ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يلاحق اللواء السابق في الداخلية سعد الجبري (Reuters)
تابعنا

نجلان معتقلان من عائلة اللواء السابق في الداخلية السعودية سعد الجبري كرهينتين في أيدي السلطات السعودية التي تشترط عودة والدهما إلى السعودية مقابل إطلاق سراحهما، هذه هي المعادلة الجديدة لمساومات النظام السعودي وضغوطاته على كل من يعارضه.

فبعد التحذيرات التي تلقاها الناشط السعودي عمر عبد العزيز من السلطات الكندية، والتي تشير إلى وجود تهديد على حياته من قبل الحكومة السعودية، بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، انتشرت أخبار الجبري كمطلوب لتلك الحكومة، ليكون وجوده هو الفدية المطلوبة لتحرير أبنائه من سجون المملكة.

من جانبها قالت صحيفة الغارديان في تقرير آخر، إن ولدَي رجل الأمن السعودي سعد الجبري المختطفين منذ مارس/آذار الماضي، كانا أول ضحايا عملية تطهير قام بها محمد بن سلمان بعد إطاحته بابن عمه ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف.

وكشف تقرير لوكالة رويترز عن سبب ضغط ولي العهد السعودي على الجبري للعودة من كندا حيث يعيش إلى السعودية، وقالت أربعة مصادر إن أنظار ولي العهد تنصب على وثائق متاحة للجبري تتضمن معلومات حساسة.

وقال التقرير إنه عندما شرع الأمير محمد بن سلمان في إحكام قبضته على السلطة خلال الأعوام القليلة الماضية اعتقل عدداً من كبار أفراد الأسرة الحاكمة والشخصيات المعارضة، لكن مسؤول المخابرات السابق سعد الجبري ظل يراوغه، وبقي لفترة طويلة مساعداً للأمير محمد بن نايف الذي كان ولياً للعهد وأطيح به من ولاية العهد في انقلاب قصر في 2017.

وأكدت أسرة الجبري أنه بعد أيام من اعتقال الأمير محمد بن نايف ألقت السلطات السعودية القبض على اثنين من أبناء الجبري، هما عمر (21 عاماً) وسارة (20 عاماً)، في مداهمة ساعة الفجر لبيت الأسرة في العاصمة الرياض.

وأعقب ذلك اعتقال شقيق مسؤول المخابرات السابق في أوائل مايو/ أيار الماضي. وأكد ثلاثة من المصادر المطلعة على الأمر احتجاز أقارب الجبري.

وتعتقد المصادر الأربعة المطلعة أن ولي العهد يعتقد أن بإمكانه استخدام الوثائق الموجودة بحوزة الجبري ضد منافسيه الحاليين على العرش، ويخشى أيضاً أن تتضمن هذه الوثائق معلومات إضافية قد تمسه هو ووالده الملك.

وتتضمن الوثائق معلومات عن أرصدة وممتلكات الأمير محمد بن نايف في الخارج، وهو ما قد يفيد الأمير محمد بن سلمان في الضغط على سلفه، بالإضافة إلى ملفات حساسة متاحة للجبري تتعلق بالمعاملات المالية لأفراد كبار في الأسرة الحاكمة، من بينهم الملك سلمان وابنه ولي العهد.

كما تتضمن الوثائق أيضاً معلومات تتعلق بصفقات أراضٍ ومعاملات تتعلق بالملك سلمان في الفترة التي كان فيها أميراً للرياض، وهو منصب أمضى فيه قرابة أربعة عقود قبل ارتقاء العرش في عام 2015.

أسباب المطاردة

وأجابت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها، عن سبب مطاردة ولي العهد السعودي الجبري، قائلة: إنه "يعرف مكان دفن الأسرار".

وأشارت الصحيفة إلى أن عمل الجبري في الداخلية السعودية طويلاً جعله منغرساً في العديد من القضايا الحساسة الداخلية والخارجية.

وأكد ضابط سابق في الاستخبارات الأمريكية لنيويورك تايمز، أن جهاز المراقبة الواسع للداخلية السعودية ربما أعطى الجبري كنزاً من أسرار المملكة، بما في ذلك أنشطة أفراد العائلة المالكة ومخططات الفساد والجريمة، وجعله مطلعاً على معلومات ربما تكون حساسة لأفراد العائلة المالكة وغير مريحة للأمير نفسه.

وترى الصحيفة أن مشكلة الجبري ربما تكمن في أنه كان حليفاً قوياً لمنافس بن سلمان، الأمير محمد بن نايف.

ويقول مراقبون سعوديون ودبلوماسيون إن الأمير محمد ازداد قلقه على وضعه في الداخل والخارج في أعقاب مقتل خاشقجي.

من جانبها كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن وجود دور محتمل للإمارات في قضية سعد الجبري، وذلك من خلال تقرير مطول استند إلى مصادر سعودية وبريطانية.

وتحدثت الصحيفة عن دور محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي الذي أعرب عن شكوكه إزاء الجبري خلال زيارته لمحمد بن سلمان في أبريل/نيسان 2015، عندما حذره من وجود علاقات سرية بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين .

وذكر ديفيد إيجناتيوس الكاتب في الشؤون الخارجية بالصحيفة أن "أكثر ما يُسبب الرعب في قلوب ضباط المخابرات هو تخلي الأصدقاء الذين شاركوهم الحرب ضد الأعداء المشتركين، فيتولد لديهم شعور بالخيانة الوحشية وتحطم الثقة".

من هو سعد الجابري؟

عندما تولى الملك سلمان العرش في يناير/كانون الثاني 2015 عين سعد الجبري (61 عاماً) في منصب وزير دولة، وأصبح الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد في أبريل/نيسان 2015.

وأصبح سعد الجبري مستشاراً شخصياً للأمير محمد بن نايف، وهو منصب ظل يشغله حتى الإطاحة بالأمير من منصبي ولي العهد ووزير الداخلية في يونيو/حزيران 2017.

وقد درس الجبري في جامعة أدنبرة هندسة الكمبيوتر تخصص ذكاء صناعي، وحصل على شهادة الدكتوراه منها قبل أن يلتحق بوزارة الداخلية، وظل فيها لمدة أربعة عقود حيث ارتقى السلم الوظيفي ليتم منحه رتبة لواء، وكان اليد اليمنى لوزير الداخلية وولي العهد السابق محمد بن نايف الذي يقبع حالياً في السجن.

في ذلك الوقت، كانت العلاقات بين الجبري والأمير محمد بن سلمان طيبة، لكنها سرعان ما ساءت وساهم في ذلك خصوم مقربون من الأمير محمد زعموا أن الجبري عضو في جماعة الإخوان المسلمين.

وكان للجبري مهمات خارجية، إذ كان خبيراً في الذكاء الصناعي، وأدى أدواراً رئيسة في معركة المملكة مع القاعدة، وفي تنسيقها الأمني مع الولايات المتحدة، لكن مهمته الداخلية انتهت كضحية للصراع بين أميرين قويين.

ففي عام 2015 فوجئ الجبري بالتلفزيون السعودي يعلن إقالته من وظيفته، بسبب لقائه مدير المخابرات الأمريكية السابق جون برينان من دون معرفة محمد بن سلمان.

واستطاع الجبري بطريقة ما السفر إلى الولايات المتحدة، وكان فيها عندما أعلنت استقالة بن نايف من ولاية العهد، ولم يشعر الجبري بالأمان تحت إدارة ترمب خوفاً من تسليمه إلى بن سلمان، لذا انتقل إلى كندا.

وأشار خبراء لوكالة الأناضول، إلى أن شبح الجبري ربما كان في خلفية الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين السعودية وكندا في أغسطس/آب 2018، وهو ما دفع ابنه ومسؤولين أمريكيين سابقين إلى القول إن الأمير محمد بن سلمان اعتقل أسرة الجبري لإجباره على العودة إلى السعودية، لأنه يخشى ترك شخص مثله يمتلك كماً ضخماً من المعلومات السرية بعيداً عن قبضته.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً