الكويت هي الثالثة عالمياً منذ بدء تسجيل درجات الحرارة في عام 1886 (إعلام خليجي)
تابعنا

يلوذ غالبية سكان الكويت خلال فصل الصيف، شديد الحرارة، بالأماكن المغلقة المكيفة سواء للسكن أو‭ ‬العمل أو حتى التسوق والترفيه. ومن تضطرهم أعمالهم للبقاء في أماكن مفتوحة يصطلون بحرارة عالية يزداد لهيبها في كل عام عن سابقه، وربما تصل لمعدلات غير مسبوقة عالمياً خلال السنوات المقبلة.

فقد سجّل مرصد جوي في منطقة تُسمى مطربة في شمال غرب الكويت حرارة بلغت 54.4 درجة مئوية في 21 يوليو/تموز 2016، هي الأعلى في قارة آسيا على الإطلاق، والثالثة عالمياً منذ بدء تسجيل درجات الحرارة في عام 1886.

أكّد ذلك لرويترز عبد العزيز القراوي، مراقب التنبؤات الجوية في إدارة الأرصاد الجوية الكويتية، مُحذراً من أن بلاده ستدخل في "مرحلة الخطر" بحلول عام 2035 مع توقعات بأن تزيد المعدلات السنوية لدرجات الحرارة بنحو درجتين مئويتين عما كانت عليه في 2010.

وأوضح القراوي أن هذه المعدلات ارتفعت بالفعل 1.1 درجة في السنوات من 2010 إلى 2021 مقارنة بالسنوات الثلاثين التي سبقتها.

وسجّلت الكويت في السنوات القليلة الماضية درجات حرارة قياسية، منها 54 درجة في منطقة الجهراء شمال غرب العاصمة في 2021 و53 درجة في منطقة الصليبية غرب العاصمة في 2020، وهما من المناطق المأهولة بالسكان.

وقال القراوي إن معدلات الحرارة فوق 50 درجة مئوية كانت تُسجّل بالكويت ليوم أو يومين أو حتى أربعة أيام في السنة في الثمانينيات والتسعينيات لكنها تُسجل الآن ربما عشرين يوماً في السنة.

كما تزايدت حدّة العواصف الجوية والرعدية والترابية التي تضرب البلاد، والتي عادة ما تكون محمّلة بغبار يؤدي لحالات اختناق لا سيما لذوي الأمراض الصدرية، كما ينقل البكتيريا الضارة ويزيد من انتشار الأمراض الجلدية.

وتعرّضت الكويت لأمطار غزيرة وسيول في أنحاء الدولة، وُصفت بأنها غير مسبوقة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، واستقال على إثرها وزير الأشغال العامة آنذاك، حُسام الرومي، بعدما لحقت أضرار كبيرة بالممتلكات وتعطلت الحركة بالطرق والشوارع.

وقال القراوي إن الأعاصير التي تضرب جنوب شبه الجزيرة العربية لا سيما سلطنة عُمان واليمن تتكرر أكثر، وأكثر من السابق وتزداد عنفاً.

وفي الكويت يزيد عنف العواصف المطرية مع معدل أقل في تكرارها السنوي لكن كميات المطر أصبحت أكثر من ذي قبل.

وأضاف أن مواسم الجفاف أصبحت أطول، وهو ما زاد من العواصف الرملية التي جاءت الصيف الماضي في شهر مايو/أيار على غير العادة، إذ تكون دائما في الفترات الانتقالية بين الفصول.

وأوضح أن تأثير تغيّر المناخ يمتد للحياة الاقتصادية والعمرانية بالكويت، حيث تتعطل جهود التنمية وكذلك المشاريع بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.

وتحظر الكويت تشغيل العمالة في المناطق المكشوفة خلال أوقات الظهيرة من الساعة الحادية عشرة صباحاً وحتى الرابعة عصراً يوميا خلال فصل الصيف الممتد عادة من يونيو/حزيران حتى نهاية شهر أغسطس/آب.

ما الحل؟

يرى كثيرون أن الكويت يمكنها بجهد فردي أو بالتعاون مع جيرانها، لا سيما العراق والسعودية، تخفيف حدة الارتفاع في درجات الحرارة وتقليلها عدة درجات إذا تمكنت من تشجير مساحات واسعة من الصحاري الممتدة شمالاً وجنوباً.

ولدى الكويت رؤية لتحويل 15٪ من الطاقة التي تستهلكها إلى مصادر متجددة بحلول 2030.

ولتحقيق هذه الرؤية أنشأت الكويت مجمع "الشقايا للطاقة المتجددة" شمال غرب البلاد، في مبادرة يتبناها وينفذها معهد الكويت للأبحاث العلمية، وتهدف إلى نقل وتوطين مزيج من تقنيات الطاقة المتجددة في الكويت لإنتاج الكهرباء.

كما تبنت الحكومة إنشاء مبان صديقة للبيئة في مشروعاتها الجديدة وأهمها مشروع مطار الكويت الجديد الذي يُبنى حالياً.

لكن الخبير الفلكي والمؤرخ عادل السعدون يرى، وفقاً لما أوضحه في مقابلة مع رويترز، أن الحلّ الناجع يكمن في زراعة نحو عشرين مليون شجرة في الكويت لتقليل درجات الحرارة بنحو خمس درجات مئوية.

وقال إن هذا الأمر ممكن لو أُنشئ نهر صناعي يمتدّ من شط العرب في العراق ويدخل الكويت عبر الحدود الشمالية ليمرّ بالصحراء الغربية في الكويت ثم منطقة الخيران وينتهي في الخليج.

ويشير السعدون إلى أن الأولوية في عملية التشجير ينبغي أن تكون للمناطق الشمالية والغربية لأنها المصدر الرئيسي للرياح المُحمّلة بالغبار الذي يشكل مشكلة لغالبية السكان خصوصاً في فصل الصيف.

وقال: "الحلول مكلفة لكن سنجني منها الكثير.. المياه المحلاة تكلّف أكثر، لو تعاونّا مع العراق ستنتعش الحياة".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً