دومينيك فيدال Dominique Vidal (صحفي وكاتب مقالات فرنسي متخصص في القضية الفلسطينية) (Others)
تابعنا

لم تعُد القضية الفلسطينية قضية جيوسياسية ذات أولوية منذ بضع سنوات، بخاصة بعد اندلاع الحرب على أوكرانيا. في المقابل تصعّد إسرائيل انتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلّة على مرأى من الجميع.

في سياق آخر، توصلت الفصائل الفلسطينية إلى اتفاق مهمّ قبل أيام قليلة في الجزائر، يتمثل في مشروع لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية لعام 2023.

كيف يمكن لاتفاق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية تغيير الوضع في فلسطين؟

لا أعتقد أن الاتفاق سيغير شيئاً من قواعد اللعبة. هي ليست إلا محاولة جديدة من السلطات الجزائرية لتحريك المياه الراكدة، ويجب أن تُشكَر على ذلك، إلّا أنها ليست محاولتها الأولى ولن تكون الأخيرة، فالفجوة عميقة جدّاً حتى الآن، بخاصة بين فتح وحماس، ولا أظن أنه يمكن ردمها بهذه السرعة.

وأرى أن الانقسام الفلسطيني الداخلي أحد العوامل الكبيرة المساعدة على تنفيذ المشروع الاستعماري الإسرائيلي، خصوصاً منذ ترمب.

وإذا كان بإمكاني إضافة تعليق ما، فسأقول إن المشكلة بين فتح وحماس والفصائل الأخرى تظلّ أقلّ من المشكلة بين كل هذه الفصائل والشعب الفلسطيني.

ولعل ما رأيناه في ربيع عام 2021 يشهد على ذلك، فعندما حدثت الانتفاضة العظيمة التي قادها الشباب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وغزة، شعرنا أن هذه الثورة وإن كانت موجهة ضد إسرائيل، فقد كانت موجهة أيضاً ضدّ المسؤولين الفلسطينيين.

فكلنا نتذكر أن الفلسطينيين أصابهم غضب عارم لم يهدأ حين أعلن محمود عباس تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية التي كان من المقرَّر إجراؤها في صيف 2021.

أعتقد أننا في وضع لا تستطيع فيه القوتان الفلسطينيتان (فتح وحماس) تقديم نفسيهما كقوتين للمقاومة في الضفة الغربية، بخاصة في غزة، لذلك هناك رغبة في تجديد القيادة وتغييرها.

يعيدنا تصريح الجزائر (المتعلق بإجراء انتخابات الرئاسة وتجديد المجلس التشريعي الفلسطيني في أكتوبر 2023) إلى المشهد السياسي الفلسطيني، فهل تستطيع هذه الأجندة السياسية سدّ الفجوة الواضحة بين الطبقة السياسية والشعب الفلسطيني؟

السبيل الوحيد للخروج من الأزمة بين الطرفين هو الانتخابات، ويُشترط في هذه الانتخابات أن توافق عليها إسرائيل، وأن تُنظَّم بنزاهة وشفافية.

ومن المؤكد أن العملية تتطلب مراقبين دوليين للسماح من أجل إجبار إسرائيل على قبول التصويت، وفرض احترام الفصائل الفلسطينية تصويت الفلسطينيين.

ولعل ما أدهشني عام 2021 أن 93% من الفلسطينيين مُسجَّلون في القوائم أجّل محمود عباس الانتخابات، أي إنه كانت هنالك رغبة واضحة في التغيير، بخاصة مع وصول جيل أصغر من جيل محمود عباس إلى السلطة.

ومن الضروري هنا أن يتدخل المجتمع الدولي لتنظيم هذه الانتخابات والسماح بالتجديد السياسي الذي يرغب فيه الشعب الفلسطيني.

ما رأيك في بيان حكومة يائير لبيد في الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين؟

لبيد هو ملك اللعبة المزدوجة. لقد قدمت حكومته نفسها في يونيو/حزيران 2021 على أنها حكومة التغيير، ولكنها لم تغير أي شيء يتعلق بفلسطين، بل إن حكومته قتلت أكثر من أي حكومة إسرائيلية قبلها.

لقد قُتل حتى اليوم 179 فلسطينياً، بينهم خمسون قاصراً. ومنذ 1 يناير/كانون الثاني من هذا العام الحالي يُقتل ما يعادل فلسطينياً واحداً كل يوم.

يجب تسليط الضوء على القمع غير المسبوق الذي تنفّذه إسرائيل ضد الفلسطينيين مستفيدة من الحرب الأوكرانية لتضليل المجتمع الدولي، وهذا هو حالها دائماً، فلطالما استغلّ قادة إسرائيل الأزمات و حالات الحرب.

من نتائج جرائم الحرب في أوكرانيا تهميش القضية الفلسطينية، هذا لا يعني أن لا نتضامن مع الأوكرانيين، فما يدافعون عنه هو نفسه ما يدافع عنه الفلسطينيون: الحقّ في تقرير المصير، والحقّ في الاستقلال، والحقّ في العيش بسلام وأمن.

وفي النهاية، لن أقول إننا نعطي أوكرانيا اهتماماً أكثر مما يجب، بل سأقول إننا لا نعطي القضية الفلسطينية اهتماماً كافياً.



TRT عربي