيات حفتر بالذخيرة، ونفّذ سلاح الجوّ المصري طلعات جوية في درنة وبنغازي وإجدابيا ومنطقة الهلال النِّفْطي.

القيادة المصرية بعثت بطائرة عمودية من نوع رافال إلى قيادة الرجمة شرقيّ ليبيا، ودخلت هذه الطائرة إلى ليبيا وانتقلت عبر ثلاثة مطارات عسكرية ثم رجعت إلى قاعدة الخروبة العسكرية جنوب شرق المرج

مصادر عسكرية مسؤولة في قيادة مليشيات حفتر في الرجمة

أما الإمارات فقد راهنت على خليفة حفتر منذ البداية، ولم تُخفِ دعمها العسكري واللوجستي له وتدخلها في ليبيا، إذ صرّح مسؤولون في الإمارات بأن حفتر هو مشروعهم الأول هناك، وفي جلسة مجلس الأمن التي اعترفت فيها الإمارات بدعم حفتر في حربه على بنغازي وحاولت إنكار دعمه في الهجوم على طرابلس، حسب تقرير تحت عنوان "ما هي أهداف الدعم الإماراتي لحفتر" نُشر في جريدة العربي الجديد.

وذكرت صحيفة العرب القطرية أن الإمارات درّبت ضباطاً ليبيين من سلاح الجو التابعين لحفتر، كما نفّذت عمليات رصد وتجسُّس، وطوّرَت غرفاً للعمليات على الأرض، وحضر ضباط إماراتيون على الأرض في قاعدة الخروبة شرقي المرجة، بالإضافة إلى المستشارين العسكريين في غرفة عمليات الهجوم على طرابلس في مدينة غريان.

عسكريّاً، سلمت الإمارات حفترثلاث طائرات مسيَّرة (دون طيار) أمريكيَّة الصنع تُعرف بدقتها في تحديد الأهداف، قبل بدء الهجوم على طرابلس، وكان التسليم بموافقة أمريكيَّة، حسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، وترجمه موقع قناة الجزيرة.

وأدان تقرير خبراء الأمم المتَّحدة خرق الإمارات ودول أخرى داعمة لحفتر، قرار حظر توريد السلاح إلى ليبيا، وعلى الرغم من ذلك تستمر أبو ظبي في إقامة قواعد عسكرية لها في ليبيا، وإرسال أسلحة وآليات لدعم الصراع، إذ التقطت صوراً بالأقمار الصناعية خلال سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين، نشرتها عملية "بركان الغضب"، توضح وصول طائرة "يوشن 76" ومروحية "بلاك هوك" إلى قاعدة الخادم الجوية جنوبي مدينة المرج، التي تضمّ معقل حفتر العسكري الرئيسي.

من جانب آخَر، برز تدخُّل فرنسا في دعم مليشيات حفتر بعد اعترافها بمقتل أفراد تابعين لها في طائرة استطلاعية بمنطقة المقرون جنوب شرق ليبيا، حسب ما ذكره موقع مونت كارلو الدولية.

وثبتت مشاركة جنود فرنسيين في الهجوم على مدينة درنة بعد تمركز ضباط فرنسيين بمنطقة الأرادم غرب درنة متخذين مقرّاً لهم في أحد مباني المنطقة، وقد شاركوا في عمليات قنص لعدد من قادة شورى درنة في أثناء الهجوم على المدينة، حسب ما ذكرته مجلة المجتمع.

وبالإضافة إلى التصوير والتجسُّس ساهمت باريس بدعم حفتر استخباراتيّاً وتجهيز غرف عمليات وتدريب ضباط ليبيين على الطائرات المسيَّرة، بخاصَّة في قاعدة الخروبة التي تُعتبر نقطة وجود القوات الفرنسية بشكل خاص والأجنبية بشكل عامّ.

وأشار موقع جريدة الشرق في تقرير تحت عنوان "تَعرَّف على أدوار فرنسا والإمارات ومصر في دعم حفتر"، إلى أنه لا يُسمح لليبيين بالاقتراب من قاعدة الخروبة، "إضافة إلى وجود مسافة فاصلة بين تلك القوات الأجنبية وأماكن تجمع الضباط الليبيين تقدر بمسافة 7 كيلومترات من مقر وجود القوات الأجنبية في القاعدة، ويتم تدريب الضباط الليبيين بتحديد ساعات معينة توجد فيها القوة الأجنبية التي تقوم بالتدريب بمقرّ تجمُّع الضباط الليبيين".

دعم روسي وسعوديّ محدود

قال المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة،‎ في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، إن الدعم الروسي لقوات حفتر، زاد زخم هجومه على طرابلس خلال الأيام الماضية، محذِّراً من أن ذلك قد يتسبب في "حمام دم" في العاصمة الليبية.

وعلى الرغم من أن الدعم الروسي يُعتبر قليلاً مقارنة بالدور الفرنسي والإماراتي والمصري، ويندرج تحت المناكفات الدولية، فإنه لا يعني عدم وجود عناصر روسية في ليبيا، إذ توجد شركة أمنية استخباراتية تسمى "مجموعة فاغنر"، وعناصر روسية في مقر كتيبة الخضري والمطار الزراعي في المرج شرقي بنغازي، ويقدر عددهم هناك بما يقارب 150 عنصراً، حسب موقع بوابة إفريقيا الإخبارية.

ولم يشارك الروس في العمليات القتالية التي قادها حفتر في بنغازي وطرابلس والجنوب، حسب مصادر عسكرية ليبية.

من جانبها، تلعب السعوديَّة دوراً له علاقة بالتعبئة الفكرية عن طريق غرس الفكر الوهابي السلفي في المجموعات التي تقاتل تحت قيادة حفتر، إذ تعطى العقيدة الوهابية والفكر السلفي مادَّةً للاعتقاد في الكليات العسكرية التي أنشأها حفتر في برقة شرقي ليبيا، حسب مصادر لقناة الجزيرة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً