نور الدين نباتي وزير الخزانة والمالية التركي (AA)
تابعنا

في معرض جوابه عن أسباب تراجع قيمة العملة المحلية، رغم التدابير الأخيرة التي أقرها الرئيس رجب طيب أردوغان في شهر ديسمبر/كانون الأول المنقضي، قال وزير الخزانة والمالية التركي، نور الدين نباتي، خلال لقائه الإعلامي في برنامج بلا حدود على قناة الجزيرة القطرية: "كما تعرفون فإن بعض الجهات الأجنبية قد بدأت في ديسمبر/كانون الأول بشن حملة ضد تركيا، وقد ساهمت تلك الحملة في زيادة قيمة الدولار في البلاد وهذه نعتبرها أمرا عرضياً ناجماً عن حملة معادية لنا وهي ليست دائمة ولن تستمر".

وأضاف قائلاً: "في الـ20 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، حينما أعلن الرئيس أردوغان عن التدابير الأخيرة استطاعت الليرة التركية أن تتعافى بشكل سريع وفي يوم واحد".

وأكد أن : "الدولة بكل مؤسساتها تقوم بما يجب من أجل التصدي لهذه الحملات المغرضة، ولتلك التدخلات التي نعرف مصدرها ومن أين تأتي ولذلك فنحن نتصدى لها من خلال عدة طرق".

وتابع قائلاً: "ومن ثم فإن التدابير التي أعلن عنها الرئيس، أردوغان والتي تهدف لحماية الإيداعات بالعملة المحلية الليرة، حسب قيمة الدولار، تعتبر إجراءات مهمة جداً كشفت عن أن الحالة الأخيرة التي شهدتها الليرة التركية من تراجع في قيمتها، حالة عارضة وليست واقعية".

وأشار إلى أنها "نوع من الغثاء فوق السيل يمكن أن نستبعده بشكل بسيط، وفي الفترة القادمة ستعود السوق المالية في تركيا إلى طبيعتها، نحن واثقون من ذلك".

ولفت الوزير التركي إلى أنه "منذ 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، شهدنا زيادة مهمة في حجم الإيداعات المصرفية بالليرة، وهذا قد لقي قبولاً حسناً لدى المستثمرين في البنوك التركية، ومنذ ليلة البارحة لاحظنا أن حجم الإيداعات قد وصل إلى 91.5 مليار ليرة وهذا إجمالي الإيداعات الفردية في البنوك، ما يعكس مدى ثقة المواطن التركي في السياسة المالية لحكومته المنتخبة".

واعتبر نباتي أن "هذه الآلية الجديدة تعتبر فرصة جاذبة جداً للمستثمرين، كما أن البنوك التشاركية الإسلامية شاركت بدورها في هذه الإجراءات والتدابير لتستفيد هي ويستفيد المودعون لديها وهم يواكبون التحولات القانونية بشكل سريع".

وأضاف قائلاً: "أما فيما يتعلق بالذهب أيضاً توجد خطوة مهمة جداً تهدف إلى دعم الإيداع بالليرة التركية، ولذلك فأنا أريد أن أؤكد أن حساب الليرة المحمي بقيمة الدولار هو الكفيل بمواجهة الهجمة المالية التي تعرضت لها بلادنا ونرى التجاوبات الحسنة من المواطنين الأتراك الذين بدأوا يستفيدون من هذه الإجراءات".

وفيما يتعلق بالتدابير أكد الوزير التركي: "قد ألغينا ضريبة الأجور وكذلك قدمنا مشاريع قوانين مهمة جداً لتسهيل هذه الإجراءات خلال أسبوعين فقط، والبرلمان عمل وما زال يعمل من أجل هذه المنظومة المصرفية الجديدة".

وشدد كذلك على أن "هذا يعكس ثقة المواطنين في النظام الرئاسي وفي السياسة المالية للحكومة وإن اهتمام المواطنين بهذه الإجراءات، وبالليرة التركية أمر إيجابي جداً".

وتابع في السياق ذاته قائلاً: "وعندما ألغينا ضريبة الأجور كذلك خفضنا ضريبة الدخل من 15% إلى 10% الأمر لا يتعلق فقط بتشجيع المواطنين على الإيداع بالليرة في حساباتهم وإنما نشجعهم كذلك على إخراج الأموال من تحت الوسائد ووضعها في الحسابات المصرفية".

ولفت قائلاً: "وكذلك طورنا آلية أخرى لإيداع الذهب والمجوهرات في البنوك حتى تخرج الأموال من المنازل أو من تحت الوسائد كما يقال ليجرى تعييرها وتقييمها وإيداعها بالمصارف بشكل سريع".

وأضاف: "وبهذا الشكل نقوم بإجراءات عديدة لمواجهة الهجمة المالية، وذلك من خلال دعم قيمة الليرة، وكذلك رفعنا مساهمة الحكومة في الرواتب التقاعدية من 20% إلى 30%"

وأكد: "نشجع كذلك المنافسة التجارية الحرة عن طريق تخفيض الضرائب في قطاع التجارة"، لافتاً أن حزب العدالة والتنمية، يعمل على إعداد مشروع قانون في هذا الأمر سيناقشه البرلمان في الأيام القادمة.

واستطرد: "وكذلك فإن ضريبة القيمة المضافة تطبق بأشكال مختلفة ولكننا نعدلها ونبسطها، وكذلك ضريبة نسبة الأرباح أيضاً نعيد النظر في قانونها".

هجمات عدائية ضد تركيا

وفيما يتعلق بالجهات التي تقف وراء الهجمات المالية الأخيرة ضد تركيا قال نباتي:" هذه الجهات الأجنبية معروفة، ولكن الأدوات التي تستخدمها مختلفة هذه المرة لأنهم بدأوا يستخدمون المستثمرين الأفراد يريدون أن يوجهوهم ليتحركوا بشكل جماعي عن طريق نشر الإشاعات والأكاذيب واستخدام الوثائق المزورة".

وعن هذه الأدوات قال الوزير التركي: "مثلاً حاولوا أن يشوهوا اتفاق المقايضة المالية الذي وقعناه مع قطر وكذلك كذبوا على الناس بخصوص قيمة الليرة في هذا الاتفاق".

وأضاف: "لقد حاولوا توجيه الرأي العام لجعل المواطنين يسحبون مدخراتهم من البنوك"، رافضاً الإفصاح عن هذه الجهات، في رد منه على سؤال بهذا الخصوص.

وشدد نباتي قائلا: "لا فائدة من ذكر هذه الأسماء، ومن ثم لن أعطي أي اسم لكني فقط أريد أن أؤكد أن حزمة التدابير التي أعلنها أردوغان قد أحبطت هذه الهجمة، واستطعنا أن نحافظ على قيمة الليرة".

وتعليقاً على استمرار الفرق بين الإيداعات بالليرة والعملات الأجنبية لصالح الأخيرة أفاد نباتي: "نعم إن كل مجتمع يتبع نظاماً مالياً مختلفاً ففي تركيا المجتمع يتحرك حسب غريزة الحماية ولذلك فإن المواطن حينما يضع أمواله بالبنك فإما أن يضعها بالأموال الأجنبية وإما بالذهب وهذه المشكلة مستمرة منذ 2020 حينما بدأت جائحة كورونا، إذ بدأت الليرة تفقد قيمتها بشكل كبير، لذلك اتجه الناس للدولار والذهب".

واستطرد قائلاً: "لكن الأفراد بتركيا بعد الإجراءات الأخيرة بدأوا يثقون بعملتهم المحلية بشكل أكبر حتى وصلت تلك الودائع إلى 91 مليار ليرة".

وأضاف: "والفرق بين حجم الإيداع بالليرة وغيرها لا يزال قائماً لكن من خلال مزيد من التدابير الإضافية خلال الفترة المقبلة سيقل ذلك الفارق بشكل كبير".

وشدد الوزير التركي في السياق ذاته على أن "الوضع بات مختلفاً بعد الإعلان عن التدابير الاقتصادية الأخيرة، لأن الموطنين كانوا حينما يضعون أموالهم بالليرة كانوا يفقدون قيمتها لكنهم تشجعوا بعد تلك التدابير، وزادت ثقتهم بعملتهم المحلية والإيداع بها، وهذا انعكس على حجم الإيداعات بها".

وتابع: "هذه نتيجة سريعة للتدابير الأخيرة ولكن النتيجة الأكبر ستكون على المدى المتوسط والبعيد خصوصاً بعد تفعيل الآليات التي نعدّها الآن لنزيد من ثقة المواطن في الليرة حتى يتحسن الوضع بشكل أكبر".

أما فيما يتعلق بتأويلات المحللين الاقتصاديين الأجانب حول وضع الاقتصاد التركي قال نباتي: "هؤلاء المحللون الاقتصاديون الذين يقدمون أنفسهم للناس على أنهم مستقلون يقولون أشياء أخرى، ويقولون بأن قيمة الفائدة في تركيا يجب أن تكون أقل بكثير من نسبة التضخم كما هو الحال بمختلف دول العالم".

احتياطات البنك المركزي وعجز الميزان التجاري

وردا على مزاعم انخفاض احتياطات البنك المركزي من النقد الأجنبي بسبب بيع الدولار لدعم الليرة، قال الوزير نباتي: "في تركيا حينما نتحدث عن الأرقام نستطيع أن نستخرج نتائج مختلفة، فإن البنك المركزي كان به 128 مليار دولار، وبه حاليا 110 مليارات، فلا توجد أدنى مشكلة في ذلك الاحتياطي".

وأكد على أنه لا توجد مشكلة لدى الجمهورية التركية، فهي دولة قوية، اقتصادها قوي وله نشاطات متعددة، ويستطيع أن يتقدم بشكل صحيح من دون أن يحتاج إلى نصيحة أو توجيه من أي طرف، لأن الآلية التي يتبعها مستقلة، على حد تعبيره.

ولفت إلى أن "السيد رئيس الجمهورية استطاع أن يجعل من اقتصاد تركيا اقتصاداً ناجحاً قوياً خلال 19 عاماً هذا ما نفعله منذ عقدين ولا توجد لدينا أية مشكلة باحتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي، ولا مشكلة لنا في الاقتصادي الكلي أو الجزئي نحن نقوم بالتدابير اللازمة لإنجاح اقتصادنا".

أما فيما يتعلق بالخطوات المتبعة لخفض عجز الميزان التجاري قال الوزير التركي : "تركيا لديها نسبة 2% من عجز الميزان التجاري في العادة، وهي بقيمة 14.5 مليار دولار، وفي نهاية العام ستنزل هذه النسبة أكثر".

وأكد: "لا توجد لدينا مشكلة في الميزان التجاري، هدفنا تحقيق 250 مليار دولار صادرات، وهذا سيسهم في تصفير عجز الميزان التجاري"، مضيفاً: "نتخذ التدابير اللازمة من أجل ذلك، نطور نموذجاً اقتصادياً تركياً جديداً يقوم على زيادة الجودة والاستثمار في القطاعات المنتجة".

واعتبر نباتي أن "مشكلتنا الآن فقط في الطاقة، أما بقية القطاعات فلا مشكلة بها، وفي عام 2023 ستبدأ تركيا في استخدام الغاز الذي ستنتجه من البحر الأسود، وبهذا الشكل سنحل مشكلة العجز في الطاقة وسنحقق رقماً قياسياً خلال العام القادم".

وأضاف في هذا السياق قائلا: "تعرفون أن أسعار السلع قد زادت في العالم، ونجد مشكلة في العرض خاصة مع المشاكل البيئية التي تضرب العالم كله، ولكن تركيا تعمل خلال هذه الفترة التي يعاني منها كل العالم، على مواجهة مثل هذه المشاكل وقد بدأت تحقق نجاحات في هذا الإطار وسنجعل هذا النجاح حالة ثابتة ودائمة في بلادنا".

وتابع "تركيا عندما حققت 225 مليار دولار من الصادرات كانت قد أتمت البنية التحتية في مختلف القطاعات المنتجة وذلك بالتشجيع على تصنيع مختلف السلع والسلع البديلة، سنقوم بتجاوز كافة العراقيل".

وبيّن الوزير نباتي أن "الغاز الذي اكتشفناه سيحل لنا مشكلة النقص في الطاقة، ونحن نزيد من حجم نصيبنا في كعكة الأسواق العالمية وهذا سيزيد من قيمة الليرة، وحينما تزيد قوتها فإن ذلك لن يضر بقطاع الصادرات إنما سيفتح أبواباً جديدة في الاقتصاد".

النموذج الاقتصادي الجديد

في إشارة منه إلى النموذج الاقتصادي التركي الجديد قال نباتي: "الاقتصاد التركي نموذجه يقوم على أساس رفع الإنتاجية والجودة عن طريق الدعم والتسهيلات وأنا أريد أن أؤكد أن بلادنا تمكنت من تحقيق رقم قياسي بلغ 12.7 مليار دولار خلال الجائحة من رؤوس الأموال الأجنبية التي استقطبتها".

وتابع "وأقول للمستثمرين الأجانب تركيا تبتعد مسافة 3 ساعات عن جميع دول المنطقة، لذلك فهي سوق مناسب للغاية من أجل الاستثمار".

وأضاف "سنعمل كذلك على زيادة الاستثمار في التكنولوجيا العالية، كذلك نقدم حوافز مهمة جداً لتمويل المشاريع المختلفة في القطاعات المختلفة حتى نواصل طريقنا نحو النموذج الاقتصادي الجديد القائم على زيادة الإنتاج في الصناعة والتكنولوجيا والزراعة والتصدير وندرس السوق بشكل جيد".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً