تابعنا
في السادس من فبراير/شباط الماضي ضرب زلزال مزدوج المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا وأدى إلى مقتل نحو 50 ألف شخص فضلاً عن مئات الآلاف من المصابين، وبلغت شدة الزلزالين 7.7 و 7.6 درجة على مقياس ريختر، وخلّفا دماراً هائلاً في الممتلكات والبنية التحتية.

في السادس من فبراير/شباط الماضي ضرب زلزال مزدوج المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا وأدى إلى مقتل نحو 50 ألف شخص فضلاً عن مئات الآلاف من المصابين، وبلغت شدة الزلزالين 7.7 و 7.6 درجة على مقياس ريختر، وخلّفا دماراً هائلاً في الممتلكات والبنية التحتية.

وبالتوازي مع المساعدات الإنسانية التي قدمتها دول العالم، على مستوى الحكومات والشعوب، لإغاثة ضحايا الزلزال العنيف، الذي ضرب أيضاً شمال غرب سوريا، استغل الفنانون حول العالم أناملهم لإنتاج رسومات فنية مستوحاة من وقع الكارثة، تحاكي دماء الضحايا التي سالت تحت الأنقاض، ليبقى الفن شاهداً حياً على واحدة من أقسى الكوارث الإنسانية في العالم.

لوحات بهدف الإغاثة

بخلفية سوداء يتوسطها قبر أبيض وشاهدة حفر عليها بالإنجليزية "تركيا وسوريا" وتاريخ ذلك اليوم الأليم، يعلوها عصفور تسيل الدموع من عينيه على ضحايا الزلزال، هكذا تفاعل رسام الكاريكاتير الفلسطيني المقيم في الدنمارك، سليم عاصي، مع هول الحدث، فلاقت لوحته انتشاراً على منصات التواصل الاجتماعي.

ويقول الفنان عاصي في حديث إلى TRT عربي: "بصفتي رساماً ألتزم فني وتحت عنوان الفن المقاوم عادة أسلط الضوء بلوحاتي على المواضيع الوطنية والإسلامية والإنسانية. ويعتبر الزلزال الذي خلّف آلافاً من الضحايا والمشردين من أكبر الكوارث المروعة التي يندى لها الجبين، مما استدعى وقفة إنسانية وأخلاقية مسؤولة لدى أصحاب الضمائر في العالم".

ويستكمل الفنان الفلسطيني: "ومن هذا المنطلق كان من البديهي أن أنقل الحدث من خلال رسومات، هي صغيرة بحجمها لكن كبيرة بمعناها لما تحمله من تعبير عن المشاعر الإنسانية تجاه الضحايا، ومن شأن ذلك أن يحفز الآخرين على الوقوف عند مسؤولياتهم وواجباتهم تجاه ضحايا الكارثة".

ويضيف عاصي: "مما لا شك فيه أن للفن دوراً هاماً في نقل الصورة وتحفيز الآخرين على التفاعل مع الأحداث وخاصة الكارثية منها والتي تتعلق بالأرواح والمنكوبين، وهي غير قابلة لاختلاف وجهات النظر".

بخلفية سوداء يتوسطها قبر أبيض وشاهدة حفر عليها بالإنجليزية "تركيا وسوريا" وتاريخ ذلك اليوم الأليم، يعلوها عصفور تسيل الدموع من عينيه على ضحايا الزلزال، هكذا تفاعل رسام الكاريكاتير الفلسطيني المقيم في الدنمارك، سليم عاصي، مع هول الحدث (Others)

"هنا يعمل الفن بأنواعه كافة على ملامسة قلوب الآخرين وتحريك مشاعرهم، محدثاً تأثيراً قد يصل إلى مد العون والإغاثة، فالفن يلعب دوراً هاماً في الميادين الاجتماعية والسياسية والإنسانية" حسب عاصي.

ويرى الفنان عاصي أن "اللوحة الفنية يمكن أن تكون أسرع من مقال في صحيفة أو نشرة أخبار في إرسال الرسالة إلى متلقيها، لا سيّما أن الرسم لغة عالمية وليس بحاجة إلى ترجمة فكل الشعوب تفهم المعنى المراد من خلال اللوحة بخطوطها وألوانها".

عُرِف الفنان سليم عاصي بتكريس لوحاته في دعم القضايا الإنسانية، ومؤخراً عمل على رسم عديد من اللوحات الفنية التي جسدت ما خلّفه زلزال تركيا من كوارث إنسانية، وتبرع ببعضها لإحدى الحملات الخيرية في الدنمارك وبيعت سريعاً وخصص ريعها لضحايا الزلزال.

وعلى غرار الفنان سليم عاصي، نظم مجموعة من الرسامين العراقيين معرضاً فنياً في مرسم الغدير للفنون التشكيلية بالبصرة لنقل حجم الكارثة التي حلّت بالضحايا ونقل معاناتهم وتحفيز الناس على إغاثة المتضررين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم.

وتضمنت اللوحات العديد من الرسائل الفنية الإنسانية التي تجسد المأساة، كأشخاص عالقين بين السماء والأرض أو لا يزالون تحت الأنقاض، أو أشخاص فجعوا عندما رأوا البيوت مُهدّمة على ذويهم.

كاريكاتيرات رقمية وطوابع بريدية

وفي لوحة حزينة تضم فتاة باكية تحضن الكرة الأرضية وتتوسطها تركيا وسوريا نقلت الشابة الفلسطينية شيماء شبيب معاناة المنكوبين إلى العالم، مُرفِقة اللوحة الرقمية بعبارة: "اللهم ارفع عنا الزلازل والمحن".

ابنة بلدة برقة بقضاء نابلس وهي ناشئة في عالم الفن الورقي والرقمي، عبرت عن حزنها للمصاب الأليم برسمة كاريكاتير بسيطة هي واحدة من عشرات الرسومات التي خُطت في فلسطين ونقلت معاناة منكوبي زلزال تركيا إلى العالم.

وفي حديث إلى TRT عربي، قالت شيماء إنها "من بين فنانين فلسطينيين كثيرين حاولوا تسليط الضوء على الكارثة من خلال رسوماتهم الكاريكاتيرية، فكان لأعمالهم صدى في نفوس الشعب الفلسطيني أولاً، ثم شعوب العالم كافة". واستكملت: "كما كان لهذه الأعمال الفنية حضور وتأثير قوي في العالم العربي، وأسهمت في التوعية بأهمية مساعدة الشعوب المتضررة وجمع التبرعات و المساعدات لهم".

وتعتبر شبيب أن "الفن من أبلغ الوسائل للتعبير، فهو يسعى لنصرة الحق وإنصاف المظلومين وكل من يستحق التضامن، وأحياناً يكون أبلغ من الصحف و الجرائد في توثيق الأحداث و إيصال الرسالة". فعلى الرغم من بساطة أفكاره فهو ذو حضور وتأثير قوي على المجتمعات وقادر على إيصال الفكرة بسهولة إلى المشاهد مهما كان عمره أو جنسه أو جنسيته، وهذا هو ما يُبقي الفن شاهداً على الحدث بعد كل مناسبة أو ذكرى، وفق قول شبيب.

أعلن وزير الإعلام الجيبوتي المكلف البريد والاتصالات، رضوان عبد الله بهدون، خلال لقائه السفير التركي في بلاده صدور طابع خاص تخليداً لذكرى ضحايا الزلازل في تركيا. (Others)

وتضيف الفنانة الكاريكاتيرية: "كثير من فناني الكاريكاتير المتضامنين مع الضحايا تصدروا صفحات منصات التواصل الاجتماعي بأعمالهم عن الزلازل، وأسهموا في وصول صدى الكارثة إلى جميع أنحاء العالم".

جذبت تلك اللوحات تعاطف المشاهدين مشكِّلة عنصر قوة في جمع التبرعات لصالح المنكوبين وإعادة بناء المباني والمستشفيات عوضاً عن التي سواها الزلزال، وهنا يمكن أن نقول أن الفن يحاول مسح الحزن عن الشعوب المتضررة وإظهار التعاطف والتضامن معهم، حسب شبيب.

ولم يقتصر هذا الدعم على فناني اللوحات والرسومات الكاريكاتيرية فقط، بل وصل إلى الطوابع الرسمية للدول، إذ أعلن وزير الإعلام الجيبوتي المكلف البريد والاتصالات، رضوان عبد الله بهدون، خلال لقائه السفير التركي في بلاده صدور طابع خاص تخليداً لذكرى ضحايا الزلازل في تركيا.

وستذهب إيرادات بيع الطوابع إلى الحساب الخاص بضحايا الزلازل في تركيا.

TRT عربي
الأكثر تداولاً