وفاة الشيخ يوسف القرضاوي الأمين العامّ المؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (Reuters)
تابعنا

أعلن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الاثنين، وفاة المؤسس الشيخ يوسف القرضاوي عن عمر ناهز 97 عاماً.

وقال الاتحاد عبر حسابه الرسمي على فيسبوك: "انتقل إلى رحمة الله سماحة الإمام يوسف القرضاوي، الرئيس المؤسّس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي وهب حياته مبيناً لأحكام الإسلام".

وأضاف: "فقدت الأمة الإسلامية عالماً محققاً من علمائها المخلصين الأفاضل، نسأل الله العلي القدير أن يغفر له ويرحمه رحمة واسعة ويعفو عنه".

نشأة عريقة

وُلد يوسف القرضاوي في 9 سبتمبر/أيلول 1926 بقرية صفت تراب شمالي مصر، التي اشتهرت باحتوائها على قبر آخر الصحابة موتاً بمصر عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي.

أتمّ حفظ القرآن الكريم وأتقن أحكام تجويده وهو دون العاشرة من عمره، والتحق بمعاهد الأزهر الشريف فأتمّ فيها دراسته الابتدائية والثانوية وكان ترتيبه في الشهادة الثانوية الثاني على المملكة المصرية آنذاك، رغم ظروف اعتقاله في تلك الفترة.

التحق القرضاوي بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، ومنها حصل على "الإجازة العالية" عام 1953، وكان ترتيبه الأول، ثم حصل على " الإجازة العالمية" مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية عام 1954، وكان ترتيبه الأول أيضاً، وفي 1958 حصل على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية في اللغة والأدب.

وفي 1960 حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين، وفي 1973 حصل على الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى من نفس الكلية ببحث حول الزكاة وأثرها في حل المشكلات الاجتماعية.

عمل فترة بالخطابة والتدريس في المساجد، ثم أصبح مشرفاً على معهد الأئمة التابع لوزارة الأوقاف في مصر، ونُقل بعد ذلك إلى الإدارة العامة للثقافة الإسلامية بالأزهر الشريف للإشراف على مطبوعاتها.

نشاط علمي

عام1961 أُعيرَ القرضاوي إلى قطر عميداً لمعهدها الديني الثانوي، وفي سنة 1973 ترأّس قسم الدراسات الإسلامية بكلّيتَي التربية للبنين والبنات نواة لجامعة قطر.

وفي 1977 تولّى تأسيس وعمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، وظل عميداً لها إلى نهاية العام الجامعي 1989/1990.

وأُعيرَ من قطر إلى الجزائر في العام الدراسي 1990/1991 ليترأّس المجالس العلمية لجامعتها ومعاهدها الإسلامية العليا، ثم عاد إلى عمله في قطر مديراً لمركز بحوث السنة والسيرة.

وكان القرضاوي ضيفاً دائماً على أحد أهمّ البرامج الدينية وهو "الشريعة والحياة" بقناة الجزيرة القطرية لسنوات طويلة.

كما شغل منصب رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عقب تأسيسه عام 2004 ليخلفه بعدها المغربي أحمد الريسوني عام 2018.

حياة حافلة

اشتغل القرضاوي منذ فجر شبابه بالدعوة عن طريق الخطب والمحاضرات والدروس والأحاديث، والسفر بمحافظات مصر وأقطار عربية، وساعده على ذلك اتصاله المبكّر بحركة الإخوان (تأسست عام 1928 بمصر)، وتعرّف خلالها على مؤسسها حسن البنا (1906-1949).

وتَعرَّض القرضاوي وقتها للاعتقال عدة مرات، أولاها عام 1949، وأخرى عام 1954، ثم في نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام حين استمر اعتقاله نحو 20 شهراً، وكذلك في 1963.

وعقب الإطاحة بحكم الرئيس المصري حسني مبارك (1981-2011) بعد اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني 2011، عاد القرضاوي إلى مصر ليقود صلاة الجمعة بميدان التحرير في فبراير/شباط 2011 بمشاركة نحو 3 ملايين شخص.

وفي مايو/أيار 2013 زار القرضاوي غزة، في أول زيارة منه للقطاع منذ بدأت إسرائيل حصاره قبل أكثر من 6 سنوات آنذاك، والثالثة في حياته.

أصبح عضواً في كثير من المجالس والمراكز والمؤسسات العلمية والدعوية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية في العالم الإسلامي، مثل المجلس الأعلى للتربية في قطر ومجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في إفريقيا ورابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ومنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ومجلس أمناء الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد، ومجلس أمناء مركز الدراسات الإسلامية في أكسفورد، ورابطة الأدب الإسلامي بالهند، و غيرها من المؤسسات.

مؤلفات وجوائز

ونشط القرضاوي في مجالات التأليف العلمي والدعوة والفقه والفتوى والمؤتمرات والندوات والمحاضرات والاقتصاد الإسلامي والعمل الاجتماعي، حتى أصبح "مرجعاً من المراجع المعتمدة لدى كثير من المسلمين".

كان صاحب فتوى تقول سيرته الذاتية إنها تقوم على التيسير لا التعسير، والاعتماد على الحجة والدليل، والتحرُّر من العصبية والتقليد، ومخاطبة الناس بلغة عصرهم.

ومن كتبه الشهيرة كتاب "الحلال والحرام في الإسلام"، ووفق سيرته الذاتية "انتشر الكتاب انتشاراً منقطع النظير في العالم العربي والإسلامي، وطُبع ما لا يقلّ عن أربعين مرة بالعربية، وبلغات أخرى منها التركية".

يُعرف عنه وقوفه في وجه "موجة التكفير"، ونشر في هذا رسالته التي سماها "ظاهرة الغلوّ في التكفير" التي طُبع منها عشرات آلاف النسخ، وتُرجمَت أيضاً إلى عدد من اللغات.

حصل الإمام الراحل على جوائز، منها جائزة البنك الإسلامي للتنمية في الاقتصاد الإسلامي، وجائزة الملك فيصل العالمية بالاشتراك في الدراسات الإسلامية، وجائزة العطاء العلمي المتميز من رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا لعام 1996.

كما حصل على جائزة السلطان حسن البلقية (سلطان بروناي) في الفقه الإسلامي لعام 1997.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً