في تصعيد جديد أعلنت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية (Regis Duvignau/Reuters)
تابعنا

تطور آخر في مسلسل الأزمة بين البلدين الجارين هو ما أفصح عنه قرار الجزائر القاضي بإغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المغربي.

في تصعيد وصفته وسائل الإعلام الدولية بـ"المفاجئ"، أعلنت الرئاسة الجزائرية في بلاغ لها أن "مجلس الأمن الأعلى" للبلاد قرَّر "الغلق الفوري للمجال الجوي الجزائري على كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، التي تحمل رقم تسجيل مغربياً، ابتداءً من (أمس) الأربعاء".

وأضاف المصدر نفسه أن عبد المجيد تبون، بصفته رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني، ترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن الذي خُصّص "لدراسة التطورات على الحدود مع المملكة المغربية، بالنظر إلى استمرار الاستفزازات والممارسات العدائية"، وفق صياغة البلاغ، قبل أن يتَّخد قراره منع الطائرات المغربية والطائرات الحاملة للترقيم المغربي من المرور عبر أجواء بلاده لتلك الاعتبارات.

خسائر وبدائل وردود فعل!

كان أول رد مغربي على القرار الجزائري تصريحاً لمسؤول بـ"الخطوط الجوية الملكية" المغربية، قال إن إغلاق المجال الجزائري "سيؤثر في مسار 15 رحلة أسبوعياً".

هذه الرحلات المتوجهة إلى كل من تونس وتركيا ومصر، نفى المتحدث أن يكون الضرر بها كبيراً، مشدداً على أنها "قد تغيّر مسارها لتمر فوق البحر المتوسط" كحل للمشكلة التقنية.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي استغرب ناشطون مغاربة وجزائريون قرار ساكن قصر المرادية.

واعتبر الناشط السياسي الجزائري شوقي بن زهرة بأن الإجراء "ضرب مباشر للشعبين قبل كل شيء" لكون "من يعملون أو لهم عائلات في البلد الآخر ستتحول حياتهم إلى جحيم أكثر من السابق"، حسبما يورد في منشور على صفحته الرسمية.

وأضاف: "دون الحديث عن ضرب استقرار المنطقة وكل هذا من أجل أن يحول النظام الجزائري النظر عن الوضع الاجتماعي والسياسي الكارثي ويلهي الشعب عن الأزمات المتعاقبة".

ويأتي القرار الأخير في خضم أزمة بين البلدين أدت في 24 أغسطس/آب الماضي إلى إعلان الجزائر قطع علاقتها الدبلوماسية مع المغرب، تعهَّد وزير الخارجية الجزائري رمطان عمامرة وقتها بأن آثار تلك القطيعة لن تصل إلى المدنيين من الشعبين.

فيما يرى عدد من المراقبين أن للقرار الأخير انعكاساته السيئة على الشعبين، مما يلحق بموجبه من تعطيل لمصالح الناس واتساع التمزق الذي تعرفه العائلات أساساً بسبب غلق الحدود البرية لـ27 سنة.

وهو الأمر الذي يؤكده الصحفي الجزائري مولود الصياد في حديثه إلى TRT عربي، الذي قال إن "النسيج الاجتماعي في المناطق الحدودية المغربية-الجزائرية متقارب، فيوجد العديد من الجزائريين المتزوجين من مغربيات والعديد من المغاربة المتزوجين من جزائريات، كما توجد يد عاملة مغربية كبيرة في الجزائر ويد عاملة جزائرية تعيش في المغرب. هؤلاء من سيدفعون حقيقة ثمن هذا القرار".

ما مستقبل العلاقة بين البلدين؟

لا يتوقع الصحفي الجزائري انفراج الأزمة "على المستوى القريب أو البعيد"، مضيفاً: "الأمور في تقديري ستظل على ما هي عليه حتى نهاية الولاية الرئاسية الحالية في 2024، وبعده يمكن أن يكون انفراج لكنه سيظل رهيناً بشخصية الرئيس الجديد وإذا ما انتخب تبون لعهدة ثانية".

وعن ما بعد التصعيد يبدي صياد قلقه مما يمكن أن يقع، مشدداً على أنه "سيستمر التصعيد لكن لا أحد يعلم إلى أي مدى يمكن أن يصل في الأيام القادمة".

في المقابل وإثر إعلان الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب سعى عدد من الدول العربية، ضمنها المملكة العربية السعودية وقطر ومصر، للتوسط في سبيل خفض التوتر بين البلدين الجارين.

مساعٍ أجاب عنها وزير الخارجية الجزائري رمطان عمامرة بأن القرار كان "سيادياً وصارماً للجزائر" وأن "التفكير في أي مبادرة مهما كانت طبيعتها يعتبر اختزالياً وسطحياً".

وأطلق المجتمع المدني المغربي والجزائري مبادرة يطالب فيها الأنظمة السياسية للبلدين بـ"الاحتكام إلى العقل" و"وقف التصعيد".

وقَّع أزيد من 200 شخصية من البلدين عريضة دعوا فيها لـ"وقف التصعيد وتوطيد أواصر المحبة والتعاون، ودكّ دعوات المواجهة والعداء، وبناء الغد المشترك الواعد".

وأعلن الموقعون وهم مثقفون وأكاديميون وناشطون في المجتمع المدني رفض "هذه الوضعية المؤدية إلى مواجهة غير طبيعية تتنافى مع مصالح الشعبين والمنطقة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً