منطقة الشرق الأوسط تشهد توتراً غير مسبوق بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني (AP)
تابعنا

دخلت منطقة الشرق الأوسط في تصعيد غير مسبوق مع اغتيال الولايات المتحدة الأمريكية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الأمر الذي دفع طهران إلى الرد باستهدافها قاعدة عين الأسد الجوية العسكرية الأمريكية بمحافظة الأنبار غربي العراق، بعشرات الصواريخ، ما أدَّى إلى مقتل 80 عسكريّاً أمريكيّاً، حسب وسائل إعلام إيرانية نقلًا عن الحرس الثوري.

في المقابل أكَّد الجانب الأمريكي أن الأضرار مادية فقط، وقال البنتاغون إن الولايات المتحدة ستتخذ الإجراءات كافة لحماية جنودها في العالم، فيما كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تغريدة على تويتر قال فيها: "كل شيء على ما يُرام. لقد أُطلِقت صواريخ من إيران على قاعدتين عسكريتين في العراق، ويجري الآن تقييم الخسائر والأضرار، ولكن كل شيء على ما يرام حتى الآن، فلدينا الجيش الأقوى والأفضل تجهيزاً في العالَم، بفارق شاسع. سأُدلِي بتصريح صباح غد".

وأدَّى تصاعد الأمور إلى تنديد بعض الدول مثل بريطانيا التي تمتلك قوات لها ضمن قواعد التحالف بقيادة واشنطن، فيما بدأت دول أخرى بمساعٍ لخفض التوتر في المنطقة تجنُّباً لتحول العراق وغيره من الدول الحليفة لأمريكا التي هددت طهران باستهدافها في حال تلقت ضربات من أراضيها، إلى ساحة حرب.

شرعية الرد

ورفض رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي العراق أي انتهاك لسيادته، كما شدّد على رفض بلاده وجود القوات الأجنبية على أراضيها.

وتعتبر إيران هذا الرد شرعيّاً ولا يخالف القوانين الدولية حسب تصريحات لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، فيما قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الأربعاء، إن بلاده "وجهت صفعة إلى الولايات المتحدة"، مؤكداً أنّ العمل العسكري ضدّ واشنطن "ليس كافياً".

وحسب تصريحات الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد صالح صديقيان لـTRT عربي، فإن "لدى الإيرانيين رغبة جامحة في الرد، إذ يعتقدون أن قواعد اللعبة الجديدة تقتضي عدم وجود القوات الأمريكية في المنطقة". فيما يرى أستاذ القانون الدولي علي التميمي أن ضربة إيران الأخيرة "تخالف القانون الدولي".

ويشير التميمي إلى "تضارب معلومات بخصوص وجود ضحايا، إذ تنفي واشنطن ذلك فيما تؤكّد إيران سقوط 80 قتيلاً".

ويضيف: "العراق لا يريد أن يكون ساحة حرب".

خطوات تركية

تركيا لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الأزمة، وكما في دورها الفعال تجاه الأزمة السورية والليبية، بدأت التحرك لتهدئة الأوضاع، إذ من المقرر أن يزور وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو العراق الخميس، على خلفية تطورات الأحداث عقب مقتل سليماني، والقصف الإيراني على القواعد الأمريكية في الأنبار.

وأعلنت الخارجية التركية في بيان، أن جاوش أوغلو سيزور العراق الخميس، في إطار "المبادرات الدبلوماسية المكثفة لتخفيف التوتر المتصاعد في المنطقة نتيجة التطورات الأخيرة"، موضحة أن الزيارة التي من المتوقع أن تستمر يوماً واحداً، ستتضمن إجراء مباحثات حول المستجدات الإقليمية، والقضايا الثنائية بين البلدين.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو الاثنين، إن تركيا ستعمل على تخفيف التوترات بين إيران والولايات المتحدة وإنها تتواصل مع الطرفين، مشيراً إلى أنه أجرى مكالمات هاتفية مع نظيريه الإيراني والأمريكي لمناقشة الأمر، حسب وكالة رويترز.

ولدى سؤاله عما إذا كانت تركيا منفتحة على الوساطة بين طهران وواشنطن، قال جاوش أوغلو إن تركيا ستدعم أي خطوات لتخفيف التوترات في المنطقة، وقال: "سنواصل العمل مع الدول الأخرى لحل هذه المشكلة أو تخفيف حدة التوتر في الأيام المقبلة".

قضية التوتر بين واشنطن وطهران ستكون على جدول الأعمال خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتركيا يوم الأربعاء، والرئيس التركي ناقش القضية مع نظرائه الإيراني والفرنسي والعراقي والقطري

مولود جاوش أوغلو - وزير الخارجية التركي

وقال جاوش أوغلو: "الباعث المشترك على قلق عندنا هو أن يتحول العراق إلى منطقة صراع لدول ثالثة، فهذا خطر جسيم جدّاً على العراق ومنطقتنا"، وأردف: "لذلك سنستمر في بذل ما في وسعنا لتضييق دائرة العنف".

من جانبه دعا المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن إلى ضبط النفس والهدوء، في ظل ازدياد حدة التوتر الأمريكي-الإيراني، مشيراً إلى أن الرئيس أردوغان سيكثف لقاءاته بهذا الشأن.

وقال: "نبذل قصارى جهودنا لوضع حد للتوترات في المنطقة بعد مقتل سليماني، ونبذل جهوداً كبيرة كي لا تنزلق المنطقة إلى الحرب"، وأضاف: "على الجميع التصرف بحكمة وهدوء، وسنواصل تجديد دعوتنا إلى ذلك".

وحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره العراقي على "التصرف بحكمة".

وطغت التطورات التي تمر بها المنطقة على القمة الثنائية بين روسيا وتركيا لافتتاح خط السيل التركي، إذ من المقرر أن يناقش الرئيس التركي ونظيره الروسي فلادمير بوتين الأزمة بين واشنطن وطهران، حسب مراسل TRT عربي.

تحرُّك قطري وعُماني

وتشارك قطر بالوساطة لتهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط، إذ أجرى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الاثنين، ناقش خلاله تطورات الأحداث على الساحة العراقية والجهود المبذولة من أجل تقليل التوتر للحفاظ على أمن واستقرار العراق والمنطقة بأكملها، حسب بيان الديوان الأميري في قطر.

كما ذكرت قناة الجزيرة القطرية أن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر هاتفيّاً مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الثلاثاء، "المستجدات في العراق والسبل الكفيلة لحل القضايا الخلافية بالمنطقة وتخفيف حدّة التوتر".

في السياق ذاته تبذل عمان التي تربطها علاقات ودية مع كل من الولايات المتحدة وإيران، جهوداً لتهدئة الأوضاع، فقد سبق أن توسطت بين البلدين اللذين قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد الثورة الإسلامية الإيرانية في 1979.

وقال وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي إن الولايات المتحدة تريد تهدئة التوتر في المنطقة، حسب وكالة الأنباء الإيرانية.

وكتبت وزارة الخارجية الإيرانية على تويتر أن بن علوي، الموجود في طهران للمشاركة في مؤتمر، قدّم تعازيه في قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي قُتل في ضربة جوية أمريكية بطائرة مسيرة الأسبوع الماضي، حسب وكالة رويترز.

TRT عربي
الأكثر تداولاً